الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٠٦ - الثلاثاء ١٩ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٩ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


جزيرة بلا سواحل!





يقال إن البحرين جزيرة يحيط بها البحر من جميع الجوانب والجهات، هذا هو وضعها الجغرافي الذي تعلّمناه منذ طفولتنا في المدارس، وتبعاً لذلك فإنه يُفترض أنها تتمتع بما نراه في كثير من جزر العالم التي تتـــلألأ فيها الرمــال البيضـاء والذهبية وتتمايل على جنباتها الأشـــجار والأزهـــار المختلفة وتلتحم ميــاهها مع روائع الطبيعة الغنَّاء فتتحوّل إلى سواحل ومناطق اصطياف واستجمام تستقطب المواطنين والمقيمين والسيّاح، وخاصة أثناء لهيب حرارة الصيف. هكذا يُفترض لولا أن واقع الحال عندنا يُفصح بصعوبة الحصول على ساحل واحد يصلح للاستمتاع بمناظره ورماله فضلاً عن السباحة فيه!!

التصريحات والتوجيهات كثيرة عن إنشاء أو تطوير أو فتح سواحل لكنها في الغالب تبقى حبيسة الأدراج أو لصيقة الأحبار التي كُتبت بها، حيث إن بحارنا وشواطئنا فقدت جمالها ونضارتها واختفت النظافة من سواحلها وصارت أقرب ما تكون الى أماكن للمخلفات والأنقاض ومراتع للقاذورات من دون أن يتحرك أحد من الجهات المسئولة لإعادة الاعتبار الى بلد كانت معروفة فيما مضى من الزمان بالريادة في بحارها والعيش من خيراتها قبل أن يجور عليها الدفان والإهمال. في حين أن بعض البلدان تتمنى أن يكون لها مطلّ ولو من جهة واحدة على البحر لتحوّله إلى (مزار) لا يكاد يغادره المواطنون والسائحون من روعته وجماله وخدماته ومرافقه!

من يستطيع أن يقنعنا بأن ما يُسمى بلاج الجزاير في حالته الراهنة هو ساحل يستحق أن نضعه في مصاف السواحل التي يمكن اللجوء إليها غير لجوء المضطرين، رغم أنه قبل ثلاثة أو أربعة أعوام (لا فرق) تم إعلان مشروع كبير لتطويره، ولكنه على ما يبدو ذهب أدراج الرياح. ساحل الحوض الجاف بالمحرق لا يقلّ سوءاً وإهمالاً عن بلاج الجزائر، منظره لا يسر أحدا.

حتى لا نظلم (بختنا) ونبخس حق الصور والمشاهد التي يجري عرضها في التلفزيون ؛ فإن هنالك سواحل وشواطئ أخرى في البحرين هي في غاية الروعة والجمال لكنها إما سواحل خاصة وإما منتجعات تجارية يصعب دخولها والاستئناس بها، وخاصة على ذوي الدخل المحدود والمتوسط، وما أكثرهم! ولا يجدون لهم من بحار بلدهم إلاّ ما ترونه من سواحل نادرة، وسيئة في نظافتها، وخالية أو سيئة في مرافقها وخدماتها لا لشيء سوى أن الترويج السياحي في وطننا العزيز قد أهمل (سالفة) الاهتمام بإمكانياتنا الطبيعية من السواحل والشواطئ الآخذة في التدهور والتقلّص ووجّه جلّ الاهتمام الى أنواع أخرى للسياحة لا تخصّنا، واكتشفنا مؤخراً عدم جدواها وعدم تماشيها مع القيم والأعراف المرعية في المملكة.

سانحة:

قال تعالى: «وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا، ربنا ليضلّوا عن سبيلك، ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم، قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون».



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة