الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥٤ - السبت ٢٨ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٧ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

المال و الاقتصاد

نظرة مستقبلية على السلع الأساسية في الربع الثاني
أسواق النفط تتطلع إلى التوازن الصحيح.. والمستثمرون في الذهب مستعدون للتحدي





ستواجه أسواق الطاقة طريقاً وعرة في المستقبل مع تسبب الظروف الجيوسياسية مجدداً، تماماً كما حدث السنة الماضية في ليبيا في تأزيم طبيعة أسواق النفط غير القابلة للتنبؤ بها أصلاً. كما كان الوضع عليها من تزايد حدة التوترات بين الغرب وإيران بشأن نوايا إيران النووية خلال الربع الأول كذلك كانت أسعار النفط الخام إلى حد يمكن أن تُغير في نهاية المطاف النظرة المستقبلية على الاقتصاد العالمي. ومع التراجع التدريجي في العرض وتزايد الطلب، وخاصة بين دول الأسواق الناشئة، فقد تمحور التركيز بصورة رئيسية على قدرة العربية السعودية على مواصلة زيادة إنتاجها حيث أنها المصدر الوحيد الذي يقوم حالياً بسد النقص في أي قدرة استيعابية على الإنتاج الاحتياطي (والتي تُقدر أن تُقارب ٢ مليون برميل يومياً).

شهدت أسعار خام برنت، وهو المرجع العالمي بالنسبة إلى التعاملات النفطية، نشاطاً بنسبة ١٨ بالمائة خلال الربع الأول ليصل إلى أعلى مستوى له منذ ٢٠٠٨. كما شهد الطلب ارتفاعاً على الرغم من ارتفاع الكلفة على المستهلكين، وخاصة في دول منطقة اليورو والمملكة المتحدة وتركيا حيث أدى ضعف عملاتها إلى تسجيل أرقام قياسية في أسعار النفط. كما أسهم في هذا الارتفاع المتداولون المضاربون وذلك من خلال إيجاد مواقع مضاربة بعيدة المدى. على الرغم من زيادة الإنتاج الليبي والعراقي، فقد تعرض الجانب المتعلق بالعرض لمصاعب ناجمة عن العديد من حالات التوقف البسيطة في بحر الشمال والسودان وسوريا واليمن والأهم من ذلك تراجع الإنتاج الإيراني بسبب العقوبات المفروضة عليها. لقد أسهم هذا التراجع في العرض في تراجع المستويات المتوافرة من القدرة الاحتياطية، بصورة وخاصة من العربية السعودية، واقتربت السوق وبشكل خطير خلال الربع الأول إلى نقطة التوازي بين العرض والطلب.

سيكون بمقدور أسواق النفط استيعاب الصدمات التي يتعرض لها العرض مع توافر الكثير من الاحتياطي، في حين يبقى السؤال المهم خلال الأشهر القادمة يدور حول كيفية تحقيق ذلك. إن الارتفاع الحاد والمستمر في كُلفة الطاقة سيُحدث في نهاية المطاف نقلة أساسية مع بدء تراجع الطلب. ومع وجود العديد من المستهلكين في الكثير من الدول ممن كانوا يدفعون خلال أوقات الذروة أكثر من أي وقت آخر خلال ٢٠٠٨، فقد بدأ الإحساس بذلك يظهر بشكل بطيء. إن سعر المازوت المباع بالتجزئة في الولايات المتحدة يقترب وبشكل متسارع من حاجز ٤ دولارات للجالون، ويتوقع أن يرتفع ليسجل رقماً قياسياً جديداً مع انطلاقة الربع الذي يقود لارتفاع الطلب هذا الصيف. وهذه الأخبار لن تكون مصدر سرور وارتياح للرئيس أوباما الذي سيصارع لإعادة انتخابه في وقت لاحق هذه السنة مع خشيته أن يُسيطر هذا الخبر على علامات التحسن التي يشهدها الاقتصاد.

وفي ظل غياب أي أحداث جيوسياسية إضافية، نعتقد أن سعر خام برنت يواصل نحو أعلى مستوى له بالنظر إلى أن ارتفاع كُلفة الطاقة بالنسبة إلى إجمالي الناتج المحلي سيبدأ بتسجيل أرقام مرتفعة أعلى فأعلى. ومع توقع أن تصل ليبيا إلى مستويات الإنتاج التي كانت عندها قبل اندلاع الحرب في أبريل، فإن إنتاج العراق وصل إلى أعلى مستوى له في ٣٠ عاماً كما رفعت الصين من أسعارها المحلية بنسبة سبعة بالمائة في مارس، يجب أن تبدأ القدرة الاحتياطية بالارتفاع ببطء تاركة أسواق النفط عن نقطة توازنٍ أفضل. ومع ذلك، لا بد للأسعار على المدى القريب أن تبقى مرتفعة نسبياً بالنظر إلى انخفاض مستويات القدرة الاحتياطية وتدني مستويات المخزونات في بعض المناطق لتحقيق توازن أفضل. وعلى هذا الأساس فإننا لا نرى أن سعر خام برنت سيصل إلى أقل بكثير من ١١٥ دولار للبرميل في الأشهر المقبلة مع بروز مخاطرة تدني الأسعار الرئيسية من الهجرة المحتملة للمستثمرين المضاربين بالنظر إلى الرقم القياسي المرتفع المسجل للمشاركة على المدى البعيد.

تحدي الذهب

أدى العديد من العقبات المفاجئة التي حدثت خلال الأشهر الستة الماضية إلى القضاء على بعض الضجة التي حدث سابقاً حول المعادن الثمينة، وخاصة الذهب. مع بداية الربع الثاني لا يزال المستثمرون مقبلين على الوضع الاقتصادي الأمريكي الذي يشهد تحسناً والذي يتحدى الآن المفهوم السائد من أن الاحتياطي الفيدرالي سيُبقي الأسعار متدنية خلال عام ٢٠١٤. وقد أدى ذلك إلى نقل التركيز من (وجود/غياب المخاطر) إلى (بدء النمو) وأفضى إلى ارتفاع عوائد السندات، الأمر الذي جعل الأصول التي لا تحمل فوائد، مثل المعادن الثمينة، منكشفة، وهو ما يمكن أن يشكل تحدياً للنظرة المستقبلية على المدى القريب.

ومع هذا، فإننا متفائلون بشأن النظرة المستقبلية بالنسبة إلى حدوث مزيد من الارتفاعات في الأشهر المقبلة نظراً لعدم استبعاد فرصة اتخاذ مزيد من الإجراءات من قبل الاحتياطي الاتحادي. لا تزال سوق المساكن الأمريكية تُظهر إشارة بسيطة على التحسن. وفي حال استمرت عوائد السندات بالارتفاع، سيتبع ذلك ارتفاع في دفعات الرهون العقارية، الأمر الذي يضع مزيداً من الضغط على مالكي المساكن. تواصل العديد من المصارف المركزية تجميع الذهب بغرض التنويع، في حين تم تحقيق تراجعات سابقة من خلال الطلب الفعلي القوي، وهو ما نتوقع أن يستمر. إن الطلب على الاستثمارات من خلال المنتجات المتداولة في البورصات، والمصنفة على أنها ممتلكات طويلة الأجل، يواصل ارتفاعه مع اشتداد عمليات البيع خلال التراجعات التي وقعت مؤخراً. خفَّض المستثمرون الانتهازيون، مثل صناديق التحوط، الانكشاف، مما فسح المجال أمامها لتتراكم مع عودة الارتفاع إلى الواجهة.

مع وصوله تقريباً إلى الهدف المحدد وهو ١,٨٠٠ في الربع الأول، نتوقع أن يحصل الذهب على دعم خلال الجزء الأول من الربع الثاني مع بقاء التركيز بشكل كبير على البيانات الاقتصادية الأمريكية والاحتياطي الاتحادي. إن استمرار ارتفاع الدولار من شأنه أن يُحدث تياراً عكسياً في وقت مبكر عند تركه مكشوفاً على مزيد من الضغط سلبي التأثير قبل دعمه. سيجد المستثمرون أن هذا الربع يضع الكثير من التحديثات، ولكننا نعتقد أنهم سيكونون مستعدين له وأنهم سيعيدون الذهب إلى مستوى ١,٨٠٠ وما بعده في وقت لاحق من هذا العام. إن سيناريو (بدء النمو) يمكن أن يحقق أفضل أداء له مع عودة السعر في نهاية المطاف إلى أن يتخطى سعر الذهب للمرة الأولى خلال ستة أشهر. يبقى الفضة مقياس حساسية ارتفاع الذهب ويمكن أن يُشكل أيضاً تحدياً محتملاً للذهب على أساس نسبي، بالنظر إلى خصائصه شبه الصناعية.

تباطؤ الأعمال في الصين

بعد الارتفاع الكبير الذي حدث في يناير، سادت المعادن الصناعية حالة من الفتور بالنسبة إلى الإشارات الناشئة عن تباطؤ النشاط الاقتصادي في الصين. مع تداوله على الهامش منذ يناير الماضي، سيواجه القطاع بعض التيارات العكسية مع دخولنا الربع الثاني. إن بنى المخزونات المحلية القوية للسلع المرتبطة بالإنشاءات، مثل النحاس والحديد، تسببت في مخاوف بشأن حجم التباطؤ. بالنظر إلى أن الصين تمثل أكثر من ٤٠ بالمائة من الاستهلاك العالمي وأكثر من ٥٠ بالمائة من نمو الاستهلاك العالمي بالنسبة إلى المعادن الصناعية الرئيسية، فإن النظرة المستقبلية بالنسبة إلى هذا البلد يمسك بمفتاح التطورات التي ستشهدها الأسعار على المدى القريب.

وفي حين أننا نتوقع أن يكون الطلب على النحاس، المعدن الأساسي الأكثر استخداماً، ضعيفاً نوعاً ما يُحتمل أن تُبقي المشاكل مع الموردين الأسعار محصورة ضمن نطاقها خلال الربع الثاني. سببت مخرجات بعض الدول المنتجة الرئيسية الإحباط ويرجع السبب في ذلك إلى طيف من الأسباب تتعلق بالمنازعات العمالية وسوء الأحوال المناخية ومسائل فنية والتراجع العام في تصنيف المعادن الخام مع وصول بعض المناجم الرئيسية إلى مرحلة النضوج. في حين أن المستثمرين المضاربين يدخلون الربع الثاني بالنسبة إلى النحاس بمراكز قوية إلا أن الريبة تسلط عليها الضوء حقيقة أن المركزين الرئيسيين على المدى القريب والبعيد يحتفظ بها حالياً النحاس عالي الدرجة.

وعلى هذا الأساس، نتوقع أن يتداول النحاس عالي الدرجة ما بين ٣,٦ دولارات و٤,٠ دولارات للباوند، ولكن بالنظر إلى النظرة المستقبلية الضعيفة نسبياً، فإن المخاطرة تميل إلى التأثير السلبي لذلك الطيف.

المحاصيل ترزح تحت الضغط

تسبب تدني مخزون فول الصويا جراء موجة الجفاف التي اجتاحت البرازيل والأرجنتين بزيادة الطلب على الصادرات بالنسبة إلى البقوليات التي تنتجها الولايات المتحدة وأدى إلى ارتفاع الأسعار. ونتيجة لذلك، فقد جاء أداء فول الصويا أفضل من أداء الذرة (المحصول الآخر عالي البروتين) بأكثر من ١٠ بالمائة خلال الربع الأول. ومع اقتراب (الصراع على الأراضي) الذي يحصل سنوياً في الولايات المتحدة، يمكن أن تتسبب هذه التطورات في الأسعار في إعادة تفكير المزارعين الأمريكيين في التحول من زراعة الذرة إلى زراعة فول الصويا لتحقيق عائد أعلى. وهذا يزيد من مخاطرة أن تحصل مستويات مخزون الذرة إلى مستويات أدنى مما هو متوقع في الشتاء القادم وستساعد في دعم أسعار الذرة إلى أن نعرف شيئاً عن نوع التوازن الذي سيتم بين المحاصيل خلال فصل الزراعة الجديد. يُحتمل أن يبقى مستقبل سعر فول الصويا الجديد ضمن المجال الذي كان عليه عام ٢٠١١، أي ما بين ١٣ و١٤,٥ للبوشيل إلى أن ترد مزيد من الأخبار عن نوايا المزارعين.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة