الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥١٢ - الاثنين ٢٥ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٥ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


كلفة علاوة الغلاء!





حساب الكلفة أو الـ )TSOC( يُعنى به في علوم الاقتصاد والتجارة مجموع الأعباء المالية والبشرية والفنية المتعلقة بإنتاج سلعة أو خدمة معينة قبل وصولها إلى مرحلة البيع والأداء. ويتم اعتماد هذه الكلْفة معياراً فاصلاً لاحتساب الربح والخسارة وبالتالي اعتماد التوقف أو الاستمرار في تقديم هذه السلعة أو الخدمة.

وهو أمر منطقي لا يحتاج إلى كثير عناء حتى يفهم أي إنسان يدخل في مشروع يتسبب في أرباح أو خسائر يستطيع على إثر احتساب كلفته أن يقرر الاستمرار فيه وفق مبررات ومعطيات علمية وعقلية مقبولة.

أقول هذا الكلام وقد قرأت يوم أمس خبراً في إحدى صحفنا المحلية يقول إن عدد المراجعين للمراكز الاجتماعية المعنية بتحديث بيانات الدعم المالي (علاوة الغلاء) تجاوز (٨٦) ألف شخص، وان عدد هذه المراكز التي تستقبل هذه الآلاف (٨) مراكز في مختلف مناطق البحرين، وهنالك (١٢) اختصاصيا لاستقبال هذه الآلاف من المواطنين لتحديث بياناتهم. فإذا أضفنا الى هذا الخبر أن هنالك أعباء أخرى تتعلق أو تصلح لاحتسابها ضمن كُلفة مشروع (علاوة الغلاء)، أعني أعباء مادية وبشرية وإدارية وفنية، ألخصها فيما يلي: ١- هنالك آلاف أخرى قد تقوم بتحديث بياناتها مباشرة على أجهزة الحاسب الآلي. ٢- أعداد من الموظفين يتابعون مدى تطابق البيانات مع معايير الاستحقاق. ٣- أعداد كبيرة من المواطنين يقومون بمراجعة أجهزة ووزارات لتعديل بياناتهم ومستنداتهم الخاصة. ٤- نواب وبلديون يستقبلون شكاوى المئات (ربما الآلاف) من المواطنين يعرضون ويطلبون مساعدتهم في استحقاقهم للعلاوة، وهؤلاء النواب والبلديون يقضون أوقاتا ويبذلون جهودا للمتابعة والسؤال عن هذه الشكاوى. ٥- أعمال بنكية وحسابية يقوم بها موظفو مختلف المصارف لإدخال مبلغ هذه العلاوة في حسابات مئات الآلاف من المستفيدين منها فضلاً عن الرد على استفساراتهم وأسئلتهم عن دخولها أو عدم دخلولها. ٦- صحف ووسائل إعلام متعددة منها الإذاعة، على الأخص برنامج صباح الخير، تستقبل وترسل وترد على شكاوى واستفسارات وطلبات تصل إلى حدّ ما يشبه (التسوّل) بشأن هذه العلاوة. ٧- هذه الـ(٨٦) ألف مواطن ممن قاموا بتحديث بياناتهم في (٨) مراكز اجتماعية صرفوا (بنزين) لسياراتهم واستخدموا شوارع ومواقف وزادوا من حدّة زحام المراجعات والمرور.

وبالطبع هذه الأعباء أو تكاليف المشروع (المادية والبشرية والفنية) ليست جديدة أو للتوّ وإنما مضى عليها بضع سنوات، وهي على ذات الحال من الأخذ والتجاذب بغالب تكاليفها التي أشرت إلى بعضها من دون أن يفكّر أحد في جمع كل هذه التكاليف ويقارنها بالقيمة الفعلية لما يُنفق للعلاوة ذاتها، والتي تبلغ (٥٠) ديناراً نحسب أنها لا تستحق كل ما يحدث بشأنها ولا تستأهل كل هذه المعاناة والتكاليف، ويمكن للدولة أن تدمج هذا المبلغ الصغير في رواتب موظفيها ومتقاعديها ومستحقي مساعداتها بوزارة التنمية الاجتماعية وتحوّلها إلى علاوات في رواتب شركاتها ومؤسساتها الخاصة المسجلين في هيئة التأمين الاجتماعي دونما حاجة الى الاستمرار في مشروع علاوة، تكاليف البحث عن مستحقيها وإيصالها إليهم ربما تفوق قيمتها. مرّة أخرى أعني تكاليفها وأعبائها المالية والبشرية والفنية، أعني مراكز وموظفين ونواب وبلديين وصحف وإذاعة وشوارع ومواقف وبنوك.. أعتقد أن «السالفة ما تستاهل».



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة