مصر والإسلاميون الجدد
 تاريخ النشر : الأحد ٢٩ يوليو ٢٠١٢
"إسلام بلا خوف: مصر والإسلاميون الجدد" لمؤلفه الدكتور ريموند بيكر، الذي ترجمته الدكتورة منار الشوربجي، يعتبر من الكتب الجادة التي تناولت أبرز المدارس الفكرية المعاصرة في مصر، التي تبنت تيار الوسطية الإسلامي، الذي يمتد تأثيره إلى خارج مصر.
ويتعامل الكتاب، الصادر عن المركز العلمي للدراسات السياسية في الأردن، مع رموز مدرسة الإسلاميين الجدد من أمثال: محمد الغزالي، ويوسف القرضاوي، وأحمد كمال أبوالمجد، وفهمي هويدي، وطارق البشري، ومحمد سليم العوا، باعتبارهم ينتمون إلى مدرسة فكرية واحدة، مع مراعاة أن لهم خصائصهم وتوجهاتهم. ولذا فقد اهتم بيكر بإسهامهم الجماعي؛ لأنهم كما يرى يكملون بعضهم بعضا؛ كل يقوم بجهده الخاص المتميز، ولكنه يستفيد من أعمال الآخرين، مع محافظة كل منهم على شخصيته الفكرية المستقلة.
هذا التيار الوسطي، قد شهد حسب تأكيد المؤلف نقلة نوعية، بظهور هذه المدرسة الفكرية حيث صار له "مشروع فكري متماسك لا مجرد أفكار تجديدية في هذا المجال". يرصد بيكر، أستاذ العلوم السياسية بكلية ترينيتي الأمريكية، كل ما صدر عن أولئك المفكرين من كتابات، إضافة إلى تناوله أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وما تبعها من حملات "للتشهير" بالعرب والمسلمين، وما تم في إطارها من استغلال رؤى أكثر التيارات الإسلامية تطرفا وتخلفا للقفز منها إلى تعميمات تطول العرب والمسلمين. لكن هناك من يعارض هذه الحملات، ويصدر كتابا يقدم رؤية مخالفة للإسلام، وفقا للمدرسة الوسطية، التي تقدم، حسب المؤلف: "إسلام آخر حضاري: إسلام متصالح مع العالم، ومتفاعل معه، إسلام لا يثير التوجس والقلق، فهو إسلام بلا خوف".
يتضمن الكتاب ثلاثة أجزاء، كل جزء يتناول رؤية الإسلاميين الجدد للثقافة والمجتمع والسياسة. بيكر يستعرض الجهود الكبيرة التي بذلها المفكرون الستة في هذه المجالات، فينقل عن الغزالي رأيه حول من يدلي بآرائه من غير علم: "الخطورة تجيء من أنصاف المتعلمين، وأنصاف المتدينين". ويشير إلى الضجة التي أحدثها الغزالي بإصداره كتاب "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث"، واتهام البعض له بأنه يخاصم السنة، بينما اعتبره المؤيدون ثورة فكرية قوضت الأساس الفكري الذي يرتكز عليه المتشددون.
ويشير بيكر إلى نقطة مهمة، هي الدفاع عن حقوق غير المسلمين، فينقل أمثلة لجهود هؤلاء المفكرين، لافتا النظر إلى كتاب القرضاوي "غير المسلمين في المجتمع المسلم"، وكتاب هويدي "مواطنون لا ذميون"، وكتاب العوا "الأقباط والإسلام"، وغيرها من الكتب. ويخلص إلى أن الإسلاميين الجدد اتخذوا موقفا واضحا مؤداه أن صحيح الإسلام يدعو إلى المشاركة الكاملة لغير المسلمين في المجتمع الإسلامي، ويقولون إن المصريين كشعب مكون من المسلمين والأقباط، وهم معا ورثة تاريخ وثقافة مشتركين فريدين، ويتحتم أن يكونوا متساوين كمواطنين.
ومن خلال فصول الكتاب، يعرض المؤلف "معالم المشروع التجديدي للإسلاميين الجدد"، فيبدأ بمساهماتهم في إصلاح التعليم، ويوضح أنهم أخذوا من أعمال الشيخ محمد عبده، الفكرة المحورية المتعلقة بأولوية الثقافة في الكفاح من أجل الاستقلال، والالتزام بإصلاح التعليم كخطوة أولى نحو إعادة البناء الثقافي، والإيمان بأن كلا من الإسلام الصحيح والديمقراطية في إطار إسلامي حضاري من شأنهما أن يقدما معا المحرك لعملية التغيير الاجتماعي والثقافي الطويل الأجل. وكذلك يستعرض المؤلف إسهاماتهم في الفن والسياسة والجماعة الوطنية، خاتما كتابه بقوله: "أعمال الإسلاميين الجدد تجسد أمل الوسطية الإسلامية، وهي تعبر عن القلب الإسلامي السمح الذي يمد يده لكل الوسطيين على اختلاف تياراتهم في مصر وحول العالم من أجل مستقبل إنساني أكثر عدلا".
.
مقالات أخرى...
- عدد جديد من مجلة "الطفولة": دور منظمات المجتمع المدني في الوقاية من الإعاقة بدول مجلس التعاون - (29 يوليو 2012)
- الدراما والمسرح في الشرق الأقصى - (29 يوليو 2012)
- عندما أراد إبليس أن يدخل الجنة - (29 يوليو 2012)
- مواقف النخب السورية من لبنان - (29 يوليو 2012)
- عدد جديد من "كانو الثقافية" - (29 يوليو 2012)
- التنفس تحت الماء - (29 يوليو 2012)
- التيارات السياسية في إيران - (29 يوليو 2012)
- حرية الفكر في أوروبا من الإغريق حتى الآن - (29 يوليو 2012)
- السياسات الزراعية والأمن الغذائي العربي - (16 يوليو 2012)