الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٩١ - الاثنين ٤ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ١٤ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

المال و الاقتصاد

في التقرير الأسبوعي لـ «ساكسو بنك»:
تدهور أسعار الذهب مع تزايد المضاربة.. وتراجع أسعار النفط والغاز الطبيعي





تواصل أزمة الديون المالية والسيادية فرض نفسها على كل قرار استثماري يجري أخذه حالياً. شهدت الأزمة في أوروبا خلال شهر مايو تصاعداً (من جديد) لتتحول إلى نقطة خطرة مع تحول التركيز في إسبانيا، التي ترزح حكومتها تحت ضغط كبير بسبب أزمة تمويل المصارف. وفي هذه الأثناء تنتظر اليونان إجراء انتخابات جديدة خلال الأسابيع القليلة المقبلة مع احتمال أن يؤدي ذلك إلى وضع مستقبل وجود اليونان في منطقة اليورو على المحك. كما تشهد الصين محرك النمو العالمي الرئيسي تباطؤاً منذ سنة ٢٠٠٨ في حين يعاني الاقتصاد الأمريكي من تباطؤ منتصف الدورة.

لقد ساعدت هذه الأحداث في أخذ المستثمرين إلى السندات الحكومية الآمنة، في ظل ما شهدته العوائد الألمانية خلال السنتين الماضيتين من سلبية في الأداء وفي ضوء الأمان الذي تتمتع به عملات مثل الين الياباني وبالأخص الدولار الأمريكي، الذي ارتفع إلى أعلى مستوى له في ٢٣ شهراً مقابل اليورو. وفي هذه الأثناء تعرضت السلع إلى أدنى انخفاض لها هذا الشهر منذ عام ٢٠٠٨ مع تراجع مؤشر داو جونز يو بي أس للسلع بأكثر من ١٠%، في ظل تعرض جميع القطاعات، كما هو موضح أدناه، لضغط هائل للبيع. كما سجل مؤشر ستاندرد آند بورز جولدمان ساكس للسلع أسوأ أداء شهري له منذ عام ٢٠٠٨، حيث هبط بحوالي ثلاثة ١٠% في ظل هبوط خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت بأكثر من ٢٠% من الارتفاعات التي كانا قد شهداها ليدخلا من الناحية الفنية في سوق متدهورة تشهد فيها الأسهم انخفاضاً متزايداً.

يعتبر أداء المعادن الثمينة الأفضل نسبياً، وهو ما يشير إلى أن اجتذاب الذهب في المناطق الآمنة لم يتلاش تماماً. بالنظر إلى الحركة القوية التي يشهدها الدولار، فقد كانت خسائر الذهب محدودة، حتى أنها سجلت مكسباً بسيطاً باليورو. ومع هذا لا يزال الذهب يكافح ليعيد الألق إلى قدرته جذب المستثمرين الداعمين للسوق، مثل صناديق التحوط.

تلقى قطاع الطاقة، خام غرب تكساس الوسيط، الضربة الأشد مع تزايد تحول التركيز من المخاطر الجيوسياسية إلى تباطؤ الطلب. كما أن تفجر الوضع بالنسبة الى المضاربة في خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط لعب دوراً مهماً في تفسير الهبوط المفاجئ الذي حدث. إلى ذلك فقد تعرض قطاع الزراعة إلى مستويات مرتفعة من التقلب حققت خلالها المواشي والقمح مكاسب أكثر من تعويضات الخسائر الكبيرة التي حققها القطن والذرة وفول الصويا، ويرجى السبب الرئيسي في ذلك إلى تحسن التوقعات المناخية وخفض المستثمرين المضاربين انكشافهم على المدى البعيد.

كما تعرضت المعادن الصناعية إلى هبوط حاد في ظل التباطؤ الذي تشهده الصين التي فتحت المجال أمام التأمل بشأن مصدر الطلب الذي يمكن أن يحدث في المستقبل. وتلقى القصدير الضربة الأقسى في حين سجل النحاس ثاني أسوأ أداء له خلال الشهر منذ الركود الذي حدث سنة عام ٢٠٠٨ بعد أن تراجع بنسبة ١١.٥%.

