الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٥٩ - الثلاثاء ٢٤ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٣٠ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

زاوية غائمة


لا للتمييز بين الحيوانات





يعيش العراقيون هذه الأيام في نغنغة ودلع لأن الأمريكان رحلوا عن بلادهم، وصاروا تحت الرعاية الحانية لرئيس الوزراء والأمن والدفاع نوري المالكي، وقد رحل الأمريكان بعد أن علّموا العراقيين تعاطي أشياء كانت محرمة من قبل مثل البيرغر والبيتزا الأصلية، وآيسكريم باسكن روبنز، وكل ذلك بسعر الكلفة، فسعر السندويتش بعد «الفتح» الامريكي كان في حدود عشرين ألف دينار فقط، ولعل أقوى دليل على اهتمام الأمريكان بأحوال العراقيين هو توفيرهم الطعام للأسود والنمور التي تركها عدي صدام حسين في احد قصوره، وقد عثر علج تابع للمارينز على كلبة حبلى ورعاها إلى ان وضعت (بالسلامة) أربعة جراء، وحصل لها على القرين كارد ونقلها معه إلى أمريكا!! وكشخص ابتلاه الله بالانتماء إلى الحظيرة العربية الكبرى فإنني معتاد على سماع أخبار السحل والسمل والقتل لبني البشر، من دون أن أقول «بِغِم» ولكنني لا أملك إلا ان استنكر قيام أي كائن بأكل لحم الزرافة، وهي التهمة التي ألبسها الأمريكان لبعض العراقيين، لأن هذا الحيوان «حيوان» بمعنى الكلمة، ودمه أثقل من دم فاروق الفيشاوي، وهو كائن أبكم ولا يستجيب لمداعبة ابن آدم،... وعلى كل حال فإنني لا أفهم أيضا كيف يأكل الناس لحم الجمل، ويخيل إلي انه لو وضعوا قطعة منه أمامي على المائدة فانها ستقفز وتمسك بي من «زمارة رقبتي».. وأذكر القارئ بأنني أعاني من فوبيا/ رهاب الإبل والقطط.

وأعود إلى العراق وأبارك لأهله ان الحيزبون بريجيت باردو (بي. بي) صارت مهتمة بالأوضاع في بلادهم، وبي بي هذه كانت السيدة قشطة في الستينيات والسبعينيات، وهي ممثلة فرنسية لم تظهر على الشاشة قط مرتدية أي نوع من الهدوم، ثم تكرمش جلدها وتقرمش وحاولت مجاراة المطربة صباح بممارسة شد ومط الجلد ولكن هيهات، فاستسلمت للأمر الواقع وكفت عن غواية البشر وتفرغت لغواية الحيوانات، واشتهرت بكونها اكبر نصير للحمير في العالم، وخاصة بعد ان راجت لحوم الحمير في مطاعم فرنسا، ومن فرط كونها إنسانة حساسة ومرهفة فقد طالبت أكثر من مرة بإلغاء عيد الأضحى لأن المسلمين يذبحون الأضاحي بدون بنج، (هي قد لا تعرف وقد لا يهمّها ان تعرف ان ابن آدم عندنا يذبح بدون بنج لأنه قال نكتة في حق «الذات الرئاسية»)،... المهم ان بي بي أصدرت بيانا تستنكر فيه تقاعس الأمريكيين في بغداد عن حفظ أمن وسلامة الحيوانات التي تم العثور عليها في قصر عدي بن صدام وتركوا تلك الحيوانات المسكينة تحت رحمة العراقيين!! يعني بنت قراد الكلب هذه لم تنفعل بمن بترت أيديهم وسيقانهم وبمن فقدوا القريب والصديق، ولا بمن فقدوا الوطن بأكمله، ولم تجد ما تقوله في الشأن العراقي سوى ان بضعة حيوانات قليلة حياء - مثلها لكونها لا تتعامل مع الهدوم - تعاني من الجوع!! ولكن المهم ان بي بي معنية بأحوال العراق بصورة او بأخرى، والمهم ان هناك منظمات أوروبية كثيرة تدافعت لتبني تلك الحيوانات، كما سبق لها ان هبت لتوفير الغذاء لأسد في حديقة الحيوان بالعاصمة الأفغانية كابل، ولكنه لم يكن «وش نعمة» فمات بعد ان تناول طعاما معقما خاليا من الكولسترول.... الغريب في الأمر هو انه رغم ان معظم العرب يعيشون في بلدانهم ويعاملون كحيوانات، بل ان الواحد منا ينشأ وهو مقتنع بأنه حيوان لأن المدرس عندنا يخاطب التلميذ في غالب الأحوال بـ «يا حمار/ بقرة»،.. إلا ان المنظمات الغربية تهتم بذوات الأربع أكثر من اهتمامها بذوي الاثنتين!





jafabbas١٩@gmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة