برد البحرين ولا شتاء أمريكا النووي!
 تاريخ النشر : الثلاثاء ٢٤ يناير ٢٠١٢
عبد المنعم ابراهيم
تجربة الشتاء في الغرب تختلف عنها في الشرق، لأن شتاءهم أكثر قسوة وخشونة من شتائنا، فقد زرت الولايات المتحدة الأمريكية مرتين، وكلتاهما كانت في شهري يناير وفبراير في عامي ١٩٨٨ و١٩٩٦ لتغطية الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ومنذ أول يوم لوصولي إلى العاصمة (واشنطن) وجدت الشتاء الأمريكي يهجم على جسمي الهزيل ويكاد يفتك به! والهواء البارد يجعل أنفي أحمر ويهطل نزفا كما لو كنت صنبور ماء أهمله أصحابه! فاندفعت الى أقرب محل ملابس بالقرب من الفندق، ومازلت أتذكر أن صاحبه كان (أفغانيا) واشتريت (أثقل) معطف (أوفركوت): وسألني البائع: تريد اللون الأسود أم الكاكي؟ فاخترت اللون (الكاكي) الذي لا يزال معي حتى اليوم.. وسألت البائع لماذا يسمونه (الكاكي)، وليس البني فأجابني بمعلومة عرفتها للمرة الأولى، وهي ان كلمة (الكاكي) أطلقها الأوروبيون على هذا اللون نسبة إلى اسم جبل في أفغانستان اسمه جبل «كاكي»، وهو بنفس اللون المتعارف عليه حاليا.. ويبدو أن أمريكا أدمنت الإقامة العسكرية في أفغانستان حبا في «الكاكي»!
بالطبع لم أكتف بالمعطف، فقد تسلحت أيضا بالفانيلات الصوفية الثقيلة والايشاربات (اللفافة) والقفازات والقلنسوات، وذلك استعدادا للمشاركة في عشاء جماعي مع عدد كبير من الصحفيين من مختلف الجنسيات في مطعم (مكسيم) اليوناني، وبعد الانتهاء من العشاء، لا أتذكر من الصحفي الذي اقترح على المرشد المرافق أن نعود مشيا على الاقدام الى الفندق بدلا من استخدام السيارات، وكان أسخف اقتراح وافقت عليه! حيث مشيت مدة نصف ساعة تقريبا تحت وابل من قصف الشتاء الأمريكي رغم (الخيمة) التي أرتديها!.. هواء بارد وأرض جليدية رطبة كما لو كنت أسبح في بحيرة سيبرية!.. وما ان وصلت إلى بهو الفندق حتى سارعت نحو المدفأة للاستعانة بالنار في هزيمة البرد، واندفع معي عدد من الصحفيين الشرقيين والأفارقة، وكل منا يمسك بجدار المدفأة ويردد عبارة واحدة: من الحمار الذي اقترح العودة مشيا الى الفندق؟!
وأثناء الرحلة الصحفية التي استمرت شهرا تقريبا، كنا ننتقل من ولاية الى أخرى، ومن مدينة إلى أخرى لتغطية الانتخابات الأمريكية، حتى وصلنا إلى مدينة (أوكلاهوما سيتي)، وهي منطقة صحراوية تشتهر بآبار النفط.. لكن فيها شتاء (يخربيتو) يمكن استخدامه لو شاءوا لتعذيب المعتقلين في أمريكا!.. صدقوني كنا في زيارة عائلة أمريكية هناك، وكانت الشمس ساطعة جدا في الساعة الحادية عشرة صباحا، لكن يمر على وجهك هواء فتاك ويتغلغل في مفاصل القدمين كما لو كنت مدفونا في جليد روسيا لا أمريكا!
لذلك أقول لكم البرد الذي تشتكون منه هذه الأيام في البحرين يعد بالنسبة إلى شتاء أمريكا ربيعا إن لم يكن صيفا!.. فهناك لا ينفع حليب الزنجبيل.. ولا (باجة) سالمك)!
.
مقالات أخرى...
- «الباجة» والجنرال ثلج! - (23 يناير 2012)
- يكرهون البحرين.. ويدّعون حب الوطن! - (22 يناير 2012)
- مظاهرات «سيفوه وخلاقينه»! - (19 يناير 2012)
- الاتحاد الخليجي يخرج البحرين من دائرة «الحلقة الأضعف»! - (18 يناير 2012)
- رفضوا التعديلات الدستورية لأنهم مشغولون بـ «مخطط حافة الهاوية»! - (17 يناير 2012)
- من يريد الحرب في الخليج العربي؟! - (16 يناير 2012)
- الحكومة اختارت الصدق.. وهم اختاروا الكذب! - (12 يناير 2012)
- بين البحرين ونيجيريا.. «باكوحرام»! - (11 يناير 2012)
- أيام زمان لم يكن هناك «مشموم شيعي ومشموم سني»! - (10 يناير 2012)