الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٦٣ - السبت ٢٨ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٥ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


إخفاقات المعارضة السورية تضعف مصداقيتها ووحدة قوامها





بدأت تظهر وجهات النظر الغربية المنتقدة لأداء المعارضة السورية تطفو على السطح حيث وجهت دراسات أوروبية اخيرة سهام الانتقادات الى الانقسامات داخل المعارضة السورية واخفاقاتها في ادارة الحملات الدعائية ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد.

منذ اندلاع الازمة في سوريا، سعت المعارضة السورية إلى إطلاق فعاليات حملة دعائية هدفت لتكوين انطباع بأن قاعدة المساندة الاجتماعية للنظام السوري تتهاوى الى حد كبير وأن النظام نفسه أصبح يعاني حالة التفكك.

ارادت المعارضة التي ضمت فرقاً مختلفة تنظيم نفسها بشكل جيد خلال الفترة الأخيرة بما يمكن أن يفسح المجال أمام وحدة قوامها، لكن الامر ظهر بشكل عكسي ولم يترجم بجدية على الارض، بل ظلت الانقسامات هي التي تحرك المعارضة وتؤطرها الى حد افقدها جزءاً كبيرا من مصداقيتها وانصهارها.

«اورينت برس» اعدت التقرير التالي:

حتى الآن لم يسجل اي نجاح حقيقي للمعارضة السورية في الجهود التي بذلتها لتوحيد صفوفها، لا بل انها منيت بنكسة كبيرة بفعل إخفاقات البروبغاندا الدعائية التي ظلت تقوم بها خلال الأشهر الطويلة الماضية. وبالتالي فقد أصبحت المعارضة السورية تعاني انعدام المصداقية، والافتقار إلى التنسيق.

على أساس النقاط المشار إليها، هناك جملة كبيرة من الاحداث والوقائع التي أفقدت المعارضة السورية بعضاً من المصداقية، ويمكن حصرها بنقاط عدة. على سبيل المثال، ففي يوم ١٠ ديسمبر ٢٠١١، تحدثت مصادر المعارضة السورية، الموجودة في لندن، عن مقتل أحد كبار المسؤولين في دمشق بواسطة مسؤول كبير آخر، ولم تكتف مصادر المعارضة بذلك بل سعت إلى الحديث عن التفاصيل والملابسات، ولاحقاً، تبين أن مزاعم المعارضة السورية اللندنية كانت غير صحيحة.

الى ذلك، سعت مصادر المعارضة السورية إلى الزعم مسبقاً، بوجود خلافات عدائية بين قيادة قوات الحرس الجمهوري، وقيادة المؤسسة الأمنية، ولاحقاً تبين أن هذه المزاعم غير صحيحة ايضاً وليس لها اي اثر حقيقي.

وتأسيساً على مجموعة كبيرة من الاحداث المشابهة حاول عدد من المراقبين الغربيين، ولاسيما العاملين منهم في مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية المعنية بالشأنين السوري والشرق أوسطي، أن يجدوا الدليل الحسي والبرهان على صحة مزاعم المعارضة السورية ولكنهم لم يجدوا أي شيء يؤكد ذلك باستثناء ان ما يعلن ليس الا مزاعم واختلاقات لا صحة لها وقد تكون تسريبات اطلقها النظام نفسه لاضعاف الثقة باعلام المعارضة.

الضعف وانعدام المصداقية

إضافة لذلك، يشير المطلعون على الشأن السوري في الولايات المتحدة الى أن الكثير من مزاعم المعارضة السورية أصبحت تتميز بالضعف وانعدام المصداقية، بما أدى إلى جعل الأعداد الكبيرة من المعارضين السوريين الموجودين في الخارج غير مساندين لهذه المزاعم، فضلا عن ذلك فقد أصبح حاليا العديد من المؤسسات الإعلامية والصحفية العالمية أكثر حرصاً لجهة التعامل وبقدر كبير من التحفظ إزاء المعلومات والتقارير التي تقوم فعاليات المعارضة السورية الخارجية بالترويج والتسويق لها على اساس انها خاطئة مسبقاً الى حد ان مزاعم المعارضة السورية اللندنية الأخيرة قد قوبلت بتجاهل بعض مؤسسات المعارضة نفسها، منها على سبيل المثال لا الحصر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، و«لجان التنسيق المحلية»، بل حتى المؤسسات الإعلامية الأمريكية المعادية لسوريا سعت بدورها الى تفادي نشر وبث مزاعم المعارضة السوري التي تتخذ من العاصمة البريطانية لندن ومدينة أسطنبول التركية مقرين لها.

محفزات الحملة الدعائية

لا شك ان هناك عددا كبيرا من الجماعات السورية المعارضة على الارض وفي الخارج ولكل رأيها حيال الازمة وكيفية حلها، وهذه الجماعات وإن كانت تبدو ضمن السياق المعارض نفسه لجهة الرغبة في الاطاحة بنظام الرئيس بشار الاسد، الا انها تتميز بالتنافر وانعدام التنسيق، حتى المجموعات المعارضة الكبيرة اتضح أنها تفتقر إلى تنسيق الأخبار العادية ناهيك عن تنسيق الجهود والعمل.

في هذا الاطار، ظهرت سيناريوهات عدة لتفسير اخفاقات الحملة الدعائية التي تنتهجها المعارضة السورية، وبرزت وجهات نظر لتبرير أسباب قيام جماعات المعارضة السورية بإطلاق المزاعم والأخبار غير الصحيحة، واعتبر بعض وجهات النظر ان الهدف من هذه الاخبار هو: حث السوريين في الداخل على ضرورة الانخراط في فعاليات المعارضة، تحت وهم الافتراض الذي يزعم بأن النظام أصبح يعاني التفكك الداخلي.

اضافة الى إقناع الأطراف الخارجية مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، وأيضاً الدول العربية المجاورة مثل المملكة العربية السعودية السعودية وبلدان الخليج العربي، بأن النظام قد أصبح يعاني الانقسامات والتفكك، وبأنه على وشك القيام بتنفيذ مذبحة ضد المدنيين السوريين المحتجين.

بالاضافة الى اقناع السوريين في الداخل والخارج، وأيضاً الأطراف الدولية الخارجية، بأن الانهيار النهائي للنظام، سوف لن يترتب عليه حدوث اضطرابات وعدم استقرار على غرار ما حدث في العراق بعد انهيار نظام الرئيس الراحل صدام حسين، أو على غرار ما أصبح على وشك الحدوث من فوضى وحرب أهلية ليبية داخلية بعد انهيار نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

ويمكن ايضاً تلمس الرغبة في الترويج للمزاعم القائلة إن ما يسمى «الجيش السوري الحر» هو جيش يهدف إلى حماية المدنيين السوريين، علماً بأن قيادة هذا الجيش موجودة في اغلبها في تركيا، وليس في أوساط المدنيين. كما يبرز الترويج للمزاعم القائلة إن المعارضة السياسية السورية سوف تسعى إلى جهة الالتزام بالمحافظة على سلامة هياكل الدولة، علماً بأن العديد من مؤسسات الدولة قد تعرضت للهجمات من قبل المتظاهرين ومنذ بدء التظاهر ضد النظام، وبخاصة مباني ومصنفات قصور العدل والمحاكم، حتى مراكز الشرطة العادية.

دعوة إلى الاضراب

وإضافة لذلك، سعت جماعات المعارضة السياسية السورية في الآونة الاخيرة الى المطالبة بتنفيذ عملية إضراب عام ضمن خطوات مرحلية، وذلك ضمن ما أطلقت عليه فعاليات المعارضة تسمية «إضراب الكرامة»، الذي حددت يوم ١٢ ديسمبر ٢٠١١ للبدء والشروع في تنفيذه.

في الواقع، سعت فعاليات المعارضة السورية ولاسيما المرصد السوري لحقوق الإنسان، ولجان التنسيق المحلية، لجهة بث الحملة الدعائية القائلة إن الإضراب العام قد نجح بشكل كامل في مناطق حمص، درعا، دوما، وإن فعاليات الإضراب بدأت تنتقل عدواها إلى المراكز المالية والتجارية الكبيرة مثل مدينة حلب.

من جهتها، حاولت السلطات السورية التصدي للحملة الدعائية المتعلقة بإضراب المعارضة عن طريق نشر وبث الصور والمشاهد الإعلامية الفورية خلال فترة إضراب المعارضة المفترض، وذلك على النحو الذي أقنع الجميع داخل وخارج سوريا بأن السوريين قد تجاهلوا هذا الإضراب.

وتعليقاً على هذه النقاط، فقد ذكر مركز دراسات ستراتفور الاستخباري الأمريكي أن «مصادره في دمشق» قد أكدت له أن السوريين لم ينخرطوا في هذا الإضراب، وإضافة لذلك أكدت له هذه المصادر أن أعداداً كبيرة من السوريين قد تلقوا رسائل الكترونية قادمة من هواتف أجنبية تحمل أرقاما أمريكية تدعو السوريين إلى المشاركة في الإضراب. ورغم ذلك، وبحسب تقرير ستراتفور، فإن السوريين قد تجاهلوا بشكل كامل الدعوة إلى الإضراب ربما خوفا من حملات القمع التي يقوم بها النظام، او لعدم ايمانهم الكبير بما تخطط له قيادات المعارضة المنقسمة على نفسها، التي تعيش في الخارج بينما المواطنون السوريون يتعرضون للقتل.

باختصار، باتت عناصر الفرقة والاختلاف تطغى على طابع المجلس السوري المعارض، او بالاحرى على معارضة الداخل والخارج، اكثر بكثير مما كانت عليه قبل ثلاثا أشهر ورغم محاولة قادة المعارضة أن يبدوا متماسكين بشكل اكثر، فإن تصريحاتهم المتناقضة بالشأن السوري تكشف عن حقيقة صراعهم المستمر.

وهناك جهات استخبارية غربية عدة اعربت عن خشيتها من ان هذه المعارضة، اذا لم تتمكن من الوصول الى ارضية مشتركة، ومن اقناع العالم بأهدافها عبر حملة دعائية ناجحة، فانها ستتفكك خلال اسابيع قليلة جدا.











.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة