هل هي «مهيّـة»؟!
 تاريخ النشر : الخميس ١٤ يونيو ٢٠١٢
جمال زويد
الهنود الحمر (Red Indians) هو - بحسب موسوعة ويكيبيديا - اسم يتم إطلاقه على الأمريكان القدماء أو الأمريكان الأصليين، قبل عصر كريستوف كولمبس، وعلى السلالات التي انحدرت منهم. ويُقال في سبب تسميتهم بالهنود لأن كريستوف كولمبس ظن خطأ أنه وصل إلى جزر الهند الشرقية عندما اكتشف العالم الجديد، ثم سمّوا فيما بعد الهنود الحمر والهنود الأمريكيين تمييزاً لهم عن الهنود الآسيويين.
للهنود الحمر في أمريكا تاريخ يمتد إلى ما قبل الميلاد بآلاف السنين، ولهم حضارات معروفة، وقد انتشر الهنود القدماء في الأمريكتين واستوطنوهما ليؤسسوا المئات من الأمم والقبائل ذات الثقافات المتباينة قبل أن يكتشف الرحالة كولمبس أمريكا ويتم الاستيلاء على أراضيهم. بعضهم تعايش وتبادل التجارة واستوعب الوضع الجديد الذي حوّلهم فيما بعد الى مواطنين من درجة ثانية وربما ثالثة.
ويبلغ عدد الهنود الحمر في الولايات المتحدة الآن (٤,١) ملايين نسمة، ينقسمون إلى (٥٥٦) قبيلة معترف بها. ويقول تقرير نشر في مجلة هاي الأمريكية في شهر مايو ٢٠٠٤ «انه من بين كل أربع قبائل تعيش قبيلة واحدة بأكملها في فقر، ويعيش أكثر من نصف مليون منهم في محميات مستقلة» وتفسر المجلة هذا الاسم الذي يطلق على أماكن تجميع الحيوانات بأنها: «عبارة عن مساحات من الأرض أَرْغَمت حكومة الولايات المتحدة هذه القبائل على الانتقال والعيش فيها قبل أكثر من قرن من الزمان»، ويمضي التقرير قائلا: «وتنتشر البطالة وإدمان الكحول في هذه المحميات، كما أن الانتحار والأمراض منتشرة على نطاق واسع أيضاً، والقليلون منهم فقط هم الذين يهربون من هذا الواقع الأليم ويعيشون حياة أفضل».
فرضت أمريكا على سكانها الأصليين (الهنود الحمر) سياسات تمييز عنصري إلى درجة أن لهم إدارة خدمات طبية خاصة بهم وحدهم فقط ! أسمتها هيئة الخدمات الصحية للسكان الأصليين، كأن أمراضهم غير الأمراض !! كما حظرت عليهم الحديث بلغاتهم الأصلية ومنعتهم من الاحتفال بمناسباتهم ووفق طقوسهم، وفرضت عليهم ارتداء الزي القومي. هنالك احتجاجات وقمع يُمارس ضدهم حتى انه في الشهر الماضي طالب جيمس أنايا خبير الأمم المتحدة لحقوق الشعوب الأصلية في بيان له قائلا: «إن على الحكومة الأمريكية أن تعيد مناطق يعتبرها الهنود الحمر مقدسة لتخضع لسيطرة السكان الأصليين مرة أخرى». ودعا أنايا الحكومة الأمريكية الى حماية حقوق الشعوب الأصلية من خلال اتخاذ إجراءات أوسع مدى. وقال: «الهدف المنشود هو تقوية قدرة هذه الشعوب على تقرير مصيرها وحريتها في تدبير جميع شئونها بذاتها على كل المستويات». وأضاف أنايا أن «الأمان الحضاري والنمو الاقتصادي والاجتماعي للجماعات الأصلية مرتبط بالحق في الوجود على أراضيها»، وذكر أنايا «أن التارخ القمعي يجب أن ينتهي».
غير أن أحداً أو كثرة منّا لا يعرف شيئاً عن احتجاجات وقمع الهنود الحمر في أمريكا التي تملك الآن كل أدوات التدخل وانتهاك سيادات دول قائمة ومستقلة والمشاركة في فرض أجنداتها ورؤيتها لمعالجة حتى المشكلات الداخلية في مختلف دول العالم.
قرأت تفاصيل كثيرة بخصوص هؤلاء الهنود الحمر لكنني في النهاية تساءلت: هل ستقبل الولايات المتحدة الأمريكية أن يقوم وفد أو سفير من أي دولة أخرى، بحريني - مثلاً - بالسفر إليها والاجتماع بقبائل أو رموز وقادة الهنود الحمر هناك والتباحث معهم بشأن مشاكلهم ومطالبهم ودعواتهم بالحريات ومنع القمع ضدهم واسترداد أراضيهم ووقف التمييز العنصري الذي يُمارس عليهم؟! وهل ستقبل أمريكا أن يصرح هذا الوفد أو السفير بدعم مطالبهم والوقوف في صفّهم أو بالإفراج عن معتقليهم أو ما شابه ذلك من دعوات وتدخلات وإملاءات يمارسها الأمريكان والبريطانيون وأمثالهم في دول العالم العربي والإسلامي، مفتحة لهم الأبواب، يدخلون ويجتمعون ويخرجون، بلا حسيب ولارقيب، وبدون مبالاة لما يُعرف في العلوم السياسية بسيادة الدول وأهمية عدم تحويلها إلى ما نسمّيه في لهجتنا العامية «مهيّة». يدخل فيها كل من هبّ ودبّ، يصرّح ويدعو ويجتمع ويطالب؟!
سانحة:
عندما أسمع أو أقرأ تصريحات لبعض الشخصيات ينتقدون الفسـاد أتذكّر تلك العاهرة التي تتكلم عن العفاف والطهارة.
.
مقالات أخرى...
- مجرّد خدمات استقبال وضيافة - (12 يونيو 2012)
- أين يذهب خريجو الثانوية؟! - (11 يونيو 2012)
- زهرة والظفيري.. - (10 يونيو 2012)
- أقلّهن مهرًا - (8 يونيو 2012)
- غلق مسارات بشارع الملك فيصل - (6 يونيو 2012)
- لغز الحديقة - (5 يونيو 2012)
- إنجاز ورفض وقتل وفحص - (4 يونيو 2012)
- وقف منتجاتهم السياحية - (3 يونيو 2012)
- تغيير إطارات - (1 يونيو 2012)