الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٢٤ - السبت ٧ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٧ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

الشيخ علي مطر:

كيف تم تهريب هذه الكميات المهولة من الديزل المدعوم إلى الخـــــارج؟





في خطبة الجمعة بمسجد أبي بكر الصديق أمس قال خطيب المسجد النائب السابق فضيلة الشيخ علي مطر:

صفة عظيمة وخصلة كريمة إذا أشيعت بين الناس، سعد بها المجتمع، وساده العدل والأمن والأمان والاطمئنان والاستقرار وعم بين أرجائه المحبة والرخاء والسلام... إنها الرحمة بين البشر.

فالرحمة منهاج المسلم، وخلقه الكريم، وبابه للخير، ودليله على قوة الإيمان وصفاء القلب وطهارته.

قال الله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه من المؤمنين:

"مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ...".

وقال عز وجل: "ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ".

أي أوصى بعضهم بعضا برحمة الضعيف والتعطف عليه.

روى البخاري من حديث النلاعْمَان بْن بَشِيرٍ رضي الله عنه، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ، وَتَوادِّهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الْجَسَدِ. إِذَا اشْتَكَى عضْوًا، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى".

} فمن رحمة الإنسان بأخيه الإنسان: رحمة الحاكم بالرعية، ورحمة المسئول والوزير بالناس، ورحمة الرئيس بالمرؤوس... الرحمة بسائر الضعفاء كالمساكين واليتامى والمحتاجين والمرضى والمعاقين، والرحمة بالخدم والعمال، وخاصة في هذا الصيف الحار، فهناك من يسيء إليهم ويكلفهم فوق طاقتهم، ويؤخر رواتبهم وأجورهم.

والرحمة بالوالدين والأهل والأولاد، بالموظفين والمراجعين وأصحاب المعاملات والحاجات والمظالم، ورحمة التجار بالناس وبالمشترين.

قال نبينا عليه الصلاة والسلام: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا".

وقال: "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ".

"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَرَاحَمُوا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ كُللانَا رَحِيمٌ. قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ وَلَكِنْ رَحْمَةُ الْعَامَّةِ رَحْمَةُ الْعَامَّةِ".

فرحمة أحدنا بأهله وأقربائه ومعارفه وربما بأهل بلده حاصلة على الغالب ومتحققة، ولكن أين رحمتنا بالآخرين والغرباء... لننظر اليوم كيف أغلقت بعض الدول حدودهم ومنعوا دخول الهاربين من مسلمي أراكان في بورما من جحيم القتل والبطش.

× وللأسف هناك من انعدمت عندهم الرحمة، وماتت إنسانيتهم ومشاعرهم، وحل مكانها القسوة والجشع وحب الذات، ونتج عن ذلك انعدام العدل والإنصاف والأمانة.

فأين الرحمة عند بعض الجشعين الذين انعدمت عندهم الأمانة من التجار والمقاولين وأصحاب الورش والكراجات والعيادات ومكاتب الخدم وغيرهم، وما يحصل منهم من الغش واستغلال الناس وأكل أموالهم بالخديعة والحيلة والباطل.... وهناك أمثلة كثيرة من واقعنا على هؤلاء الذين زالت الرحمة من قلوبهم وأخلوا بالأمانة، فكلكم سمع وقرأ عن شحنات الأبقار والأغنام المريضة التي تم استيرادها، فحياة الناس وصحتهم لا تهمهم ولا تعنيهم، وكذلك الذين يروجون للمحرمات والمخدرات وأنواع الفواحش، فهؤلاء لا رحمة عندهم، المهم عندهم المال والدنانير، فهم عباد الدرهم والدينار، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيهم: "تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ...".

وذلك السلوك بسبب قساوة قلوبهم ونزع الرحمة منها، كما قال النَّبِيلا صلى الله عليه وآله وسلم للأعرابي الذي استنكر تقبيل الأبناء: "أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ".

وقال عليه الصلاة والسلام: "لاَ تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلاَّ مِنْ شَقِىٍّ".

وقال صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لاَ يَرْحَمُ النَّاسَ".

} ومن واجب المسئولية والأمانة والنصح، لدينا هنا وقفة مهمة مع المسئولين في البلد، بلادنا صغيرة وعدد الأنفس لا يتعدى المليون، وفيها كل هذه التجاوزات والتلاعب والاستهتار بالقانون وغيره، فكيف يكون الحال لو كانت مساحة الوطن أكبر وعدد البشر أكثر، عندها كيف سيكون تصرف المسئولين.

بالأمس قرأنا عن التجاوزات والفساد في تقرير الرقابة المالية، وقرأنا عن تهريب الديزل المدعوم من الدولة، سبحان الله كيف تهرب مثل هذه الكميات الكبيرة، وكيف خرجت من البلد، فالمسألة ليست لترا أو لترين يمكن اخفاؤها وتهريبها.

وسمعنا إن صح الخبر عن اختفاء عشرات الأغنام من محطة البحوث وكميات من الأعلاف والأدوات والمعدات، وفقدان مئات النخيل المثمرة من مركز عالي الحكومي الزراعي، وغيرها من السرقات والتجاوزات، وعشرات قضايا الاهمال التي عرضها التلفزيون وتكلمت عنها الصحف، كلها علامات تدل على وجود خلل في بعض المسئولين والأجهزة الحكومية وفي المتابعة والمحاسبة.

فمتى يبلغ البنيان تمامه وأنت تبنيه وغيرك ي



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة