الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٢٢ - الخميس ٥ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٥ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


الإمارات ومصر نقاط فوق الحروف





حسنا فعل الشيخ عبدالله بن زايد وزير خارجية الإمارات, بأن أدلى بتصريح مطول نشرته وكالة أنباء الإمارات أمس حول العلاقات بين الإمارات ومصر, وضع فيه النقاط فوق الحروف ووضع علاقات البلدين في سياقها التاريخي والاستراتيجي الصحيح.

مفهوم ان اهمية التصريح انه يأتي في وقت شهدت فيه العلاقات بين البلدين شيئا من التوتر، ووضع حدا له.

قبل ان نتطرق الى تصريحات الشيخ عبدالله بن زايد واهميتها، لا بد ان نتوقف عند التوتر الاخير في العلاقات. ومعروف ان السبب هو التصريحات او التعليقات التي عبر عنها الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي حول انتخابات الرئاسة المصرية الاخيرة. وهي التعليقات التي اثارت غضبا واسعا في مصر، وبسببها استدعت وزارة الخارجية المصرية السفير الإماراتي في القاهرة وطلبت منه توضيحات حولها.

الفريق خلفان له موقف معروف من الاخوان المسلمين، عبر عنه اكثر من مرة في الفترة الماضية. وهذا من حقه.

لكن حين تطرق الى انتخابات الرئاسة في مصر ونتائجها وادلى بتعليقاته، كان عليه ان يدرك هنا انه مسئول اماراتي كبير، وان ما يعبر عنه لا يعبر عن مجرد رأي او موقف شخصي، وانما سيأخذه الكثيرون بالضرورة على انه موقف منسوب الى الامارات بصفة عامة، ويمكن بالتالي ان تسيئ الى علاقات البلدين، وهو ما حدث بالفعل.

الأمر الآخر ان الفريق خلفان كان عليه ان يدرك انه منذ اللحظة التي اعلن فيها فوز الدكتور مرسي في انتخابات الرئاسة، فقد اصبح رئيسا لمصر ولكل المصريين بكل انتماءاتهم.

وليس هناك مواطن مصري يمكن ان يقبل أي شكل من اشكال الإساءة الى رئيسه، او يمكن ان يقبل تهكما او سخرية من اختيار الشعب لرئيسه في انتخابات حرة.

وعلى أية حال، كما ذكرت، فقد جاءت تصريحات الشيخ عبدالله بن زايد لتنهي هذه المسألة، ولتحدد بوضوح الأسس الثابتة التي تقوم عليها علاقات البلدين.

وزير خارجية الإمارات حرص هنا على ان يؤكد جوانب ثلاثة أساسية:

١- ان العلاقات بين الامارات ومصر هي علاقات تاريخية واخوية، وان هناك حرصا شديدا على توثيق هذه العلاقات في الفترة القادمة على الاصعدة السياسية والاستثمارية والاقتصادية كافة.

٢ - اشاد بالخطاب الذي ألقاه الرئيس مرسي في جامعة القاهرة، لما تضمنه "من قواعد ثابتة للسياسة الخارجية المصرية، وعلى رأسها الالتزام المصري الواضح بالأمن القومي العربي والعمل على تفعيل منظومة العمل العربي المشترك".

٣ - تأكيد ان "الدور المصري القوي والمتزن والفاعل ينعكس ايجابا على عالمنا العربي ليصبح اكثر تأثيرا على الساحة العالمية ويمنع التدخلات الاقليمية في الشأن العربي".

هذه الجوانب التي اكدها الشيخ عبدالله بن زايد في تصريحاته تحدد ليس فقط الاسس التي يجب ان تستند اليها العلاقات الاماراتية المصرية في الوقت الحاضر والمستقبل، لكن ايضا العلاقات بين كل دول الخليج العربية ومصر في عهدها الجديد.

العلاقات بين مصر ودول الخليج العربية كلها هي دوما علاقات استراتيجية. صحيح ان خلافات طبيعية قد تنشب، وقد يتراجع الدور المصري في فترات معينة, لكن بشكل دائم، العلاقات بين مصر ودول الخليج العربية هي علاقات استراتيجية تحتمها مصالح مصر والخليج العربي والمصالح العربية العامة.

وفي الظروف الحالية التي تواجهها دول الخليج العربية والعالم العربي بصفة عامة، فإن الحاجة الى توثيق العلاقات المصرية الخليجية العربية الى ابعد مدى، هي اكثر من أي وقت مضى، واصبحت ضرورة حاسمة لحماية امن الخليج العربي والامن العربي عامة.

كما نعرف، تواجه دول الخليج العربية اخطارا وتهديدات اقليمية ودولية غير مسبوقة. ولمواجهة التحديات التي تفرضها هذه الاخطار والتهديدات، فهي بحاجة الى مصر القوية التي تعود الى لعب دور فاعل حاسم في حماية امن المنطقة.

ومصر من جانب آخر تمر بمرحلة تحول صعبة في وقت تسعى فيه في عهدها الجديد الى اعادة بناء قدراتها ومصادر قوتها واستعادة دورها العربي الريادي. ومصر في هذه الظروف بحاجة ايضا الى دعم دول الخليج العربية وتفهمها لظروفها واحترام خيارات شعبها.

على ضوء هذا، تأتي اهمية الموقف الذي عبر عنه الشيخ عبدالله بن زايد ، وحرصه على تأكيد الاهمية الاستراتيجية للعلاقات مع مصر من جانب، ومحورية الدور المصري القوي الفاعل في مواجهة التحديات الاقليمية التي تواجهها المنطقة من جانب آخر.

هذا الموقف يعكس بعبارة اخرى ادراكا ووعيا بخطورة المرحلة التي تمر بها المنطقة والعالم العربي كله واهمية التصرف على هذا الأساس.

وفي كل الأحوال، كما نرى فإن الظروف الصعبة والخطيرة التي تمر بها المنطقة ليست ابدا وقت افتعال البعض في الخليج لمشاكل وهمية مع مصر، وليس وقت التفلسف وادعاء الحكمة السياسية والاساءة الى العلاقات مع مصر.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة