الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٣٢ - الأحد ١٥ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٥ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

"... وفم المُحرّق تَكَشُّر واستياءُ!!"

ســـؤالان يتكـــــرران لماذا يتعثر تنفيذ مشروع تطوير حديقة المحرق الكبرى؟





قد نلتقي قريبا في برلمان المحرق مع أقطابها ورموزها وأهل الحل والعقد والكلمة المؤثرة فيها من خلال مجلس بن هندي العامر.. ولكن الخوف - كل الخوف - الذي ينتابنا هو أن نعود إلى الاستماع إلى مشاكل معادة.. ومشاريع متكرر طرحها.. وأحوال تصر على أن تظل تراوح مكانها..!

لست أعرف لماذا المحرق بالذات تسير حركة تنفيذ المشاريع الكبرى فيها ببطء؟! .. رغم أن الله قد وهبها زخما هائلا من الضوء الأخضر للسير قدما نحو تنفيذ المشاريع الجديدة.. وعلى وجه السرعة.. من لدن قادة البلاد الذين يحملون في صدورهم حبا هائلا للمحرق وأهلها.. ورغم هذه المتابعة المتواصلة التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، الذي لا ينافسه أحد في حبه للمحرق.. من خلال زياراته المتكررة لها ولمدنها وقراها.. ورغم تمتع هذه المحافظة الشماء وأهلها بقدر وافر من التحضر والتعليم والثقافة.. ورغم الدرجة العليا من الوعي الذي يتمتع به المحرقيون.. ورغم ما وهبها الله من محافظ هو من أبنائها ولا يدخر جهدا في مراعاة أوضاعها ويذيب فيها ومن أجلها روحه وراحته وكيانه كله.. الحقيقة.. لست أعرف السبب حتى الآن!

تابعت مشروع مجمع البسيتين التجاري منذ بدايته وقد مضت عليه سنوات وسنوات ولم يجد طريقه نحو التنفيذ حتى الآن، ولا يزال يشهد ولادة متعثرة.. رغم أن المحرق وأهلها في أمس الحاجة إلى كل المجمعات التجارية التي تفتقر إليها.

وكنت استمع إلى موانع وعقبات التنفيذ فلا أجد فيها إلا أنها والسطحية سواء.. ومنها على سبيل المثال وليس الحصر أن الأرض المختارة للتنفيذ عليها تقع في وسط المساكن والأحياء السكنية.. وأن الداخلين إليه سيجرحون مشاعر الأهالي.. وانه يراد للمشروع حتى ينفذ العثور على أرض أخرى أو بديلة.. والسؤال هو: هل البسيتين غير أنها مجرد منطقة سكنية كلها من أولها الى آخرها عبارة عن مساكن ومهيأة لإقامة المزيد من المساكن والأحياء السكنية؟

حاورت المستثمر كثيرا وهو من أهل المحرق.. ويريد صادقا، أن يؤثر منطقته ومسقط رأسه بخدماته واستثماراته.. وبأي ثمن وبكل تضحية تطلب منه.. ويكاد يقبّل الأقدام حتى يحصل على الموافقة.. وقد تدخل الأسوياء وأهل الرأي والمشورة كثيرا.. ووجه سمو رئيس الوزراء إلى الإسراع، مؤكدا الحاجة إلى مثل هذا المشروع.. ولكن لم تنفرج مشكلة هذا المشروع كما يجب حتى الآن.. ولا تزال هناك مطالبات باستبدال موقع الأرض.. وقد وجه سمو رئيس الوزراء إلى الإسراع في عملية استبدال الأرض.. وهناك أيضا توجيه مماثل من وزير الديوان الملكي نحو هذا المشروع.. المهم أن كثيرين غيري لا يزالون يبحثون عن سبب التأخير في تنفيذ هذا المشروع وغيره من المشاريع على أرض المحرق.. ولقد أمعنت التفكير كثيرا في البحث عن السبب فلم أجد إلا احتمالا واحدا.. ألا وهو أنه ربما تكون جرعة الديمقراطية المتاحة لأهل المحرق زائدة بعض الشيء إلى درجة إدمانهم لظاهرة الاختلافات والتباينات في الرأي إلى درجة التعويق والتعطيل للمشاريع.

وقد يكون هذا المشروع.. مشروع المجمع التجاري لمنطقة البسيتين على وشك الانفراج بجهود الخيرين وعلى رأسهم سمو رئيس الوزراء.

ولقد أراد الله للمحرق أن تكون واجهة البحرين كلها أمام العالم.. فهي أول ما تقع عليه أعين القادمين إليها من كل الدنيا.. فإما أن يسرهم ما يرون.. وإما أن يكون هناك انطباع آخر.

وتتجسد هذه الواجهة ويتمحور هذا الفم الذي كان باسما على الدوام فيما يطلق عليه "حديقة المحرق الكبرى" وهي أول ما تبصرها عين القادم إلى البحرين وعيون أبنائها المتيمين بها عندما يعودون إليها قادمين من الخارج.. وهذا الفم الذي كان باسما في يوم من الأيام تعلوه الآن تكشيرة واستياء مزلزلين بعد أن تدهورت أحوال هذه الحديقة.. وساءت أوضاعها وأصبحت مليئة بكل ما لا يسر الناظرين إليها ..أو المجترئين على ارتيادها.. سمو رئيس الوزراء يوجه باستمرار إلى الإسراع والبدء في تنفيذ مشروع هذه الحديقة الكبرى.. والكل يضرب كفا بكف.. متسائلين ما هو السر في التأخير وتعويق هذا المشروع الذي يعد معلما مهما من معالم البحرين كلها، غير أنها - أي الحديقة - هي واجهة وثغر البحرين الذي يراد له أن يكون باسما على الدوام.. لماذا تهمل هذه الحديقة وهي التي تبلغ مساحتها ٩ هكتارات أي ٩٠ الف متر مربع.

حاولت قبل أن أكتب هذا الموضوع استطلاع بعض الآراء.. وكنت أوجه إلى من استطلعت آراءهم سؤالا واحدا: لماذا التأخير في تنفيذ مشروع التطوير؟.. والجواب الذي أجمعت عليه معظم آراء المستطلعين هو: أبداً.. إنها مجرد أهواء شخصية وأمزجة خاصة وإدمان لظاهرة الاختلاف في الرأي إلى درجة التعويق.

هناك مثلا خلاف في الرأي حول من ينفذ؟.. هل الحكومة هي التي تتولى التنفيذ؟.. أم مستثمر من القطاع الخاص؟.. البعض يرى ان قيام الحكومة بالتنفيذ هو أفضل وأسلم في زمن تسوده المبالغات في تقدير التكاليف والأطماع والانحرافات.. أما البعض الآخر فيرى أنه يجب الإسراع في تنفيذ هذا المشروع على أي وجه.. وأنه عندما تنفذ الحكومة هذا المشروع أو غيره فإن الروتين الحكومي سيأخذ مداه.. ولابد أن يؤخر بالضرورة تنفيذ المشاريع.. وقد يكون التأخير هنا له ما يبرره فلابد أن تأتي كلفة المشروع من خلال الميزانية العامة.. والميزانية الجديدة القادمة هي ميزانية ٢٠١٣ - ٢٠١٤.. وهذه الميزانية لابد أن تعرض على مجلسي النواب والشورى.. وهناك احتمال ولو أنه ضعيف لرفض هذا المشروع وتقديم مشاريع أخرى عليه.. لكن مشوار عرض وإقرار الميزانية قد يطول.. وهناك احتمال آخر بأن توزع ميزانية المشروع على سنتي الميزانية.. إلى آخره.. وقد لا يبدأ التنفيذ إلا بعد سنتين أو ثلاث سنوات. لذا فإن الرأي الأقوى على ساحة المحرق هو أن يسند هذا المشروع إلى مستثمر ويقولون إن المستثمر جاهز.. وقد قدم مشروعا متكاملا.. ومعه العديد من الضمانات من حيث سرعة التنفيذ وتوفير الوظائف للبحرينيين (٢٠٠ وظيفة) ومراعاة ضمان استمتاع كل المواطنين بمزايا الحديقة ومباهجها.

نقطة أخرى أثارها المتحدثون ألا وهي أن هذا المشروع - مشروع تطوير حديقة المحرق - سيكلف الحكومة إذا أريد له أن تنفذه بنفسها عشرة ملايين دينار.. وهذا المبلغ سوف يوضع على ميزانية محافظة واحدة.. وهذا قد يثير حفيظة أهالي المحافظات الأخرى رغم أن هذا المشروع هو مشروع البحرين بأكملها.

وقالوا: يمكن تفادي هذه العقبة وإسناد المشروع إلى مستثمر.. وهو جاهز ومستعد لأن ينفق على المشروع (٢٥) مليون دينار.. وهو أيضا من أبناء المحافظة ومستعد لتقديم كل الضمانات.. كما أبدى استعداده نحو سرعة التنفيذ وخلال (٦) أشهر فقط.. ومستعد للإنفاق على صيانته بعد تنفيذه.. ويقال إنه يحدوه الحماس والدوافع الوطنية إزاء هذا المشروع.. وهكذا قالوا؟!

ويقال أيضا: إن المجلس البلدي هو من يعوق تنفيذ هذا المشروع الذي نسمع عنه، والذي يراوح مكانه منذ أكثر من خمس سنوات من دون أن يجد طريقه نحو التنفيذ.

العجيب أنني أسمع كلام الناس.. ثم أصاب بحيرة كبيرة عندما أقرأ بيانات ومواقف مجلس بلدي المحرق، وألمس منها مدى المرونة الفائقة والرغبة في تنفيذ جميع المشاريع على أرض المحرق على وجه السرعة.

نموذج واحد

ولا يسعني إلا أن أقدم نموذجا واحدا من مواقف وبيانات مجلس بلدي المحرق.. مضطرا إلى أن أعيد نشره رغم أن هذا البيان كان قد وجد طريقه نحو النشر في حينه.. وقد أردت أن اذكر.. حيث إن الذكرى تنفع المؤمنين.

" كرر مجلس المحرق البلدي مطالبته إلى وزارة شئون البلديات والتخطيط العمراني بضرورة تفعيل توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء السديدة بتحريك كل من مشروعي حديقة المحرق الكبرى، ومجمع البسيتين التجاري، مقدماً المجلس بأخلص آيات الشكر والعرفان إلى سموه الذي وجه بتسريع الإجراءات المطلوبة لتفعيل المشروعين.

وأشاد المجلس بمتابعة صاحب السمو رئيس الوزراء الشخصية لمختلف المشاريع في المملكة عموماً والمحرق، وهو يوجه لتذليل أية عقبات تواجههما ضمن حدود الأنظمة والقوانين المعتمدة في المملكة والتي تتيح للوزارات وللمسؤولين مساحة كبيرة لتحقيق الإنجازات وتحريك عجلة المشاريع من دون إبطاء.

وأشار المجلس إلى أن أهالي المحرق بانتظار رد الوزارة بشأن إجراءات توقيع العقد مع المستثمر الذي فاز بعقد حديقة المحرق الكبرى، حيث قام المجلس في اجتماعه الأخير في دور الانعقاد الثاني بالتصويت بإجماع الأعضاء السبعة بأن تعيد الوزارة إجراءات التعاقد مع المستثمر، حيث إن العقود البلدية وبحكم القانون يوقعها مدير عام البلديةـ وبترخيص من المجلس البلدي. وعليه فإن المجلس يطالب الوزارة بالإسراع في إرسال العقد ليقوم المجلس بالاطلاع عليه والتأكد من مواءمته للشروط وإبرامه وذلك في إطار النظم والقوانين وتسهم في تسريع الاتفاق مع المستثمر وفق شروط المزايدة ولكي يتسنى له البدء في العمل في هذه الحديقة الهامة التي يترقبها أهالي المحرق بل وأهالي المملكة.

كما أن المجلس لا يفوت في هذا المجال تأكيد ضرورة الالتزام بالأنظمة والقوانين إذ أن توجيهات صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء جاءت بالإسراع في إنهاء إجراءات العقد وهو مطلبنا جميعاً، لكن هذا لا يتم إلا من خلال اتباع جميع التعليمات القانونية التي يؤكد عليها سمو رئيس الوزراء ويحترمها وهو قدوة للمسئولين والمواطنين جميعاً، وبالتالي على الوزارة التحرك الآن بجدية وأن تأخذ هذا الموضوع على محمل الجد والإجادة.

أما بشأن مجمع البسيتين التجاري فقد كرر المجلس رسمياً مطالبته للوزارة باستبدال موقع الأرض المزمع تنفيذ المجمع عليها بموقع آخر بديل ملائم، وذلك ليتسنى للمستثمر المضي قدماً في هذا المشروع الذي يحظى بدعم المجلس البلدي ولاسيما أن وزارة الإسكان، مالكة الأرض في الموقع الجديد، قد وافقت على الاستبدال.

وكان سمو رئيس الوزراء قد وجه بعملية الاستبدال والتي أُتبعت بتجاوب وبتوجيه متصل كريم من وزير الديوان الملكي وذلك باستبدال الأرض بأخرى تابعة لوزارة الإسكان، مع موافقة المجلس البلدي رسمياً على هذه الخطوة.

ويأتي ذلك في إطار حرص المجلس البلدي على تقديم الخدمات الضرورية لاهالي المحرق ومنها المجمعات التجارية التي أصبحت ضرورة لا بد منها، وينبغي تشجيع إنشائها وفق الشروط والضوابط المناسبة، فإن المجلس يطالب وزارة شئون البلديات والتخطيط العمراني أن تقوم على واجبها بالتجاوب مع توصية المجلس، حيث إن المجلس بصفته ممثلاً شعبياً للاهالي يبدي لهذا الموضوع اهتماماً بالغاً من باب اختصاصه في تسهيل وإيجاد مختلف الخدمات لأهالي المحرق".

والآن.. هل نسمع في القريب العاجل عن واحد من هذه المشاريع الكبرى التي ينتظرها أهل المحرق على أحر من الجمر قد وجد طريقه نحو التنفيذ من دون عوائق أو تعويق.. وأن تكون الأفعال على قدر الأقوال؟!



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة