الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٧٢ - الأربعاء ١٦ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٥ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


إسرائيل تلجأ إلى الغواصات النووية لردع إيران





برلين - من: أورينت برس

أشاد الكثير من الخبراء والمحللين العسكريين الإسرائيليين، بحصول الجيش الإسرائيلي على الغواصة ذات القدرة على حمل صواريخ نووية الثالثة من ألمانيا التي أحدثت انقلابا كبيرا في سباق التسلح في المنطقة. وأكدت مصادر الجيش الإسرائيلي انه من شأن هذه القطع ان تضمن هيمنة إسرائيل على أعماق البحار، كونها ستغير المعادلات وموازين القوى البحرية في الشرق الوسط ككل، حيث أصبح سلاح الغواصات الإسرائيلي قوة بحرية كبيرة وذلك لامتلاكه آليات إطلاق الصواريخ النووية من أعماق البحار.

وكانت ألمانيا قد وعدت إسرائيل بتزويدها بست غواصات دولفين تعمل على وقود الديزل وتعد الأحدث في العالم، اثنتان منها مجانا، وتسلمتهما تل أبيب العام الماضي، والثالثة تسلمتها اخيراً ودفعت إسرائيل نصف كلفتها فقط وتحملت برلين النصف الآخر، أما بالنسبة إلى الثلاث الغواصات الأخرى فسوف تتحمل برلين أيضا ثلث ثمنها، ومن المقرر أن تتسلم إسرائيل غواصتين جديدتين العام القادم، ولم يتحدد بعد موعد تسليم الغواصة السادسة.

«اورينت برس» أعدت التقرير التالي:

في ظل اتفاقية تزويد اسرائيل ست غواصات دولفين من الطراز الالماني الرفيع، يتوقع الخبراء أن توافق برلين على بيع المزيد من الغواصات لتل أبيب في السنوات القادمة، وخاصة بعد أن كشف مسؤولون عسكريون نيتهم الحصول على أسطول يضم ١٠ غواصات ألمانية متطورة، وهو ما سيضمن التفوق للقوات البحرية الإسرائيلية على جميع القوى الأخرى في المنطقة لأجيال طويلة قادمة وسيطرح مخاطر كبيرة على الدول المجاورة وعلى شعوب المنطقة.

كُلف كثيرة

تبلغ كُلفة الغواصة الواحدة من طراز دولفين ٥٠٠ مليون دولار أمريكي، لكن عما قريب سوف يرتفع السعر إلى ٨٥٠ مليون دولار، وخاصة أن الجيش الإسرائيلي طلب إدخال تعديلات جديدة على غواصاته وتزويدها بأسلحة حديثة ومتطورة وأنظمة سرية لا توجد في أي غواصات أخرى من الطراز نفسه، فضلا عن تعديل في قدرات الغواصة مما يجعلها قابلة للبقاء تحت الماء فترات أطول، وقد تم إدخال هذه التعديلات على الغواصات الست التي ستتسلمها تل أبيب من المانيا.

وسوف تسمح الغواصات الجديدة بأن تتحول البحرية الإسرائيلية بصورة جذرية في مهامها وقدراتها، وسيتغير دورها من مجرد حفظ السواحل الإسرائيلية إلى استراتيجية جديدة من القدرة على القيام بمهام عسكرية وقتالية في أماكن أخرى، وستضاهي القوات البحرية الإسرائيلية في قوتها وأهميتها بالنسبة إلى جيش الدفاع ـ القوات الجوية الذراع الطويلة التي تعتمد عليها اسرائيل في مهامها القتالية بالداخل والخارج.

وأوضح الخبراء أن الغواصات الجديدة ستتحول إلى ذراع طويلة لإسرائيل قادرة على أن تطول أي مكان والعمل في أي منطقة من أجل حماية أمن ومصالح دولة إسرائيل. وأشارت الصحف الإسرائيلية إلى أنه لا توجد دولة أخرى في المنطقة يمكنها امتلاك القوة نفسها ومجاراة إسرائيل، حتى مصر التي تمتلك قدرات بحرية هائلة لن تضاهي هذا التقدم، على الرغم من أن القاهرة كانت قد أبدت رغبتها منذ سنوات في الحصول على الغواصات الألمانية، فان هذا لم يحدث حتى الآن.

وتعد الغواصات المصرية قديمة الطراز وضعيفة الإمكانيات عند مقارنتها بغواصات دولفين المتطورة، لذلك فإن هناك قلقا كبيرا في مصر من التطور الهائل الذي تقوم به إسرائيل في قواتها البحرية، على الرغم من عدم صدور أي رد فعل رسمي مصري حتى الآن، وعلى الرغم من رغبة مصر في امتلاك تلك الأسلحة المتطورة،فان الأزمة التي تعانيها القاهرة حاليا اقتصاديا وسياسيا ستجعل من الصعب حصولها على تلك الأسلحة.

تتنافس بحري

في هذه الأثناء، راقبت إيران بترقب عملية تسليم الغواصة إلى اسرائيل وانتقدت ازدواجية المعايير في التعامل مع الدول التي تستحوذ على الطاقة النووية فها هي إسرائيل تتسلم غواصات ذات قدرة على حمل صواريخ نووية من شأنها احداث دمار شامل فيما المجتمع الدولي لا يحرك ساكنا.

ورغم أن ألمانيا أعلنت أنها لن تتوقف عن تزويد إسرائيل بالغواصات، فانها حذرتها من أن أي تصعيد مع إيران سيجلب مخاطر غير محسوبة. في حين تعتبر اسرائيل ان هذه الغواصات ضرورية ضمن سياسة الردع التي تنتهجها ضد ايران.

يذكر ان نطاق التنافس العسكري امتد بين إسرائيل وإيران في السنوات الأخيرة إلى القوات البحرية، حيث تعمد الدولتان إلى تعزيز ترسانتيهما العسكريتين البحريتين بأحدث الأسلحة والمعدات، وتسعيان كذلك إلى تعزيز وجودهما في المياه الإقليمية والدولية، فإيران تحاول الوجود البحري المكثف في البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، فيما تعمل إسرائيل على تعزيز وجود أسطولها البحري في بحر العرب.

وقد شهدت الاشهر الاخيرة حدثين مهمين، أولهما: إعلان ألمانيا تزويد إسرائيل بغواصات من طراز دولفين، وثانيهما: عبور سفينتين حربيتين إيرانيتين قناة السويس يوم ١٨ فبراير، وتوجههما إلى ميناء طرطوس في سوريا ثم عودتهما مرة أخرى إلى إيران. الحدث الأول يشكل علامة فارقة في مسار إسرائيل لإحداث المزيد من تطوير قدراتها البحرية، وخاصة مع زيادة عدد غواصاتها ذات القدرات النووية التي ستكون وفقا لعدد من المصادر الإسرائيلية إحدى الركائز الجوهرية في أي مواجهة عسكرية مرتقبة مع إيران.

فيما يشير الحدث الثاني إلى أن إيران لا تكتفي بمجرد إظهار قدرة قواتها البحرية على إغلاق مضيق هرمز لدى أي هجوم إسرائيلي عليها، بل إنها تبعث رسالة إلى إسرائيل والغرب بأنها تنسق بحريا مع سوريا وربما مع «حزب الله» كذلك لإمكانية توجيه ضربات بحرية إلى إسرائيل.

ويرجع العديد من الخبراء العسكريين احتدام التنافس البحري بين إسرائيل وإيران إلى يونيو عام ٢٠٠٩ حينما عبرت المرة الأولى الغواصة الإسرائيلية دولفين وسفينتان حربيتان إسرائيليتان هما المدمرة حانيت والمدمرة إيلات قناة السويس، وذلك في إشارة مباشرة إلى احتمال استخدام الغواصة دولفين ضد إيران في أي مواجهة عسكرية، وكرد على تطوير إيران لزوارق حربية وصواريخ تنطلق من عمق الماء ومن فوق السطح لإغلاق مضيق هرمز ومهاجمة القطع البحرية المعتدية.

وإذا كان من شبه المؤكد من الناحية العسكرية قدرة إيران على إغلاق مضيق هرمز، فإن كلا من الولايات المتحدة وإسرائيل تحاول قدر الممكن تعزيز القدرات البحرية بما قد يحول دون تحقيق هذا الهدف، بل يشير بعض التقديرات إلى الدور الكبير الذي يمكن أن تقوم به الغواصة دولفين ليس في هذا الأمر، وإنما لضرب أهداف استراتيجية داخل إيران في حال القيام بمغامرة عسكرية إسرائيلية ربما قد تقود إلى حرب إقليمية.

ردع إسرائيلي

ومن أجل إمكانية تحقيق هذا الهدف، سعت إسرائيل في العامين الأخيرين إلى تعزيز وجودها البحري في البحر الأحمر، وتمكنت من نشر ثلاث غواصات ألمانية الصنع مزودة بصواريخ نووية بالقرب من السواحل الإيرانية، وذكرت المعلومات أن الغواصات الإسرائيلية الثلاث، هي دولفين وتيكوما وليفيثان، وسبق لها أن أبحرت قبالة شواطئ إيران، وأن تل أبيب قررت بقاء إحداها هناك بشكل دائم. علماً بأن عدد أفراد طاقم كل غواصة من هذه الغواصات الثلاث يتراوح بين ٣٥ و٥٠ بحارا، ويمكن للغواصة البقاء في البحر خمسين يوما، والغوص على عمق يصل إلى أكثر من ١١٥٠ قدماً مدة أسبوع كامل، وأن إسرائيل تهدف إلى محاولة ردع إيران وجمع معلومات استخبارية ونقل عملاء تابعين لجهاز المخابرات الإسرائيلية وقوات كوماندوز عند الحاجة.

ويرى الخبراء العسكريون أن الغواصات الإسرائيلية تمثل رأس حربة مباشرة ضد إيران، ويعزى ذلك إلى أن ثمة أكثر من ١٣٥ موقعا استراتيجيا إيرانيا حيويا يستلزم مهاجمتها في وقت واحد لدى اتخاذ قرار الحرب، منها بعض المواقع القريبة من البحر والقطع الحربية الإيرانية في الخليج العربي، مما يستحيل معه أن تعتمد إسرائيل فقط على القوات الجوية التي لن تكفي، وربما لن تنجح تماما، في تدمير منشآت إيران النووية.

ووفقا لذلك يعتقد بعض الخبراء العسكريين أن مشاركة سلاح البحرية الإسرائيلي في المواجهة مع إيران أصبح أمرا مطروحا بقوة، وبناء على ذلك تستعجل إسرائيل الحصول على غواصتين جديدتين من طراز دولفين، لأن ذلك سوف يسمح لها بتنظيم جولات يجوب فيها بعض الغواصات مياهها، فيما يبقى البعض الآخر لتأمين الساحل الإسرائيلي أو يرسو لإجراء أعمال الصيانة.











.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة