الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥١٧ - السبت ٣٠ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

الشيخ صلاح الجودر:

المنبر الديني يجب أن يكون منبرا للأمن لا للفتن





قال الشيخ صلاح الجودر في خطبة الجمعة بجامع الخير في منطقة قلالي أمس: لايزال الإرهاب والعنف والتخريب في وطنكم العزيز البحرين، ويتعجب المسلم ويحار من هول ما يرى ويسمع عن تلك الأعمال في مجتمع عرف بطيبة وتسامح أهله، فالأمر أشد وأنكى، فما تم عرضه بالأمس على شاشات التلفزيون من أعمال إرهابية وإجرامية وعنفية لتؤكد حجم المؤامرة لتغيير هوية هذا الوطن، فاستخدام أدوات القتل والدمار لأمر يجب شجبه ورفضه واستنكاره والتنديد به، فليس له من مبرر شرعي أو عقلي، فالإسلام والأديان السماوية الأخرى والقوانين الوضعية، والدول والمنظمات ترفض العنف والإرهاب، وتدين دعاته، وتسعى لتجفيف منابعه.

أصحاب السلوكيات الشاذة يستمدون فكرهم السقيم من دعاة العنف والتطرف والتشدد: قطع للطريق، وخروج على الناس ليلاً، وتعد على رجال حفظ الأمن والمواطنين، أعمال لا يمكن وصفها إلا بالإفساد في الأرض، يبوء صاحبها بإثم كبير في الدنيا والآخرة، سلوكيات عنفية لا مكان لها في هذا الوطن، لذا لن تنبت ولن يكون لها قرار، طال الزمان أو قصر، فهذه السلوكيات قد خرجت على الناس في فبراير العام الماضي (٢٠١١م)، وهي نتيجة حتمية للغلو والتشدد والتطرف القادم من دول الإرهاب، وقد ابتليت الأمة عبر تاريخها الطويل بهذه النماذج حينما سلت السيوف وأطلقت السهام وأشعلت النيران.

ما تشهده الساحة اليوم من أعمال حرق للإطارات، ورمي للقنابل الحارقة، وإغلاق للشوارع والطرقات، وتخزين وتصنيع للمواد المتفجرة لا يستفيد منها إلا أعداء الأمة، فاستهداف الآمنين ورجال حفظ الأمن مخالفة صريحة لأحكام الشريعة، فما يحدث هذه الأيام في بعض القرى والمناطق من أعمال عنف لا يقبلها شرع ولا عقل، فكم نفس قد روعت، وكم من أموال قد أتلفت، وكم من مصالح قد عطلت، هذه الأعمال ليست من الإسلام في شيء، فقد أمر الله بحفظ الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في خطبة الوداع: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا)، وقال: (فليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) أخرجه البخاري. الواجب على كل مسلم أن يدين العنف والإرهاب والإجرام، فالمجتمع في سفينة واحدة، والخرق فيها يفضي إلى غرق الجميع، ويدفع بالمجتمع إلى أتون صراع أهلي لا يعلم نهايته إلا الله، وهذا ما يسعى له الإرهابيون والعنفيون من استمرار أعمالهم، وقد قال (صلى الله عليه وسلم):(من حمل علينا السلاح فليس منا) أخرجه البخاري.

المسئولية اليوم تحتم على الجميع حمل المسئولية، حكاماً ومحكومين، على الجميع أن يحسوا بواجبهم الشرعي والوطني للتصدي لدعاة العنف والإجرام والإرهاب، فالدول التي ابتليت بهذا الداء توحدت جميعها للتصدي للإرهاب، واستطاعت اجتثاثه من أرضها، وليس بخاف عليكم بأن ما نراه اليوم ما هو إلا إرهاب إقليمي، مدعوم من محور الشر بالمنطقة (إيران ومليشيات عراقية وحزب الله بلبنان)، وهي قوى مدرجة على قائمة الإرهاب الدولي.

لقد تعرض المنبر الديني في الفترة الأخيرة لممارسات غريبة يجب التنبيه عليها والتحذير منها، فالمنبر الديني قائم لتعزيز الأمن والاستقرار، وتحذير الناس من السموم والأدواء، فيكون منبرا للأمن لا منبرا للفتن، من هذا المنطلق تسعى وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف إلى تأمين المنبر الديني، وإبعاده عن الصراع السياسي والاصطفاف الطائفي، فالمنبر يجب أن يكون قلب الأمة ولسانها المعبر، فمكانته عظيمة في قلوب المسلمين منذ أن ارتقى رسول الله(صلى الله عليه وسلم) الجذع وخطب بالناس إلى آخر خطبة بحياته، لذا يهتم المنبر الديني بتعزيز العقيدة الصافية، والمنهج الواضح، والفهم الصحيح، والعلم النافع، والمحافظة على مصالح الناس.

وطنكم ليس ببعيد عن قلب الأحداث، فهو اليوم مستهدف في دينه وأمنه ووحدته ومكتسباته، والواجب تفويت الفرصة على المتربصين، والمحافظة على مكتسبات الوطن، والتعاملُ مع الأحداث بفقه الواقع. الواجب على العلماء والخطباء اليوم بيان الحق للناس، وإنارة الطريق لهم، وتبصيرهم بأمر الفتن والمحن التي تعصف بهم، ومخططات الأعداء، فهذه هي أمانة المنبر الدينية التي بينها رسول الله (صلى الله عليه وسلم).



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة