الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٤٥ - الثلاثاء ١٠ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ١٦ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


كي يتحقق الأمل المعقود على اللجنة





قلت بالأمس ان الأمل معقود على اللجنة المعنية بتنفيذ توصيات لجنة بسيوني لتقصي الحقائق في ان تكون بما تنجزه احدى الخطوات الأساسية على طريق تجاوز الأزمة وعلى طريق الإصلاح واستعادة الأمن والاستقرار الوطني العام، وان هناك عددا من الملاحظات من المهم ابداؤها في هذا السياق.

بداية، نتمنى من أعضاء اللجنة الا يتقمصوا شخصية بسيوني ويسيروا على نهجه في الطريقة التي تعامل بها مع التقرير وقدم بها التوصيات.

نعني بذلك ما فعله بسيوني في عرضه للنتائج الختامية للتقرير وتوصياته حين ركز فقط على الجوانب التي تتعلق بالانتهاكات الرسمية أو التقصير الحكومي وتجاهل ما عدا ذلك، مع ان هذا يتناقض مع مضمون وروح التقرير نفسه.

يجب على الاخوة أعضاء اللجنة ادراك أن بسيوني حين فعل ذلك كان يخاطب العالم الخارجي أساسا، وتصور انه بهذه الطريقة يثبت استقلالية اللجنة وحيادها.

لكن هذه اللجنة البحرينية معنية بالأساس بمخاطبة الوضع الداخلي والاسهام كما قلنا في تجاوز الازمة والتهدئة العامة.

الذي دفعنا إلى ابداء هذه الملاحظة ان نهج بسيوني هذا هو ما فعلته اللجنة بالضبط حين قدمت ما اسمته «قرارات» اتخذتها فيما يتعلق بالإعلام.

بعض الزملاء طرحوا في كتاباتهم كثيرا من الملاحظات الانتقادية على ما اقترحته اللجنة، كان أهمها الملاحظات التي ابدتها الزميلة سوسن الشاعر في احد مقالاتها، وكلها ملاحظات وجيهة.

بالاضافة إلى الملاحظات التي ابداها الزملاء، الذي لفت نظري هو التالي.

ان الروح العامة لما «قررته» أو «اقترحته» اللجنة في مجال الاعلام، انها تتعامل مع الاعلام الرسمي على اعتبار انه اعلام طائفي أو يحض على الكراهية الطائفية وعلى انه غير مهني ويظلم الجماعات المعارضة.. الخ.

طبعا، من حق اعضاء اللجنة، ومن حق أي احد، ان يكون له تقييمه للاعلام الرسمي أيا كان هذا التقييم.

المهم هنا ان التعامل مع الاعلام الرسمي بهذه الروح لا يتسق مع ما جاء في نتائج تقرير لجنة بسيوني لتقصي الحقائق نفسه.

صحيح ان التقرير وجه انتقادات عدة للاعلام الرسمي ممثلا في التلفزيون اساسا، والى الصحف أيضا. وبغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع هذه الانتقادات، وكثير منها غير منصف على أية حال. لكن التقرير ينص على ان «اللجنة لم تجد في التغطية الاعلامية أي دليل يشير الى وجود خطاب مفعم بالكراهية أو تحريض على العنف». كما ينص التقرير تعليقا على الملفات التي قدمتها الوفاق الى اللجنة تتهم فيها التلفزيون بالتشهير والتحريض واستخدام لغة غير مهنية، ينص على ان المواد التي قدمتها الوفاق «لم تتضمن ادلة كافية تسوغ الانتهاء الى نشر أو اذاعة مواد تنطوي على التحريض على العنف أو تناوئ جمعية الوفاق أو غيرها من جماعات المعارضة السياسية»،

أي ان التقرير برأ الاعلام الرسمي من تهمة معادة المعارضة أو التحريض عليها أو التشهير بها.

ثم ان اللجنة حين اوصت باصلاحات تشريعية أو تطوير في اداء الاعلام بشكل عام فيما اسمته «قضايا التحريض الاعلامي» أوصت بأن يشمل هذا الاعلام سواء كان عاما أو خاصا.

لكن اللجنة البحرينية في «قراراتها» لم تتطرق الا الى الاعلام الرسمي فقط وحملته كل المسئولية. هذا مع اننا نعلم جميعا ان اعلام المعارضة يلعب الدور الاخطر فيما يتعلق بالطائفية واثارتها وتأجيجها.

وإذا أردنا اصلاحا إعلاميا شاملا فلابد ان يشمل هذا كل ما يتصل بالاعلام سواء كان عاما أو خاصا.

ركزنا على هذا الجانب لأنه يجسد الروح التي نريد من اللجنة ان تتعامل بها مع تقرير لجنة بسيوني ونتائجه وتوصياته.

والقضية الجوهرية هنا التي أود ان الفت انظار اعضاء اللجنة اليها فيما يتعلق بالروح العامة في التعامل مع التقرير هي التالي:

تقرير لجنة تقصي الحقائق توصل الى نتيجة كبرى جوهرية هي بالنص «ان كلا من الحكومة والمعارضة تتحملان جزءا من المسئولية عن تلك الاحداث وما ترتب عليها من نتائج» ماذا يعني هذا النص؟

يعني - من بين أمور كثيرة - ان الاخطاء والانتهاكات أو التجاوزات المطلوب اصلاحها لا تتعلق بالحكومة وحدها.

معناه ان مسئولية تجاوز الازمة والاصلاحات المطلوبة في سبيل ذلك، ليست مسئولية الحكومة وحدها.

وهذه هي الروح التي نريد من اللجنة البحرينية ان تتعامل بها مع التقرير وتوصياته.

واذا كان بسيوني قد ركز في التوصيات النهائية على الجوانب المتعلقة بالحكومة والمؤسسات الرسمية فقط، للسبب الذي ذكرناه في البداية، فليس معقولا ان تحذو اللجنة البحرينية حذوه.

هذا ليس معقولا من حيث المبدأ فقط، لكنه ضرورة إذا اريد للجنة ان تقدم اسهاما مهما للعمل الوطني ولتجاوز الأزمة.

نعني ان المصلحة الوطنية العامة في تجاوز الازمة والتأسيس لمرحلة جيدة لا يمكن ان تتحقق بالاكتفاء بتحميل الحكومة وحدها المسئولية كاملة وتجاهل مسئوليات الآخرين وخصوصا المعارضة، أو بالاكتفاء باقتراح اصلاحات حكومية فقط وتجاهل الاصلاح العام المنشود على كل الجبهات.

إذن، كي يتحقق الأمل المعقود على اللجنة وعملها نتمنى ببساطة ان تراعي ذلك فيما تقدمه من مقترحات وتوصيات.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة