هزيمة غير مُعلنة..
 تاريخ النشر : الثلاثاء ١٢ يونيو ٢٠١٢
إبراهيم الشيخ
أكثر من أربعين جنديا أمريكيا يحملون رتباً مختلفة، تجمّعوا في شيكاجو بأمريكا، بعد مسيرة معارضة للحروب العدوانية التي خاضتها وتخوضها أمريكا!!
بعد المظاهرة، قام أولئك الجنود بإلقاء خطب مختلفة، يعتذرون من خلالها الى العراقيين والى الأفغان! أمّا الصفعة المؤلمة التي وجّهوها في تلك المظاهرة الحاشدة، فهي قيام جميع أولئك الجنود كلٌّ على حدة، وبعد أن ينهي كلٌّ منهم خطابه؛ برمي وتحطيم ميداليات الشجاعة التي حصلوا عليها من الجيش الأمريكي!!
الجنود هاجموا أمريكا والناتو، وذكروا في خطاباتهم، أنّ أولئك يديرون حروباً حول العالم لينتفع بها بعض الأثرياء هنا وهناك، ولن نكون هناك بعد اليوم لتحقيق ما يريدون!!
الجنود الأمريكان والبريطانيون المشاركون في حروب أفغانستان والعراق، يعانون الويلات بسبب توريطهم في حروب لا إنسانية، وجدوا أنفسهم يمارسون فيها أبشع جرائم القتل والاغتصاب وانتهاك حقوق البشر والحيوان والشّجر.
لقد تزايدت حالات الانتحار بين الجنود الأمريكان بشكل مخيف بالنسبة الى الإدارة الأمريكية بين عامي ٢٠٠٥ و٢٠١١، حيث وصلت الأعداد المعلنة للمنتحرين منهم إلى ٣٠٩ جنود في ٢٠١١، هذا فضلا عن ازدياد الأمراض النفسية، وازدياد المتورّطين منهم في حوادث عنف بعد عودتهم!قناة بي بي سي البريطانية عرضت قبل شهر تقريبا، مسلسلاً يحكي قصة أحد الجنود العائدين من حرب العراق، وكيف كان يُخفي إسلامه وانضمامه الى القاعدة! المسلسل كان يحكي حالة الانهيار الداخلي التي يعيشها أولئك الجنود على اختلاف رتبهم العسكرية.
هذا عدا القصص الكثيرة حول إسلام عدد من الجنود الأمريكان في قاعدة جونتناموا العسكرية، ما يعني أنّ أموالهم انقلبت عليهم حسرات، وسوف يُغلبون.
أن يقوم جندي يحمل منصباً في الجيش، بتحطيم ميدالية الشجاعة التي أعطيت له من قيادته، فهذا يعني أنّه لا يعترف بها، ويكفر بمبادئها وعقيدتها اللاإنسانية، وهو عبارة عن انهيار داخلي في منظومة قيمية، أصبحت تصدّر ثقافة حروب المصالح، التي لا تعترف بالأخلاق ولا بأرواح البشر، وهو بالضّبط ما نشاهده من مواقف حيال ما يحدث في سوريا، حيث باستطاعتهم إيقاف ذلك السّفاح عاجلاً لو أرادوا، ولكنّها قيم المصالح المنحرفة والرّخيصة.
برودكاست: هل يظنّ أولئك المجرمون أن ما فعلوه في العراق وأفغانستان، وما يفعله غيرهم اليوم في سوريا، سينقضي وتنتهي حكايته؟!
إنّ دماء الأبرياء وأعراض الحرائر وأرواح الأطفال ستبقى لعنات تصبّ صباٌّ على مقترفيها، لا ينعمون بنوم ولا بصحو، وسيلقون جزاءهم في الدنيا قبل الآخرة.
.
مقالات أخرى...
- ارحموا رجولتكم.. للتاريخ ليس إلاّ؟! - (11 يونيو 2012)
- اعذرنا يا أحمد الظّفيري - (10 يونيو 2012)
- استبدال.. - (7 يونيو 2012)
- «كلِّ حاجَه تمام يافندم»!! - (6 يونيو 2012)
- وماذا عن الأسوأ؟! - (5 يونيو 2012)
- عجزتم عن هذا ومرّرتم ذاك! - (4 يونيو 2012)
- من يُدير هذا التناقض؟! - (3 يونيو 2012)
- قطع الرّأس.. - (31 مايو 2012)
- عجز الثّقات.. - (30 مايو 2012)