حتى نتحاشى كوارثها
 تاريخ النشر : الجمعة ١٨ مايو ٢٠١٢
صلاح فؤاد عبيد
التكنولوجيا تحيط بنا اليوم إحاطة السوار بالمعصم، شئنا أم أبينا، ولا يمكننا الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال لأن معنى هذا أن نعود إلى حياة القرون السابقة بكل مصاعبها ومآسيها وأن نتخلى عن كل ما حققته الإنسانية من تقدم وازدهار ورخاء ورفاهية. لكن يغيب عن بال معظمنا أن الاستخدام الرشيد لهذه التكنولوجيا هو الضمان للاستفادة من إيجابياتها في حياتنا واتقاء سلبياتها وشرورها، وأول وأهم أمثلتها الهاتف النقال الذي بات ضرورة من ضرورات الحياة العصرية ولا يستغني عنه إنسان اليوم، حتى أن كثيرا منا يشتريه لأطفاله وهم مازالوا في رياض الأطفال تحت ذريعة الاطمئنان عليهم بين فترة وأخرى خلال اليوم الدراسي أو ليتمكنوا من الاتصال بذويهم إذا طرأ طارئ، لكن الهاتف النقال لم يعد اليوم مجرد وسيلة اتصال بل يضم إمكانيات خطيرة تتمثل في كاميرا عالية الوضوح يمكنها تصوير اللقطات وتسجيل المقاطع المصورة ونشرها على الإنترنت فورا، ما يجعل منها أداة لفضح الأعراض وكشف العورات وانتهاك الحرمات، بل وارتكاب الجرائم أيضا، فكثير من الفتيات لا يدركن أن تصوير أنفسهن في غرف نومهن أو وهن يرتدين ملابس تكشف عن بعض عوراتهن بواسطة كاميرا الهاتف النقال يمكن أن يتسبب في كارثة لهن ولأسرهن، وكم من مجرمين تمكنوا من اختراق هواتف بعض الفتيات أو من التسلل إلى صفحاتهن على (الفيسبوك) أو غيره من مواقع التواصل الاجتماعي أو إلى بريدهن الإلكتروني وسرقة تلك الصور وتهديدهن بنشرها على الملأ لفضحهن إذا لم يخضعن لرغبات أولئك المجرمين، سواء كانت رغبات جنسية أو ابتزازا ماديا أو غير ذلك، والأدهى من كل هذا أن كثيرا من الفتيات يفقدن هواتفهن النقالة في وسائل المواصلات العامة أو في محلات التسوق أو في أماكن العمل فتقع في أيدي الآخرين الذين قد يكون من بينهم من يستغل تلك الصور بأي وسيلة من الوسائل تضر بسمعة صاحبتها أو بسمعة عائلتها أو تتسبب في فقدها شرفها أو حتى حياتها.
المصيبة ذاتها تنطبق على أجهزة الحاسب الآلي، بل قد تكون هذه الأجهزة أسوأ في مجال الاختراق وسرقة الصور ومقاطع الأفلام والمعلومات الشخصية نظرا لارتباطها بشبكة الإنترنت المترامية الأطراف والمليئة بالمجرمين الذين يمتلكون خبرات متقدمة جدا في اختراق المواقع والصفحات وحسابات البريد الإلكتروني والأجهزة المتصلة بالشبكة حتى لو كانت تحوي أحدث برامج الحماية من الفيروسات ومن محاولات الاختراق، ما يجعل احتفاظ الشخص ــ ذكرا كان أم أنثى ــ بصوره الشخصية أو بمقاطع أفلام له أو لأحد من أفراد عائلته بل وبأي معلومات أو صور أو أفلام أو وثائق هامة ضربا من المجازفة الخطيرة إذا لم يقم بحفظها على قرص صلب خارجي لا يتم وصله بالجهاز إلا بعد قطع الاتصال بالإنترنت ولا يستمر توصيله به إلا لفترة قصيرة لغرض نسخ الملفات منه أو إليه فقط ثم فصله تماما عن جهاز الحاسوب فور الانتهاء من ذلك.
نقطة أخيرة يجب الانتباه إليها جيدا، هي أن المحو الكامل الأبدي للملفات من جهاز الهاتف النقال ومن القرص الصلب للحاسب الآلي غير ممكن في كثير من الأحوال، إذ أن هناك كثيرا من البرامج المتقدمة القادرة على استعادة تلك الملفات حتى لو تمت (فرمتة) الجهاز، ما يعني أن بيع الهواتف لمحلات بيع وشراء الهواتف المستعملة أو لأشخاص آخرين فيه مخاطرة كبيرة، يمكن تحاشيها بحفظ الملفات دائما على الذاكرة الخارجية للهاتف التي يمكن نزعها والاحتفاظ بها وبيع الهاتف من دونها، كما يجب بيع أجهزة الحاسب الآلي المستعملة من دون قرصها الصلب، ويجب إتلاف الأقراص الصلبة التي تتوقف عن العمل وعدم بيعها للآخرين وعدم إلقائها في سلة المهملات تحت أي ظرف من الظروف.
salah_fouad@hotmail.com
.
مقالات أخرى...
- الطفيليون! - (5 مايو 2012)
- هذا ما يخططون له - (4 مايو 2012)
- مصيبة تكنولوجية جديدة - (22 أبريل 2012)
- متى تتحركون لمحاصرتها؟! - (21 يناير 2012)
- جرائم المستعمرين لم تتوقف - (20 أبريل 2012)
- الأعشاب القاتلة - (19 أبريل 2012)
- حلف الشياطين - (18 أبريل 2012)
- ضعوا حدا لأكاذيبهم - (13 أبريل 2012)
- لخفض فرص الإصابة به - (12 أبريل 2012)