الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٦٦ - الخميس ١٠ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٩ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

المصابة في حادث تفجير السلندر:
احذروا.. لا تزال المعاملة إرهابية وطائفية داخل السلمانية





كشفت رانيا زين العابدين عن تفاصيل مأساوية جديدة تنشر للمرة الأولى تتعلق بحادث تفجير أسطوانة الغاز الذي ارتكبه مجموعة من الإرهابيين مؤخرا أمام بيتها في منطقة بلاد القديم، حيث طالبت وزير الصحة بالنظر فيما يحدث داخل أسوار مجمع السلمانية الطبي من معاملة طائفية وإرهابية، مشيرة إلى أن إحدى الطبيبات تعمدت إحداث خدش في قرنية عين ابنها.

وأضافت في حوار مع «أخبار الخليج» انه تمت محاولة تلفيق تقرير طبي يفيد بأن الحادث جاء نتيجة تسرب غاز من سلندر غاز بالمطبخ، موضحة أن الإرهابيين قد وجهوا اسطوانة غاز كبيرة الحجم لتفجيرها باتجاه منزلها، وأن جزءا منها اخترق غرفة النوم.

وقد وجهت رسالة إلى جلالة الملك مفادها أنها لن تهدأ حتى يقتص لها القانون من الجناة.

(التفاصيل)

كشفت رانيا زين العابدين عن تفاصيل مأساوية جديدة تنشر للمرة الأولى تتعلق بحادث تفجير أسطوانة الغاز الذي ارتكبه مجموعة من الإرهابيين مؤخرا أمام بيتها في منطقة البلاد القديم، الأمر الذي ألحق بها وبابنها إصابات بليغة، كادت أن تفقدهما بصرهما، حيث طالبت وزير الصحة بالنظر فيما يحدث داخل أسوار مجمع السلمانية من معاملة طائفية وإرهابية لا تتفق مطلقا مع طبيعة المهنة وأخلاق المجتمع البحريني المسالم المتسامح.

وأضافت بأنه تمت محاولة تلفيق تقرير طبي يفيد بأن الحادث الذي تعرضت له هو نتيجة انفجار سلندر المطبخ بسبب تسرب الغاز، مشيرة إلى أن الإرهابيين قد وجهوا اسطوانة غاز كبيرة الحجم لتفجيرها باتجاه منزلها، وأن جزءا منها اخترق غرفة نوم ابنها عبدالله.

وقالت إنها شعرت بالشماتة في عيون الأطباء منذ لحظة وصولها إلى قسم الطوارئ، وإنها عوملت هناك أسوأ معاملة هي وابنها، موضحة بان إحدى الطبيبات تعمدت إحداث جروح بقرنية عين ابنها، إلى جانب رفض الأطباء توفير كرسي متحرك أو سيارة اسعاف لها لنقلها إلى الطوارئ او إلى المستشفى العسكري.

وذكرت أنها تمر هي وابنها عبدالله حاليا بمرحلة نفسية وصحية حرجة، من جراء تلك التجربة المريرة التي اضطرتها هي وأسرتها إلى الانتقال إلى بيت العائلة، وترك منزلها التي أكدت عدم العودة إليه او بيعه للإرهابيين لممارسة أعمالهم الإجرامية بتلك المنطقة.

وقد وجهت رسالة إلى جلالة الملك مفادها أنها لن تهدأ حتى يقتص لها القانون من الجناة الإرهابيين، متمنية العودة إلى تطبيق قانون السلامة الوطنية كي يشعر شعب البحرين بجميع طوائفه بالأمن المفقود اليوم على أرض المملكة.

جاء ذلك في الحوار التالي:

} بداية.. ما هي تفاصيل حادث الانفجار كما لم تنشر بعد؟

بعد أن استلقى ابني عبدالله في فراشه كي ينام، وذهبت إلى غرفتي سمعنا صوت انفجار شديد، فإذا به يأتي مسرعا إلى غرفتي ليعبر عن إحساسه بالفزع، ولكني حاولت طمأنته وعدت به إلى غرفته، ولكن عندما نظرت من نافذة غرفته وجدت مجموعة من الشباب تتراوح أعدادهم ما بين ١٠ إلى ١٥ شابا يضعون إطارات أمام بيتنا، وقد صورت المنظر سريعا بالهاتف، وأرسلته إلى أخي الذي رد عليّ طالبا مني أن ابتعد عن النافذة لان ما يشعلونه هو اسطوانة غاز وليس مجرد إطارات كما اعتقدت في البداية، فأرسلت له استفسر كيف علم بذلك؟ ثم تركت الهاتف عندما رأيت اثنين من الشرطة يتقدمان نحو النار ثم عادا أدراجهما مسرعين من حيث أتيا، إذ أدركا أن ما يشتعل هو اسطوانة غاز وأنها سوف تنفجر سريعا، وبالفعل ما هي إلا ثوانٍ وسمعنا صوت انفجار مدوٍ، ووجدت نفسي ملقاة على الأرض وشعرت بألم شديد في أنحاء جسدي كافة وكان الدم يغطي وجهي وصوت بكاء ابني يصل إليّ مرددا كلمة أمي لا تموتي وتتركيني.

} هل استهدف الإرهابيون منزلك أو عائلتك؟

لا اعرف حتى الآن هل كنت مستهدفة أم أن ما حدث كان مجرد مصادفة؟ ولكن الداخلية قالت إن اسطوانة الغاز وضعت على سور المطعم المجاور لبيتي بشكل مائل وهي من الحجم الكبير الذي يتم استخدامه في المطاعم، وتم توجيهها في اتجاه المنزل وقد لفوا حولها ٩ إطارات ومواد حارقة الأمر الذي أدى إلى انفجارها بالكامل وانتشار الشظايا في كل مكان، والمعروف أنهم عادة يضعون الاسطوانة بشكل عامودي حتى تندفع إلى أعلى ولا يصاب احد، ولكن هذه المرة كان المقصود إرهاب الناس والتسبب في إحداث إصابات.

} وكيف انتقلتِ إلى مجمع السلمانية؟

تحاملت على نفسي ونزلت من الطابق العلوي إلى أسفل وقابلت الخادمة التي استيقظت على صوت الانفجار، وعندما رأتني بهذا الشكل انزعجت جدا وأصيبت بحالة عصبية فطلبت منها أن تغلق أبواب الغرف على بنتيّ حتى لا ترياني في هذا الوضع أنا وأخيهما، واتصلت بزوجي الذي يعمل في دبي، وأخبرته بالحادث ثم اتصلت بوالدتي فطلبت منى الذهاب إلى بيت عمي، فطلبت من سائقي الذي أصيب بحالة هستيرية واخذ يردد كلمات وجملا غير مترابطة أن ينقلنا إلى السيارة وكانت شقيقتي قد اتصلت بأحد أقربائنا الذي يقطن بجوارنا وجاءت زوجته سريعا وركبت معنا السيارة استعدادا للذهاب إلى المستشفى.

وفي هذه الأثناء وجدنا رجال الأمن قد أقبلوا علينا، وطلبوا منا الانتظار حتى يقوموا باستدعاء سيارة الإسعاف، ولكن للأسف لم يهتم احد ولم تأتِ السيارة مع العلم بأننا نقطن بالقرب من السلمانية والمسافة لا تستغرق أكثر من عشر دقائق، وتحركنا بسيارتنا وسبقتنا أمي إلى المستشفى، وعند وصولنا طلبنا كرسيا متحركا ولكن لم يهتم احد أيضا، وأجبروني على السير إلى قسم الطوارئ برغم حالتي المزرية والآلام المبرحة بسبب كم الزجاج الذي اخترق معظم أنحاء جسدي، وفي الطوارئ رأيت الشماتة في أعين الأطباء ولاقيت منهم أسوأ معاملة، إلى أن جاء اللواء طارق الحسن وطمأنني، وقال إنهم سوف يحضرون طبيبا من المستشفى العسكري لعمل اللازم، وحينئذ فوجئت بطبيب يتحدث لطبيب آخر كبير في السن بخصوص كتابة تقرير عن حالتي، ويقول له بأن يسجل الحادث على أنه تم نتيجة انفجار اسطوانة غاز أثناء إعداد الطعام في المطبخ، بسبب تسرب في الغاز، وعندما سألني الطبيب أكدت له أن هذا لم يحدث وأنني كنت في غرفة نوم ابني وقت الحادث وقد اخترقت قطعة كبيرة من اسطوانة الغاز جدار الغرفة وتسببت في تحطيم الخرسانة وبرواز النافذة، ثم طلب مني التوقيع على التقرير إضافة إلى عدة أوراق أخرى لم أكن اعلم ماذا بها لأنني كنت لا استطيع الرؤية بسبب إصابة عيني، وحين جاء طبيب التجميل اخبرنا انه سوف يقوم بخياطة الجروح، ولكننا رفضنا إجراء أي جراحة بالسلمانية.

} ماذا حدث بعد وصول طبيب المستشفى العسكري إلى السلمانية؟

حين جاء الدكتور محمد المحرقي طمأنني على حالتي واخبرني أن جروحي عميقة ولكنها ليست خطِرة وانه سوف يقوم باللازم، ولكنه حين طلب إجراء أشعة كاملة على الجسم للاطمئنان على عدم وجود أي إصابات أو عمليات نزف داخلية، تم رفض مطلبه وبعد إصرار منه وافقوا على مضض، واصطحبني إلى قسم الأشعة اثنان من الممرضين لم يراعيا مطلقا حالتي وراحا يتحدثان عن زواج المتعة وموضوعات تتعلق به اقل ما يقال عنها إنها لا أخلاقية، وأثناء ذلك كان زملاؤهما يقومون بالإجراءات اللازمة وحاولت إسكاتهما عن هذا الحديث ولكن من دون جدوى، وكنت أشعر بخوف شديد لأنني بمفردي مع أربعة رجال داخل هذا القسم، وحين انتهيت من عمل الأشعة قرر الدكتور المحرقي ضرورة نقلي إلى المستشفى العسكري.

} كم من الوقت بقيتِ في السلمانية؟ وكيف كان التعامل معكم حين قررتم الانتقال إلى العسكري؟

كنت قد وصلت إلى السلمانية الساعة العاشرة مساء، ومكثت فيها إلى الخامسة صباحا، وقد طلب د. المحرقي سيارة إسعاف لنقلي مع ولدى إلى العسكري، فقالوا له فليذهبوا كما أتوا في سيارتهم الخاصة، فالقانون يقول إنه يجب ألا تنقل سيارات الإسعاف الخاصة بالسلمانية المرضى إلى المستشفى العسكري أو العكس وهو قانون استحدث بعد الأزمة، ولكن بعد أن أجرى المحرقي اتصالاته بالداخلية تم نقلي بسيارة الإسعاف بناء على تعليمات تلقوها، وكان زوجي قد حضر من دبي وحاول أن يركب معي هو وابني عبدالله لخطورة حالته، لكنهم رفضوا وهددوا زوجي إذا لم يكف عن إقناعهم بضرورة نقل ابني معي في سيارة الإسعاف فسوف يلقون بي خارج السيارة، فاضطر أن يأخذ ابني وذهبا إلى المستشفى العسكري بسيارتنا الخاصة ورافقني أخي في سيارة الإسعاف.

} وماذا عن تجربة ابنك عبدالله مع أطباء السلمانية؟

عندما اخذوا عبدالله إلى قسم الأطفال رافقه شقيقي وخالي، واحضروا له طبيبة المفترض أنها اختصاصية عيون وقد أحضرت معها عودا ملفوفا بقطعة قطن ووضعت عليه مرهما وأدخلته في عين عبدالله وأخذت تحركه يمينا ويسارا متعمدة إلحاق الضرر بعينه وإتلاف قرنيته وهو يصرخ، ثم زعمت أن عينه سليمة ولا شيء بها، وقامت بتنظيف جروح رأسه وقالت إنه علينا اصطحابه إلى البيت وان حالته لا تستدعي المكوث بالمستشفى، وحين أخذ شقيقي عدسة مكبرة ونظر في عين عبدالله وجد بهما قطع زجاج، وواجه الطبيبة بذلك فقالت إنها سوف ترسل اختصاصي عيون لفحصه، وجاء طبيب آخر واخرج ست قطع زجاج من عينه، ثم كتب له مغادرة من المستشفى، حينئذ طلب د.المحرقي أن يطمئن عليه وطلب إجراء أشعة له، فرفضوا أيضا وبعد تصميمه نظرا لوجود قطعتي زجاج فوق حاجبه، خضعوا لطلبه وبينت الأشعة أن قطعة من الزجاج قد وصلت إلى الجمجمة وتحتاج إلى عملية يتم خلالها تخدير الطفل كاملا لاستخراجها.

} كيف تم علاجكما في المستشفى العسكري؟

ظل عبدالله في غرفة العمليات مدة ساعتين حتى اخرجوا الزجاج من جسده وقاموا بخياطة كل وجهه تقريبا، وكذلك مناطق متفرقة من جسده، وبالنسبة إليّ فقد أمضيت أربع ساعات في العمليات إذ أصبت في عروق العضلات الحسية والعضلات الحركية والأنسجة وتقطع الحاجب إلى ثلاثة أقسام، واحتجت إلى أكثر من ١٢٠ غرزة في منطقة الحاجب فقط، ونحو٢٠٠ غرزة في أنحاء متفرقة من جسدي واستغرق الأمر ٥ أيام لاستخراج شظايا الزجاج من وجهي وشعري، ثم احضروا لي اختصاصية العيون الدكتورة هيفاء المحمود للكشف على عيني وطمأنتني بأن القرنية بخير ولكني احتاج إلى متابعة ووقت بالإضافة إلى احتياجي إلى علمية تجميل.

} حدثيني عن الحالة النفسية لأبنائك بعد الحادث وخاصة عبدالله؟

لم أر بنتيّ مدة ٩ أيام لأنهما تخوفتا من رؤيتي وأخيهما في هذه الحالة، وخاصة أنهما مازالتا صغيرتين (سبعة، وأربعة) أعوام، وهما حاليا متخوفتان من الذهاب إلى البيت أو مجرد المرور من أمامه، كما أنهما لا ترغبان في العودة إليه إلى درجة أن السائق يسلك بهما طريقا آخر بعيدا عن بيتنا أثناء ذهابهما وعودتهما من المدرسة، أما بالنسبة إلى عبدالله فبعد أن كان طفلا اجتماعيا يحب المدرسة وزملاءه أصبح منطويا على نفسه ويخاف من فكرة الموت ورافضا الذهاب إلى البيت، وكلما حاول السير سقط على الأرض في حالة إغماء، كما أصبح يحلم أحلاما مزعجة وتسيطر عليه فكرة أنني سوف أموت وأتركه، وأنني أنا وهو سوف نفقد نظرنا، ونقتل على أيدي الإرهابيين، ولم يعد يريد التحدث مع احد ويمضي وقته في صمت، ومؤخرا اتفقنا مع المدرسة أن يذهب إليها مدة ساعتين يوميا كمستمع حتى يعود للتأقلم على جو الدراسة مرة أخرى.

} هل تفكرين في العودة إلى بيتك مستقبلا؟ وأين تعيشين الآن؟

لا أفكر في ذلك نهائيا لأني لا استطيع العيش داخله مرة أخرى، وكذلك أبنائي، ولكني لن أفرط فيه أيضا لأن هناك من يتمنى أن يقوم بشرائه هو وغيره من المنازل في تلك المنطقة لممارسة الإرهاب في أبشع صوره، أما إقامتي الحالية فهي في بيت العائلة.

} وإلى متى سوف تظلين في بيت العائلة؟

لقد تكرم صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة سمو رئيس الوزراء وقام بزيارتنا في المستشفي، ولا يفوتني هنا أن أوجه لسموه كل الشكر والامتنان لوعده لنا بتوفير مسكن آمن وملائم لي ولعائلتي، إلى جانب التكفل بجميع نفقات علاجي داخل البحرين وخارجها، وهذا هو عهدنا دوما بسموه في مثل هذه المواقف الصعبة التي يمر بها أبناء الوطن.

} ما هي الرسالة التي توجهينها إلى وزير الصحة؟

أقول له لقد عانيت كثيرا من سوء المعاملة والإهمال بمستشفى السلمانية، وأنه عليك كوزير مثقف واع أن تنظر لما يحدث في هذا المجمع من ممارسة طائفية وإرهابية تبعد كل البعد عن طبيعة المهنة وعن أخلاق مجتمعنا المسالم المتسامح.

} ورسالتك إلى وزير الداخلية؟

مسئوليتكم كجهة أمنية أن توفروا لنا الأمان الذي يريد أن ينعم به الشعب بكل طوائفه، ونتمنى أن تعود أيام تطبيق قانون السلامة الوطنية التي كنا نشعر خلالها بالأمن بشكل فعلي.

} وإلى جلالة الملك؟

أقول لجلالته شعب البحرين الوفي المخلص سوف يظل خلفك، ينصرك ويؤازرك إلى أن يعود الهدوء والأمن إلى ربوع مملكتنا الحبيبة كافة.

} هل من كلمة أخيرة ولمن تريدين توجيهها؟

إلى صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة لزيارتها لنا هي ونجلتها الشيخة نجلاء بنت حمد آل خليفة واشكر لها هذا الإحساس المرهف تجاه أبناء هذا الوطن.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة