الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٦٣ - الاثنين ٧ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٦ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


أسد عليّ وفي الحروب نعامة





كلنا يعرف الحجاج بن يوسف الثقفي، وقرأنا عن مقدار بطشه وجبروته إبّان ولايته على الكوفة، وفي ذلك قصص وروايات سار بها الرُكبان، غير أن ما لا يعرفه الكثيرون أن هذا البيت من الشعر قد قيل في الحجاج نفسه رغم اشتهاره بالقوة والطغيان، إذ يُروى أن امرأة اسمها «غزالة»، وهي فقيهة وخطيبة ومن أشدّ النساء المحاربات، ولها زوج اسمه «شبيب» لا يقلّ عنها جبروتاً وشجاعة؛ نذرت لله نذراً أن تصلي في مسجد الكوفة الجامع ركعتين، تقرأ في الأولى سورة البقرة، وفي الثانية سورة آل عمران، وهي تتوقع أن الحجاج الذي يدير الكوفة بالحديد والنار لن يسمح لها بذلك، لكنها أصرّت على الوفاء بنذرها وطلبت من زوجها «شبيب» أن يساعدها فجاءت إلى الكوفة على رأس مجموعة من الخوارج يقودهم زوجها الذي قتل في طريقه العشرات من خيرة جنود الحجاج معتزاً بفتوته وبطشه، لم يأبه - هو أو زوجته - للدماء التي أراقوها والأرواح التي أزهقت.

وسار «شبيب» وجنده في شوارع الكوفة وبجواره زوجته «غزالة» حتى دخلت المسجد لتصلي فيه وتوفي بنذرها، ووقف هو وبعض جنوده عند الباب لحراستها، حتى أدت نذرها وعاد من حيث قدِم من دون أن يجرؤ الحجاج بن يوسف الثقفي على منعهم أو مقاومتهم. ويُقال إن الحجاج فرّ من وجه «غزالة» عندما دخلت عليه الكوفة وفضّل أن يحتمي منها في قصره ومعه آلاف من جنوده.

بعد انتهاء هذه الحادثة أرسل الحجاج في طلب عمران بن قحطان شاعر الخوارج، وصار يتهدده ويتوعده فما كان من هذا الشاعر إلاّ أن قال هذه الأبيات الشعرية ساخراً ومتهكّما على جبن الحجاج في حرب «شبيب وغزالة».. وهذه الأبيات:

أسـد عليّ وفي الحروب نعامـة ربداء× تجفل من صفير الصافر

هلا برزت إلى غزالة في الوغى.. بل كان قلبـك في جناحي طائـر

وقد مضى هذا الشعر منذ ذاك الوقت - قبل مئات السنين - مثلاً يردده الناس عندما تتكرر نفس حالة حادثة الحجاج، حالة التناقض في المواجهة أو حالة المواجهة في غير أوانها ومحلها أو حالة الازدواجية في (المريلة) أو إظهارها عند عدم الحاجة إليها أو ما شابهها من حالات تم اختصارها حديثاً في المثل الشعبي (أبوي ما يقدر إلاّ على أمّي)..

سانحة:

قتلى وضحايا بطش النظام والجيش السوري بين أبناء الشعب يفوق بكثير ضحايا العدو الصهيوني - إن وُجدت ضحايا أصلاً -. بمعنى أن (الأسد) يقاتل في المكان الخطأ، فينطبق عليه قول الشاعر: أسـد عليّ وفي الحروب نعامـة.

} الربداء هي الناقة الجالسة على الأرض



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة