الشيعة في البحرين أكبر من أن يكونوا لعبة في يد أحد
 تاريخ النشر : الجمعة ٢٢ يونيو ٢٠١٢
بقلم: حسن عبدالله المدني
قد لا تسمع اليوم من يرد عليك من أبناء جلدتك وأنت تتحدى وزير الدفاع وتتحدى جيوش المنطقة المدججة بأحدث الأسلحة التي تنتجها أكبر مصانع السلاح في العالم، وتتوعدهم بالهزيمة النكراء، بينما سلاحك الوحيد هو الأجساد النحيلة والأيدي العزلاء والصدور العارية لصبية القرى الشيعية المنهكة الذين زججتم وتزجون بهم في أتون معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل قد يفقدون فيها أرواحهم ومستقبلهم ويصابون فيها إصابات قد تدوم معهم طوال حياتهم لتتبوأوا أنتم منابر في الداخل والخارج لا تستطيعون ارتقاءها إلا في ظل الفوضى والصخب والضجيج والانفلات وتغييب الوعي أو تزييفه.
لا أحد ينازعك فرصتك التاريخية الفريدة التي قد لا تتكرر لك أبدا إن استتب الأمن وساد الهدوء وعاد الجميع إلى رشده سريعا في هذا البلد وانسابت المياه في مجاريها الطبيعية، لأن الإصلاح الحقيقي قادم لا محالة اليوم أو غدا، وهو أمر وارد حتى من دونك ومن دون حزبك ومن دون الذين كانوا جزءا من المشكلة أو كانوا هم المشكلة كلها، فقل وافعل بالناس والبلد ما تريد فقد تكون الفترة محدودة جدا، وقد تكون تلك فرصة أخيرة لاستعراض القوة وفرد العضلات أمام الجمهور وأمام أقوى قوة في البلد. لا أختلف معك أبدا في أنك تستطيع الآن أن تخرج الكثيرين إلى الشارع بفتوى شرعية واحدة أو «بنصف فتوى من كلمتين» أو ربع فتوى أو حتى من دون فتوى ولا هم يحزنون؛ فالغطاء الشرعي جاهز ومفصل منذ عقود، ولم يأت هذا الغطاء فقط مع حوادث فبراير ٢٠١١، كما يعتقد البعض، لكن لا أحد يجهل أيضا في البحرين أن الفتاوى في هذا الزمن الرديء بالمجان فمنها التكفيرية والانتحارية وغيرهما وأكبر ميدان لتلك الفتاوى هو العراق وأفغانستان وباكستان والصومال وغيرها من بلدان الفتاوى المجانية لذبح الناس والإساءة إليهم وامتهان كرامتهم باسم الدين، وندعو الله ألا يمكن أحدا ولا يبلغه لجر البلاد إلى ما وصلت إليه بلاد الدم والأشلاء والفتاوى المتكثرة.
لكن دعني أذكرك أن هؤلاء الذين ستخرجهم إلى الشارع وتقول عنهم إنهم «لا يبقون ولا يذرون» قبالة أسلحة الجيش وأسلحة الجيوش التي تعهدت بمقاتلتها وهزيمتها على أرض البحرين، سوف يكونون ضحايا وأرقام تضمهم إلى قوائم القتلى السابقة الذين تاجرتم بدمائهم، ولن تنال النصر بالأجساد النحيلة، اللهم إلا إذا كنت تعتقد أن كل دم يسيل على هذه الأرض الطاهرة هو مغنم وبشارة خير لك وللحزب الذي تنتمي إليه، وكل ضحية تسقط في البحرين هي «نصر» مؤزر من نوع آخر لا نعرفه لك ولحزبك.
وأسألك: أي ديمقراطية تلك التي تنادي بها وأنت تهدد باستخدام «الفتوى الشرعية» في مقارعة الحكومة وإخراج الشيعة في البحرين دون غيرهم بعشرات الآلاف للقتال في استهانة واضحة بعقولهم وإساءة لهم ولكرامتهم وكأنهم قطيع يركض وراءك لتلبية فتواك - إن كنت أهلا للفتوى- من دون وعي منهم ولا إدراك ولا تقدير ولا عقل ولا بصيرة؟ ولو قال غيرك ما قلت لعددت ذلك شتيمة للشيعة ولدعوت أنت نفسك الناس للانتصار للمذهب والخروج في مسيرات تقيسونها بالكيلومترات.
إن صمت الذين لا يرتضون أقوالك وأفعالك سوف يخدمك في الوقت الراهن على الأقل باعتبارك «سلطة» أيضا تمتلك شيئا من زمام الترهيب والترغيب ، وتقارع السلطة وتتحداها علنا، ولا أحد يتحداك ولا يستهين بقوتك ولا يجرؤ على مقامك، ولكن لتعلم أن هناك الكثيرين من الشيعة في البحرين لا يستجيبون لفتاواك السياسية الحزبية ولا يخشون سلندرات جندك (التي حييتها وافتخرت بها أثناء حملتك الانتخابية في عام ٢٠٠٦) ولا يهابون من ملوتوفاتهم ولا حجارتهم ولا تشويههم ولا شائعاتهم ولا حرائقهم ولا حروبهم النفسية، نعم هؤلاء موجودون في بلادالقديم والمصلى وجدحفص أرض العلماء، وفي المنامة عاصمة التنوير، وفي جزيرة سترة الأبية، وفي عالي الشامخة، وفي الدراز بلدة المثقفين، وفي النويدرات منطقة المتنورين، وفي كل مناطق الشيعة في البحرين، وليس بعيدا أن يتحول همس المجالس إلى مجاهرة برفض طبول الحرب علنا ورفض فتاوى الدم والقتال.. فحذارِ!
.