الذهب يتفوق

بعد الانخفاض المبدئي الذي شهده الذهب في وقت مبكر من شهر مايو، تداول خلال الأسابيع القليلة الماضية ضمن نطاق ضيق ومتقلب نوعاً ما. لقد وجد المستثمرون صعوبة في التعرف على ما إذا كان الذهب ملاذاً آمناً أو ينطوي على مخاطر ولذلك قرروا أن يضاربوا في هذا النطاق بدلاً من ذلك. كما سبق وأشرنا فقد اتسم أداء المعادن الثمينة وخاصة الذهب بنوع من الجودة النسبية على الرغم من ارتفاع سعر الدولار الذي وضع الكثير من السلع تحت الضغط. تحتل صناديق التحوط وغيرها من المستثمرين الداعمين الآخرين مراكز بسيطة على المدى البعيد منذ الركود الذي حدث سنة ٢٠٠٨ وقد فشلوا إلى الآن في المشاركة مع تراجع الزخم في الوقت الراهن.

سحب المستثمرون في منتجات الذهب المتداول بها في البورصة ١٧ طن أو أقل من ١% من إجمالي الاستثمارات في شهر مايو، وهو ما يشير إلى ضرورة تطبيق تصحيح أعمق قبل أن يتمكنوا من تغيير آرائهم المتشبثة بتفاؤلها على المدى الطويل بشأن الذهب. أحد المخاوف التي تفرضها نفسها يتعلق بنقص المشترين الفعليين الذي كان لهم دور في المساعدة في تحقيق الاستقرار في السوق خلال عمليات البيع السابقة. إن ضعف الطلب سببه ما يحدث في الصين وبالأخص الهند التي تعتبر أكبر مستهلك على مستوى العالم في ظل تداول الروبية مسجلة مستويات قياسية في تدنيها في ظل ما يشهده الاقتصاد من ضعف في الأداء استمر لعقد من الزمن.

إن انكسار الخط إلى ما دون حاجز ١.٥٢٠ يحمل في طياته مخاطرة فقد ١٠٠ دولار أخرى هبوطاً، الأمر الذي يجعل المشترين المحتملين على المدى البعيد أكثر قناعة بتأجيل مشاركتهم إلى حين تشهد الأسواق عودة فوق حاجز ١.٦١٠.

واجه أداء الفضة والبلاتنيوم صعوبة مع تراجع البلاتنيوم أمام الذهب الذي ارتفع بنسبة ١١.٥% بعد تراجعه إلى ما دون ١.٤٠٠ دولار للأونصة. إن النظرة المستقبلية للبلاتينيوم تدعمها حالات توقف العرض في بعض الأوقات في ظل توقف الطلب في قطاع السيارات. لقد تشوهت صورة الفضلة بسبب زيادة الفائض في الإنتاج والطلب من المستثمرين الماليين لتجنب ارتفاع هذا الفائض بشكل أكبر. إضافة إلى ذلك، فإن المعادن الأساسية لا تلعب دوراً رئيسياً في الوقت الراهن، في حين أن الشعور السائد بتجنب المخاطر يسيطر على القرارات الاستثمارية المتخذة.

تظهر عائدات النحاس مستويات سلبية خلال السنة. وبالنظر إلى أن الصين وأوروبا تشكلان مجتمعتين حوالي ٦٠% من الاستهلاك العالمي للنحاس، فإن الأخبار الأخيرة الواردة من هاتين المنطقتين تواصل تأثيرها السلبي على النظرة المستقبلية على المدى القريب. ومع ذلك، فإن تراجع المعروض وانخفاض مستويات المخزونات خارج الصين لا بد وأن يساعد في الحد من هذا الهبوط على الرغم مما أدت إليه صناديق التحوط وغيرها من الحسابات الداعمة من تراكم لأكبر وضع على المدى القصير في ثلاث سنوات تقريباً.

النفط الخام تدهورة فنياً

تحول شهر مايو، تماماً كما كان الوضع عليه السنة الماضية، ليكون شهراً مخيفاً بالنسبة الى المستثمرين في قطاع النفط، حيث شهدت أسعار خام برنت وغرب تكساس الوسيط انخفاضاً نتج عن التحول المفاجئ في التركيز بعيداً عن الخوف من الارتفاعات الحادة التي تحركها الأوضاع الجيوسياسية إلى تباطؤ الطلب.

لقد تعرض هذان النوعان من النفط الخام للهبوط بأكثر من ٢٠%، وهو ما يشكل توصيفاً فنياً للنقطة التي تتحول عندها السوق إلى سوق متدهورة.

لقد تسببت قوة الدولار وضعف المواد الأساسية وتزايد المضاربة بضرر كبير على الأسعار في حين شعر المستهلكون بالكثير من الارتياح. كما سيبدأ الشعور بالمعاناة يجد طريقه إلى المنتجين الرئيسيين، الذين يطالبون بارتفاع أسعار النفط لإحداث توازن في ميزانياتهم، وهو ما يمكن أن يشعل فتيل التباطؤ في العرض للسيطرة على هبوط الأسعار. أمضت العربية السعودية شهوراً عديدة تناقش بأن ١٠٠ دولار لخام النفط سعراً معقولاً لكلا الجانبين والآن وقد وصلت إليه سيتم تسليط الضوء على الملاحظات الإضافية باهتمام كبير حيث ساعد الرقم القياسي الذي حققته العربية السعودية في الإنتاج خلال الأشهر القليلة الماضية في دعم الضعف الحالي الذي تشهده الأسعار.

ومجدداً بدأ المستثمرون المضاربون يشعرون بالمعاناة جراء الاتجاه الخاطئ الذي سلكه التداول حيث وجدوا أنفسهم يصارعون لخفض مراكزهم على المدى البعيد بالنسبة الى خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت عودة ما كان الوضع عليه في شهر مارس بعد تسجيل رقم قياسي وصل إلى ٥٠٠ مليون برميل. في ٢٢ مايو كان هذا الوضع لا يزال على مقربة من حاجز ٣٢٦ مليون برميل، كما كان من شأن حدوث مزيد من الانخفاضات المفاجئة أن تحدث حتى تاريخ اليوم. بالمقارنة مع ذلك، فقد تسببت عملية تصفية مشابهة حدثت خلال الفترة من مارس إلى أكتوبر ٢٠١١ بخفض المراكز طويلة الأجل إلى النصف.

يظهر الرسم البياني أدناه مستوى التأثير الكبير الذي وصلنا إليه بالنسبة الى خام برنت. بعد تسجيل أعلى مستوى مضاعف، يتوجب علينا الآن معرفة ما إذا كنا سنصل إلى أدنى مستوى مضاعف. يبدو من الواضح أن استمرار الانكسار لما دون ١٠٠ دولار يشير من الناحية الفنية إلى انخفاض أكبر.

انخفاض الغاز الطبيعي

استعاد الغاز الطبيعي خلال الأيام الأولى من شهر مايو بعض قوته في ظل وجود إشارات على بدء انخفاض الأسعار بالتأثير في مستويات الإنتاج وارتفاع الاستهلاك نتيجة تحول مولدات الطاقة الأمريكية من الفح إلى الغاز. ولكن ومع اقتراب السعر من ٣ دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية فإن الميزة التي اكتسبها الغاز على الفحم بدأت بالتلاشي، مما يشعل فتيل التباطؤ في هذا التحول. يُعتقد أن الأسعار يجب ألا تتجاوز ٢.٥ دولار خلال الفترة المتبقية من فصل الضخ وصولاً إلى شهر أكتوبر، وذلك بغرض ضمان إحداث توازن أفضل في السوق. يظهر الرسم البياني أدناه مدى الارتفاع الحالي في مستويات مخزونات الغاز في محطات التخزين تحت الأرض على مستوى الولايات المتحدة عن متوسط السنوات الخمسة. ولذلك فإن الانعطاف الرئيسي بالنسبة الى انخفاض الأسعار يبدو سيشهد انخفاضاً في الأسعار خلال الأشهر القليلة المقبلة.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة