الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥٧ - الثلاثاء ١ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

الثلاثاء وكل يوم


كم من التنمية نحتاج؟





يورد حسين غباش أرقاماً مخيفة: هناك ١٦ مليون آسيوي تقريبا بدول مجلس التعاون يتوقع وصولهم إلى ٣٠ مليونا عام ٢٠٢٥. وقد وصلت نسب العمالة الأجنبية بالكويت إلى ٦٠%، والبحرين ٥٠% والسعودية بين ٤٠ و٥٠% وعمان ٣٠%. وقطر إلى ٨٥% والإمارات إلى ٩٠%. ويعيش الآن قرابة سبعة ملايين آسيوي بالإمارات وحدها، ونسبة الهنود وحدهم ٦٠% من السكان، أي قرابة أربعة ملايين، مقابل ٨٠٠ ألف مواطن فقط.

ولقد كتبت مراراً عن أمر بات مكرراً عن وجود قانون يعمل كمتلازمة في الخليج: لقاء كل وظيفة تخلق لمواطن بدول مجلس التعاون، تبرز بسوق العمل ما بين ٥ و ١٢ وظيفة مقابلة للأجانب. فكل مواطن أو مقيم يتطلب خدمات يؤديها مزيد من العمال.

لا تفتقر حكومات الخليج إلى الأموال، وإنما إلى مزيد منها. وتندفع دول الخليج كلها دون ضوابط نحو توسع هائل واجتذاب استثمارات وزج بمجتمعاتها نحو تنمية بلا حدود.

في تسعينيات القرن الماضي، تشكك عديدون بجدوى نموذج دبي في التنمية، وأبدى آخرون قلقاً من تأثيراته على الاستقرار الداخلي وعلى الهوية. على أنه صار بمنعطف القرن مثالاً يحتذى، ولم تبق دولة خليجية لم تحاول اللحاق به. ولا يعرف المرء إن كانت تلك الدول تعيش بالأساس على وهم أنها تعامل القادمين إليها على أنهم عمالة مؤقتة. ونست أنه وبأحسن الظروف ستبقى العمالة وستتغير مكوناتها ونسيجها، وستبقى نسبة الأجانب كما هي بل ومرشحة للتزايد.

وبالمناسبة فبعض دول آسيوية تمنح مواطنيها من كبار المستثمرين في مناطق الخليج جوائز وأوسمة على دورهم في توفير وظائف لمواطنيها، ليس في بلدانهم الأصل وإنما في دول أخرى وليس ذلك بسر. ويمكن الاطلاع عليه بأي بحث يسير على الشبكة العنكبوتية حين عرض نبذ عن حياتهم ومسيرتهم الاقتصادية.

ويرتكز كثير من الممارسة الخليجية على اقتناع صحيح في جوهره أنه إن أريد لها التطور والبقاء ضمن مستويات القرن الحادي والعشرين فسيتوجب عليها الإيغال في الاستثمار واجتذاب رؤوس أموال والتوسع في مشاريع والمنافسة دولياً. ولقد اتضحت نتائج مثل هذه الرؤى وتكفي عقودٌ أربعة تلت الاستقلال لتظهر هذه النتائج. ولربما كان ذلك مفيداً حتى لا يلقى باللوم على بريطانيا كدولة مهيمنة قبل سبعينيات القرن الماضي. فما حدث هو من صنع مسؤولي ما بعد الاستقلال.

ويبقى الحل. لا حل إلا إن وصل المسؤولون والقطاع الخاص إلى الإجابة عن سؤال: أي تنمية نريد، وما هي حدود التوسع الاقتصادي المطلوب. وليس هناك من جواب سريع أو مباشر أو سبق اكتشافه، وإنما هناك مجموعة ممارسات قد تصلح للحد، في البدء، من حجم المشكلة كمقدمة ولمحاولة حلها لاحقاً. ومن تناقض الأمور أن توسُّع بعض الدول لم يقض على البطالة بها، وهي تقدر بعشرات الآلاف. هذا عن البطالة الظاهرة أما المقنعة فشيء آخر.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة