الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٦٤ - الثلاثاء ٨ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٧ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

في رأيي المتواضع


اللحمة الوطنية





انقطعت فترة طويلة عن كتابة عمودي الأسبوعي، لا لسبب مقنع سوى انني كنت أريد مزيدا من الوقت لدراسة الأزمة التي عصفت بالبحرين، لم أكن أريد أن أستعجل في قراراتي التي ستنعكس على كتاباتي وان أؤيد بالمطلق، أو أعارض بالمطلق.. فالأزمة بالنسبة إليّ كانت «غير متوقعة»، وانعكاساتها مبهمة ومتفرعة، وحلولها تحتاج إلى وقت للتنفيذ وللتقييم.

واليوم أعود للكتابة بعد أن أصبحت الصورة أوضح بالنسبة إلي، والأهم من ذلك أن ملامح التعافي بدأت تظهر على المجتمع البحريني، بعد أن عاش سنة صعبة أثرت في النسيج والتماسك الاجتماعيين.

ما دفعني إلى الكتابة مرة أخرى والعودة إلى قرائي هو الموقف الذي حدث مع مؤخرا، فقبل أسبوع أصبت بحادث مروري مروع بالقرب من قرية عالي، وما ان توقفت سيارتي التي فقدت السيطرة عليها، حتى وجدت سكان القرية يتجمعون حولي للاطمئنان على سلامتي، جلب بعضهم الماء لي، وقامت أخريات بالتهدئة من روعي، وقام آخرون بالاتصال بالمرور لنقل السيارات من مكانها. سألني أحدهم عن اسمي لكي يوافي المرور بتفاصيل الحادث، المرة الأولى استوعب أن اسمي «يكشف هويتي من جميع الجوانب» فبعد الأزمة التي عصفت بالمملكة اختلف تفكير الجميع وبدأ التصنيف واضحا، فاسمي لولوة وجدي خليفة وانتمي إلى عائلة نجدية هي «بودلامة»، كنت أتوقع أن تختلف معاملة أهالي القرية لي بعد معرفتهم تفاصيلي من مجرد سماعهم اسمي، إلا أن المبادرة استمرت بالروح الصادقة نفسها الموجودة داخل كل بحريني متناسين ومتغافلين طائفتي وأصلي وفصلي، مركزين في أنني بنت البحرين فحسب.

لقد لمست الطيبة والإحساس الصادق في «الفزعة» فبدأت أومن بأن لا أحد يستطيع أن يغير طيبة البحرينيين التي كنا نتفاخر بها، وسنظل ان شاء الله نتفاخر بها، وان اللحمة الوطنية مستمرة باذن من الله وما حصل هو مجرد سحابة صيف ستنجلي قريبا.

هؤلاء شعب البحرين الحقيقيون، وهذا هو تعاملهم العفوي، أما ما نشهده من أفعال خارجة عن القانون فهذه لقلة لا تنتمي إلى مجتمعنا، قلة مغرر بهم، لا ترى أبعد مما قيل لهم وأمروا به.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة