الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٩٥ - الجمعة ٨ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ١٨ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


البحرين ودول مجلس التعاون وتكتل الآسيان





مشاركة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، في المنتدى الاقتصادي العالمي في (بانكوك)، موضع فخر للبحرين، وتأتي مشاركته هذه، من حرص سموه على المشاركة الفاعلة في المنتديات العالمية الدولية ولاسيما ان سموه، يتبنى فلسفة خاصة، في أهمية مشاركة البحرين، لأي فعالية من شأنها أن تسهم في العلاقات الاقتصادية والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي.

فكان اهتمام وحرص سموه على تشجيع الاستثمار واستقطاب رؤوس الأموال العربية والأجنبية، وتبني سياسة الاقتصاد المفتوح، والذي من اجله ان يهيئ مناخات استثمارية جديدة.

وكان اهتمام سموه بالتنمية الاقتصادية، اهتماما غير عادي، بدأ من بدايات تكوين الدولة الحديثة وإلى الآن، كان ديدن سموه سبل النهضة الاقتصادية للمملكة، فعرفت المملكة المناطق الصناعية، والمصانع، منذ السبعينيات أو حتى اقل من ذلك، مثل شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) والشركة العربية لبناء وإصلاح السفن (أسري) وغيرها، وكذا الحال في بدايات نشأة القطاع المصرفي، وأهمية النهوض بهذا القطاع، كرافد للدخل القومي للمملكة، أضف إلى ذلك سياسة (الخدمات) كمنطلق اقتصادي جديد ليتناغم مع موجة الكساد الاقتصادي وسياسة عدم الاعتماد على النفط كمورد اقتصادي، كل هذه المؤثرات جعلت البحرين، تعيش أجواء انتعاش اقتصادي ملحوظ، طوال العقود الماضية.

في رؤيته الاقتصادية، التي تبلورت في كلمته أمام المنتدى الاقتصادي في (بانكوك)، فقد تطرق سموه إلى العديد من القضايا الاقتصادية الهامة، أهمها تشجيع التبادل التجاري، والغاء القيود المعرقلة لفرص الاستثمار، وأهمية التكتلات الاقتصادية لبناء اقتصادي عظيم، إلى جانب قضايا تطوير القدرات البشرية، والانتفاع مع الانفتاح التكنولوجي، وتعزيز اقتصاديات القطاع المصرفي المالي.

وتطرق سموه إلى منظومة مجلس التعاون الخليجي من كيان سياسي إلى أن أصبح الآن، قوة اقتصادية لا يستهان بها، بفضل الخطوات الاقتصادية المشتركة التي تحققت، والتي هي في الطريق، وكانت هذه المنظومة من أوائل الاتحادات الإقليمية، التي خطت خطوات كبيرة نحو التنمية الاقتصادية الخليجية والتعاون السياسي العسكري والاقتصادي.

وتعد رابطة بلدان جنوب شرق آسيا (الآسيان)، من التكتلات الاقتصادية الضخمة حيث يضم هذا التكتل (١٠) دول من دول جنوب شرق آسيا، وهي اندونيسيا وفيتنام وسنغافورة ومملكة تايلند ولاوس وماليزيا وميانمار وبروناي دار السلام وكمبوديا.

وتسعى هذه الدول إلى تثبيت نفسها بقوة، على الساحة السياسية، وعلى خريطة التكتلات الاقتصادية العالمية، حيث تضمن لنفسها القدرة العالية، على التنافسية الدولية، وكذا ضمان قدرتها والتحدي أمام الأزمات، والاضطرابات الدولية والإقليمية وبخاصة، مع تنامي ظاهرة التكتلات في هذا العصر (رابطة أمم جنوب شرق آسيا، شاهر جوهر).

ونستطيع القول انه استطاعت هذه الدول بهذا التنظيم التكتلي الجامع، ان تحقق الكثير من المكاسب، سواء سياسية أو اقتصادية أو تجارية، فاستطاعت ان توجد أرضية مشتركة للتنسيق والتكامل والاتحاد فيما بينها، مما حقق لها الكثير من المردودات، التي انعكست على تنامي التجارة البينية فيما بينها، ونمو الانتعاش الاقتصادي، والوقوف والصمود أمام النكبات المالية والاقتصادية بتنسيق جماعي، أضف إلى ذلك المكانة المرموقة دوليا التي حصل عليها (تنسيق الآسيان)، والنظرة العالمي له ككيان اتحادي اقتصادي مرموق.

من هنا فان منظمة مجلس التعاون الخليجي، مدعوة لكي تستفيد أكثر من تجارب وخبرات (الآسيان)، وان كنا قد حققنا الكثير، بخطوات ملموسة، ونحن على عتبة مرحلة (الاتحاد الخليجي)، ولكن بقي علينا جملة من الأمور، أهمها، الوحدة الاقتصادية والعملة الموحدة (الدينار الخليجي) والسوق الخليجية المشتركة،)، والرؤية الاقتصادية الموحدة وقضايا تنمية الموارد البشرية ورفع مستوى المهارات، والزيادة التنافسية البينية للصادرات، وحرية تنقل الواردات بلا قيود جمركية، وحل مشاكل المديونية، وغيرها وغيرها من القضايا العالقة.

لقد كانت ؟ ومازالت ؟ اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي، تصنف ضمن اقتصاديات الدول النامية، أو يمكن توصيفها ضمن خانة (الاقتصاديات النفطية)، التي تمتاز بتنام عال في الطاقة التمويلية، وارتفاع مستوى دخل الأفراد بها، وهذا نتيجة حتمية لكون النفط أهم مصادر الدخل القومي لأغلب دول مجلس التعاون ان لم يكن كلها وهذا بطبيعة الحال ينعكس على أداء الاقتصاد، تبعا لحالة المتغيرات النفطية، وحالة الأسواق العالمية، من هنا أدركت دول المجلس هذه الحقيقة بتبني سياسات عدم الاعتماد على النفط ؟ وبخاصة مملكة البحرين -، وتنويع مصادر الدخل. (اقتصاديات دول مجلس التعاون في ظل المتغيرات الاقتصادية، مصطفى العبدالله الكفري).

دول مجلس التعاون تواجه تحديات، وبخاصة في عصر التحولات والعولمة والتكتل الإقليمي، ويبرز أهم تحد، عدم وجود قاعدة اقتصادية متنوعة ؟ باستثناء النفط -، والتي من الممكن ان تلعب الدور الأساس في مسيرة النهضة الاقتصادية، والنهوض باقتصاديات دول مجلس التعاون، مما يجعلها في مصاف التكتلات الهامة والمؤثرة، التي تمتلك قوة ضاغطة اقتصادية.

والتحدي الثاني، عدم استثمار القدرات البشرية في الأعمال والمهن والحرف، والاستعانة بالأيدي العاملة الوافدة الأجنبية، مما قد يصعب التحرر منها، ومن خدماتها، وان كان بالتدرج، وبسياسات التوطين والتدريب ولكن أصبحت هذه المشكلة متفاقمة وبشكل جذري. (معوقات التنمية الاقتصادية في الدول العربية النفطية، عامر ذياب التميمي).

ومن هذا المنطلق، إننا على يقين في المستقبل القريب المنظور وبخاصة في مرحلة (الاتحاد) المرتقبة، ان تعالج قضايانا المصيرية، وفق أجندة محكمة، وان تؤسس لأهداف اقتصادية مشتركة، متناغمة مع التحولات الاقتصادية الضخمة في العالم، علينا التفكير بواقعية اتجاه الخطوات الصحيحة في الوحدة الخليجية المنشودة.

دول مجلس التعاون، في سباق حميم مع الزمن لتثبيت أركانها على الخريطة الدولية العالمية، وهي بذلت جهودا جبارة ؟ ومازالت -، لتدعيم وحدتها وكيانها، بعدما أسست لعوامل نهضتها الداخلية بكل اقتدار وامتياز عاليين.

وعليه فان الآمال معقودة على الاتحاد الخليجي المرتقب بإذن الله تعالى، لتحقيق ما تصبو إليه دول مجلس التعاون من وحدة وعزة وسؤدد ومنعة، ومن تكامل اقتصادي ووحدة اقتصادية شاملة.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة