الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٨١ - الجمعة ٢٥ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ٤ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


هل يذكي النفط حروب المستقبل؟





صورة قاتمة تلك التي رسمها أستاذ دراسات السلام والأمن العالمي بكلية «هامبشير» مايكل كلير في كتابه الجديد «التكالب على ما تبقى من مصادر الطاقة في العالم» حيث انه اعتبر أن ازدياد الطلب على النفط الغزير وتراجع وفرة مصادر الطاقة سيؤجج الصراعات في العالم.

لقد ذكر المؤلف في كتابه الجديد أن الصراعات على مصادر الطاقة في العالم من أهم سمات الساحة السياسية والاستراتيجية الدولية على مدى عقود طويلة. لا يكاد عقد يخلو من نشوب حرب مدمرة بسبب التكالب على النفط، وقد تفاقمت الحروب والصراعات على النفط وخاصة منذ الحرب العالمية الأولى، عدا الصراعات المحدودة التي اندلعت هنا وهناك عبر السنين ولعل آخرها الصراع القائم اليوم بين شمال السودان وجنوبه بسبب الخلافات المتفاقمة على المناطق الحدودية الغنية بالثروة النفطية.

لقد تفاقم اليوم الوضع حيث اننا نشهد الآن ازدياد الصراعات النفطية التي تمتد عبر مختلف مناطق العالم، وهي صراعات تضع وجها لوجه العديد من الدول التي تتصارع من أجل السيطرة على المناطق الزاخرة بالنفط. لا شك أن ازدياد هذه الصراعات وتفاقم الخلافات يؤذنان بدخولنا في عهد سمته الحروب والتكالب على مصادر الطاقة.

على امتداد المسافة من المحيط الأطلنطي إلى المحيط الهادي ؟ ما بين الأرجنتين في أمريكا اللاتينية والفلبين في آسيا ؟ يمكن أن نرصد ست مناطق تمثل أهم منابع النفط ومصادر الطاقة الأخرى في العالم التي تصدرت الأحداث خلال الأعوام والأشهر القليلة الماضية:

المنطقة الأولى: الحرب بين السودان وجنوب السودان

يوم ١٠ ابريل ٢٠١٢، عمدت قوات عسكرية تابع لجمهورية جنوب السودان الحديثة النشأة إلى احتلال منطقة «هجليج» الغنية بالنفط وهي المدينة التي آلت للسودان كجزء من التسوية السلمية التي مهدت لانفصال جنوب السودان وتحوله إلى دولة مستقلة وذات سيادة يوم ٩ يوليو .٢٠١١

ردت سلطات الخرطوم الفعل على هذا التصعيد الخطر وقامت بتعبئة قواتها ونجحت في إخراج قوات جنوب السودان من منطقة هجليج. ظلت المعارك منذ ذلك الوقت بين مد وجزر على طول الحدود بين الدولتين، مصحوبة بغارات جوية على مدن الجنوب السوداني.

رغم أن القتال لم يصل بين الطرفين إلى مستوى الحرب الشاملة فإن الصدام المسلح حمل في طياته نذر صراع على منابع النفط قد لا يهدأ في مستقبل قريب وخاصة أن أطرافا خارجية متكالبة على الثروات الطبيعية الإفريقية وفي مقدمتها الثروة النفطية السودانية قد تكون قد لعبت دورا ما في هذا التصعيد الخطر.

لقد اسهمت عوامل أخرى عديدة في تأجيج هذا الصراع نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الخلل الاقتصادي الصارخ ما بين شمال السودان وجنوبه، واستمرار حالة العداء بين سكان الجنوب (من الأفارقة السود والمسيحيين والوثنيين) وسكان الشمال (من العرب المسلمين).

في الحقيقة تظل الثروة النفطية ؟ والإيرادات المتأتية من الصادرات البترولية ؟ هي السبب الجوهري الذي أجج الصراع بين شمال السودان وجنوبه. عند تقسيم السودان سنة ٢٠١١ آلت أهم الحقول النفطية إلى جمهورية جنوب السودان الحديثة الولادة فيما شمال السودان يمسك بورقة مهمة تتمثل في أنبوب ينقل نفط الجنوب إلى الأسواق العالمية.

ظلت سلطات الخرطوم تطالب بالحصول على رسوم تتراوح ما بين ٣٢ و٣٦ دولارا عن كل برميل مقارنة بالرسوم العادية المتمثلة في فرض دولار واحد عن كل برميل يتم تصديره عبر الأنبوب. عندما رفضت سلطات جوبا هذه الرسوم الجديدة قامت سلطات الخرطوم بمصادرة الأموال التي جمعتها من صادرات الجنوب النفطية والتي تمثل الإيرادات المالية الوحيدة التي تحصل عليها. رغم أن المواجهات العسكرية قد توقفت فإن التوتر بين الطرفين لايزال على أشده فيما يظل الوضع ينذر بالانفجار في أي لحظة مادامت عوامل التأزيم لاتزال كلها قائمة.

المنطقة الثانية: جنوب بحر الصين

يوم ٧ ابريل ٢٠١٢ وصلت البارجة الحربية الفلبينية «جريجوريو ديلبار» إلى جزيرة «سكاربورو شول» - وهي جزيرة صغيرة تقع في جنوب بحر الصين ؟ وقامت باحتجاز ثماني سفن صيد صينية كانت موجودة هناك واتهمت أصحابها بممارسة الصيد بشكل غير قانوني داخل المياه الإقليمية التي تخضع للسيادة الفلبينية.

جاء الرد الصيني سريعا حيث أرسلت سلطات بكين بدورها بارجتين حربيتين إلى المنطقة نفسها متهمة سلطات مانيلا بمضايقة وتهديد السفن الصينية في المياه الإقليمية الصينية ؟ لا الفلبينية. تم السماح لسفن الصيد الصينية في نهاية المطاف بمغادرة تلك المنطقة المتنازع عليها غير أن حالة من التوتر لاتزال سائدة فيما تظل الأزمة قائمة بين البلدين اللذين يتنازعان السيادة على تلك المنطقة البحرية التي يعتقد أنها تزخر بكميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي.

على غرار الأزمة القائمة بين شمال السودان وجنوبه فإن هناك عوامل كثيرة باطنة وظاهرة تؤجج الخلاف بين الصين والفلبين لعل أهمها تلك المتعلقة بمصادر الطاقة. يعتبر علماء الجيولوجيا وخبراء الطاقة أن منطقة جنوب بحر الصين تحتوي على كميات ضخمة من النفط والغاز الطبيعي علما أن كل الدول المطلة على جنوب بحر الصين ؟ ومن بينها الفلبين والصين ؟ تريد استغلال تلك الثروات المطمورة في قاع البحر.

تطالب سلطات مانيلا بسيادتها على «منطقة اقتصادية خاصة» بطول ٢٠٠ ميل بحري وهي تمتد من جنوب بحر الصين إلى السواحل الفلبينية الجنوبية، وهي المنطقة التي تسميها سلطات الفلبين «بحر جنوب الفلبين».

قالت شركات التنقيب الفلبينية انها قد اكتشفت كميات كبيرة من مخزونات الغاز الطبيعي في تلك المنطقة المتنازع عليها، كما أعلنت خطط للبدء باستغلالها تجاريا، الأمر الذي ولد ردود فعل غاضبة من الصين ومن بقية الدول المطلة على بحر جنوب الصين.

تدعي سلطات بكين بدورها بالسيادة على مجموعة كبيرة من الجزر الصغيرة في جنوب بحر الصين بما في ذلك جزيرة «سكاربورو شول» علما أن الصين متهمة من دول الجوار بالسعي إلى الهيمنة على كامل المنطقة ؟ بما في ذلك جزء كبير من المياه الإقليمية الفلبينية - والاستئثار لنفسها بما تزخر به من ثروات طبيعية في وقت يزداد فيه الطلب على مصادر الطاقة في ظل الطفرة الهائلة التي يعيشها الاقتصاد الصيني الذي يعد من أكبر الاقتصادات في العالم وأسرعها نموا.

لقد أعلنت سلطات بكين بدورها عدة خطط للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في تلك المناطق المتنازع عليها. رغم أن محادثات قد أجريت على مدى السنوات الماضية فإن الخلافات لاتزال قائمة على أشدها وسط احتمالات بأن تزداد حدة التوتر أكثر في مستقبل الأعوام، الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث مواجهة عسكرية رغم الخلل الكبير في موازين القوى.

المنطقة الثالثة: مصر وإسرائيل

يوم ٢٢ ابريل ٢٠١٢ أعلمت شركة البترول العامة والشركة القابضة للغاز الطبيعي المسؤولين الإسرائيليين بقرار «إنهاء العمل باتفاقية بيع الغاز الطبيعي» للدولة العبرية التي أبرمت في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك والتي تتعهد مصر بمقتضاها بتزويد إسرائيل بالكميات التي تحتاج إليها من غاز طبيعي.

جاء ذلك القرار بعد أشهر من المظاهرات التي عمت القاهرة والتي قادها الشباب الذي كان قد أطاح بالرئيس السابق حسني مبارك، الذي أمضى ثلاثين سنة في الحكم، والذي كان على علاقة وثيقة بإسرائيل. بعد الإطاحة بحسني مبارك، تعالت الأصوات المطالبة بضرورة العمل على تكريس استقلالية السياسة الخارجية المصرية، أي سياسة لا تكون مرهونة بالمصالح الأمريكية والإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط. شهدت الأشهر الماضية أيضا العديد من الهجمات التي استهدفت أنبوبا ينقل الغاز الطبيعي المصري إلى صحراء النقب في إسرائيل.

لقد اتخذ ذلك القرار وسط الخلافات بشأن الثمن الذي يباع به الغاز الطبيعي المصري للدولة العبرية غير أن المحللين رأوا في تلك الخطوة رغبة من سلطات القاهرة في النأي بنفسها عن نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك وسياساته مع إسرائيل التي كانت تلقى كل الدعم والتشجيع من الولايات المتحدة الأمريكية.

يذكر أن اتفاقية بيع الغاز الطبيعي المصري كانت من أهم النتائج التي ترتبت على معاهدة كامب ديفيد التي أبرمت بين إسرائيل ومصر سنة ١٩٧٩ برعاية إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر. لعل هذه الخطوة تظهر أيضا ظهور توجه جديد في مصر ما بعد عهد حسني مبارك لاستخدام الطاقة كأداة سياسية فعالة.

المنطقة الرابعة: الأرجنتين واسبانيا

يوم ١٦ ابريل ٢٠١٢ أعلنت الرئيسة الأرجنتينية كرستينا فرنانديز دي كيرشنر أن حكومتها قد قررت الاستحواذ على شركة «واي- بي-إف» التي تعتبر أكبر شركة بترولية في بلادها. وبمقتضى هذه الخطة سوف تستحوذ الحكومة الأرجنتينية على نسبة ٥١% من الأسهم مما سيمنحها الأغلبية في الشركة المملوكة من شركة «ريبيسول البترولية الاسبانية».

لقد اعتبرت سلطات مدريد أن الخطوة التي أقدمت عليها حكومة الرئيسة كرستينا فرنانديز دي كيرشنر تمثل تهديدا كبيرا يتعين التصدي له في الإبان.

اعتبر وزير الخارجية الاسباني خوسيه مانويل مارجالو يومها أن الخطة التي أقدمت عليها كرستينا فرنانديز دي كيرشنر «قد كسرت العلاقات الودية والصداقة القائمة بين البلدين: الأرجنتين واسبانيا».

في خطوة تصعيدية في «هذه الحرب النفطية غير المعلنة» قررت اسبانيا وقف استيراد الوقود البيولوجي من الأرجنتين وهي التجارة التي كانت الأرجنتين تكسب من ورائها أكثر من مليار دولار.

إن هذا الصراع المتصاعد بين اسبانيا والأرجنتين مدفوع بعدة عوامل نذكر منها على وجه الخصوص النزعة القومية التي يعود تاريخها إلى العهد البيروني، إضافة إلى رغبة كرستينا فرنانديز دي كيرشنر في تعزيز شعبيتها في استطلاعات الرأي والظهور بمظهر المدافع المستميت عن المصالح الحيوية لبلادها.

إن هذه الأزمة المتفاقمة بين مدريد وبوينس ايرس تعكس رغبة السلطات الأرجنتينية في ضمان أكبر فوائد اقتصادية وسياسية من مخزونها من مصادر الطاقة وخاصة أن الأرجنتين تمتلك ثالث أكبر احتياطي في العالم من الزيت الحجري ((َّفا مٌفوس وأن دولة البرازيل المجاورة قد عززت مكانتها في الأسواق العالمية بفضل خططها الكبيرة الرامية إلى تطوير مخزوناتها الاحتياطية المؤكدة من النفط في عرض البحر. لذلك فإن السلطات الأرجنتينية تريد اليوم النسج على منوال جارتها الكبيرة البرازيل والعمل على تطوير إنتاجها من الطاقة، وقد تفعل ذلك ربما بالتعاون مع شريك أجنبي قوي مثل شركة بريتش بتروليوم أو شركة إكسون موبيل. المنطقة الخامسة: الأرجنتين وبريطانيا: أزمة السيادة على جزر الفولكلاند

على مدى يومي ١٥ و١٦ ابريل ٢٠١٢ التأمت قمة الأمريكتين في مدينة قرطاجنة بكولومبيا في أمريكا اللاتينية. سعت الأرجنتين إلى استصدار قرار يدين استمرار الاحتلال البريطاني لجزر «لاس مالوينز». وفعلا فقد حظيت الأرجنتين بدعم وتأييد كل الدول باستثناء كندا والولايات المتحدة الأمريكية وهو أمر متوقع.

تقول الأرجنتين إنه من حقها فرض سيادتها على هذه الجزر المتنازع عليها وقد ظلت تطرح هذه القضية منذ خروجها مهزومة من حربها ضد بريطانيا سنة .١٩٨٢ سعت سلطات بوينس ايرس في الآونة الأخيرة إلى تصعيد حملتها على جميع الجبهات، فقد أدانت بريطانيا في جميع المحافل الدولية كما أنها منعت البوارج والسفن البريطانية المتوجهة إلى هذه الجزر المتنازع عليها من الرسو في الموانئ الأرجنتينية. أما البريطانيون فقد ردوا الفعل بدورهم وعمدوا إلى تعزيز حضورهم العسكري في المنطقة كما حذروا الأرجنتين من أي خطوة قد تؤدي إلى نشوب حرب جديدة بين الطرفين.

عندما نشبت الحرب بين الأرجنتين وبريطانيا في سنة ١٩٨٢ من أجل بسط السيادة على جزر لاس مالوينس كان هناك حديث عن النخوة الوطنية فيما راح بعض الأقلام والتحاليل تصور رئيسة الوزراء البريطانية الأسبق المرأة الحديدية مارجريت تاتشر في مواجهة النظام العسكري الدكتاتوري في الأرجنتين.

غير أن الرهان قد تغير منذ تلك الحرب وزادت أهمية الجزر المتنازع عليها وكبر الرهان الاستراتيجي، فقد صدرت دراسات علمية متخصصة أكدت وجود كميات هائلة من النفط والغاز الطبيعي في المياه المحيطة بالجزر المتنازع عليها.

بدأ بعض الشركات التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها ـ على غرار شركتي ديزاير بتروليوم وروكهوبر ـ تقوم بالتنقيب في تلك المناطق وقد تحدثت عن اكتشافات واعدة. تسعى الأرجنتين اليوم يائسة للنسج على منوال التجربة البرازيلية الناجحة والمتمثلة في تطوير الانتاج من النفط والغاز الطبيعي في عرض البحر. تقول سلطات بوينس آيرس ان هذه الاكتشافات التي يتم الحديث عنها إنما تقع داخل مياهها الإقليمية وهي بذلك ترى أن عمليات التنقيب الجارية حاليا غير قانونية. بالمقابل، فإن البريطانيين يشددون على أن تلك الجزر والمناطق المتنازع عليها تابعة لهم. لا أحد يعرف الكيفية التي سينتهي بها هذا الصراع بين الطرفين الذي قد يتطور فجأة ليؤدي إلى نشوب حرب جديدة بعد تلك التي اندلعت بين البلدين سنة .١٩٨٢ غير أن الحرب ستكون هذه المرة بسبب مصادر الطاقة، أي الثروة من النفط والغاز الطبيعي.

المنطقة السادسة: منطقة الخليج

تقوم الولايات المتحدة الأمريكية منذ فترة بتعزيز وجودها العسكري تأهبا للمواجهة المحتملة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية على خلفية البرنامج النووي الذي يقوم نظام طهران بتطويره. في فصل الشتاء حتى مطلع الربيع بدا كأن المواجهة العسكرية قادمة لا محالة بين إيران من ناحية وإسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية. لم يبد أي من هذه الأطراف أي استعداد للتنازل عن مواقفها، وخاصة فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني حتى انه يبدو اليوم أن أي حديث عن التوصل إلى حل وسط يفتقر إلى الواقعية.

لقد تراجع شبح الحرب ضد إيران إلى حد ما وقد يكون ذلك بسبب الاستحقاق الانتخابي الذي ينتظر إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في شهر نوفمبر .٢٠١٢ في هذه الأثناء يمضي الإيرانيون قدما في تخصيب اليورانيوم فيما يردد قادة طهران أنهم مستعدون لاستخدام القوة للدفاع عن برنامجهم النووي إذا فشلت مفاوضاتهم مع مجموعة الدول الخمس ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي زائدا ألمانيا.

إن هذه التهديدات التي ظل يطلقها القادة الإيرانيون تتضمن إغلاق مضيق هرمز الذي تمر عبره يوميا الناقلات المحملة بثلث النفط في الأسواق البترولية العالمية. أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد ظلت بدورها تشدد على أنها لن تسمح أبدا بإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة البترولية وأنها ستنسف المنشآت النووية الإيرانية إذا لزم الأمر. وفعلا فقد راحت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعمل على تعزيز حضورها العسكري في منطقة الخليج حيث نشرت عدة بوارج حربية مجهزة بأحدث الأسلحة المضادة للهجمات الجوية والبحرية، إضافة إلى إرسال ناقلتين للطائرات إلى المنطقة.

إن التكالب على مصادر الطاقة في العالم ؟ من نفط وغاز طبيعي ؟ لا يعتبر ظاهرة جديدة، ففي مطلع القرن العشرين الماضي، قد يكون الزعيم البريطاني ونستون تشرشل أول سياسي بارز يدرك منذ ذلك الوقت مدى الأهمية الاستراتيجية للثروة النفطية، فهو الذي حول الأسطول الحربي الملكي من الفحم الحجري إلى النفط.

ازداد التكالب على النفط لأغراض الصناعة أو الحرب وقد لعب ذلك دورا بالغ الأهمية في دبلوماسية ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية. لقد أدركت دول المحور بقيادة ألمانيا النازية أيضا مدى أهمية الثروة النفطية، الأمر الذي جعلها تسعى إلى السيطرة على منابع الطاقة خلال فترة الحرب العالمية الثانية.

لقد أقدمت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن على غزو العراق والإطاحة بالنظام البعثي الحاكم في بغداد مدفوعة بالرغبة في السيطرة على الثروة النفطية العراقية الهائلة، رغم تلك الشعارات الكاذبة التي رفعت آنذاك والتي تعتبر أن الهدف من الغزو «تحرير الشعب العراقي من الاستبداد ونشر الديمقراطية».

* مؤلف الكتاب مايكل كلير هو أستاذ مختص في دراسات السلام والأمن العالمي بكلية هامبشير.

من مؤلفاته أيضا: «أمريكا تخطط لفيتنام جديدة»، و«الأمن العالمي: تحديات القرن الجديد»، و«الأسلحة الخفيفة والحروب الأهلية»، و«مصادر المياه تذكي حروب المستقبل»، و«الدم والنفط»، إضافة إلى كتاب «التكالب على ما تبقى من مصادر الطاقة في العالم».











.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة