الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٠٩ - الجمعة ٢٢ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٢ شعبان ١٤٢٢ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


الصين تُنذر السفارات الأجنبية





أرسلتْ الصين إنذارا رسميا إلى السفارات والبعثات الأجنبية كافة المعتمدة في الصين، وهذه المرة لم يكن إنذارا لأسباب سياسية، أو أمنية، أو متعلقة بقضية حول حقوق الإنسان، كما هو في الحالات التقليدية العادية التي تَحدث بين الدول.

فالبيئة هي التي كانت السبب في إنذار الصين للسفارات وتوتر وخدش العلاقات بينها وبين الدول الأخرى، وبالتحديد سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في بكين.

وجاء هذا التنبيه الرسمي بسبب قيام سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في بكين بمراقبة جودة الهواء في العاصمة، وبالتحديد قياس تركيز الجسيمات الدقيقة، عن طريق جهاز واحد مثبت فوق سطح المبنى منذ عام .٢٠٠٨

وهذا العمل في حد ذاته لم يغضب الحكومة الصينية في بداية الأمر، ولكن الذي أثارها واستفزها هو قيام السفارة الأمريكية بنشر المعلومات الخاصة بجودة الهواء في كل ساعة وعلى مدار اليوم والسنة في موقع السفارة على وسائل التواصل الاجتماعي مثل التويتر.

وبالرغم من ذلك، فقد أمسكت الصين غضبها وضبطت نفسها فترة من الزمن، ففي البداية غضت النظر عن هذه الممارسات، ثم في مرحلة تالية أبدت اعتراضها ولكن بشكلٍ صامت لم يُحدث أي خللٍ في العلاقات الثنائية، ولم يحدث أي ضجةٍ إعلامية. ولكن بعد أن تبين للحكومة الصينية أن هذه القراءات المنشورة على التويتر عن وضع وحال الهواء غير الصحي للإنسان تفضح الصين، وتُبين سوأتها البيئية، وتكشف عورتها أمام شعبها ودول العالم أجمع من خلال متابعة أكثر من ٢٠ ألف صيني للنتائج التي تنشرها السفارة الأمريكية، فعند ذلك اضطرت الحكومة الصينية إلى أن تُبدي انزعاجها واستياءها وتقديمها احتجاجا رسميا ضد السفارة الأمريكية.

وجاء هذان الاحتجاج والإنذار الحكوميان من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده وو زياكنج (gniqoaiX uW( نائب وزير البيئة الصيني في ٥ يونيو، حيث دعا السفارات الأجنبية إلى التوقف فورا عن نشر المعلومات والتقارير الخاصة بجودة الهواء الجوي في المدن الصينية، وأكد أن الحكومة الصينية فقط هي التي لديها الصلاحيات لمراقبة الوضع البيئي لعناصر البيئة الحية وغير هي الحية، وهي فقط المسئولة عن نشر أي معلومات عن صحة وسلامة البيئة ومكوناتها في الصين.

ولكن الحكومة الأمريكية لم تقف متفرجة على هذا التهديد الصيني، وجاء الرد سريعا، ففي اليوم التالي، وبالتحديد في ٦ يونيو، قال المتحدث والناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية مارك تونر (renoT kraM): «إن السفارة الأمريكية في الصين لن تتوقف عن نشر المعلومات المتعلقة بجودة الهواء في المدن الصينية، وليس لديها مانع من قيام الحكومة الصينية بنشر المعلومات عن جودة الهواء في المدن الأمريكية».

وفي الجانب الصيني لم يتأخر الرد أيضا، حيث أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية ليو ويمن)nimieW uiL) في لقائه الدوري مع الصحافة موقف الصين بشأن منع السفارات والبعثات الدبلوماسية الأجنبية من نشر المعلومات الخاصة بجودة الهواء في وسائل الإعلام الجماهيري ووسائل الاتصال الاجتماعي، كما قال: «إن الصين ليست لديها الرغبة في مراقبة ونشر المعلومات الخاصة بجودة الهواء في المدن الأمريكية، وإن قيام الدبلوماسيين الأجانب بمراقبة وقياس جودة الهواء لا يتفق مع معاهدة فيينا حول العلاقات الدبلوماسية، ويجب على السفارات التقيد بالأعراف الدولية واحترام قوانين وأنظمة الصين، والتوقف عن الأنشطة غير المسؤولة».

وهذه القضية البيئية السياسية تعكس العلاقات المتوترة بشكلٍ مستمر بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية في مختلف القضايا، كما أنها تؤكد أن معظم دول العالم تحاول إخفاء المعلومات المتعلقة بجودة مكونات البيئة بشكلٍ عام، وبخاصة جودة الهواء الجوي، فالشفافية في هذه القضية شبه معدومة، ولا تتحقق إلا بضغط الشعوب على الحكومات بضرورة نشر جميع المعلومات البيئية، فهي حق أصيل يمس حياة المواطن وأمنه الصحي، ولذلك يجب أن يعرفه الجميع ويطلع على تفاصيله الدقيقة.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة