الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٦٩ - الجمعة ٣ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ١١ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

زاوية غائمة


دعوة إلى التهريب طلبا للعافية





استبشرت خيرا باكتشاف مستعمرة من الناموس الناقل لمرض حمى غرب النيل في الريف البريطاني مؤخرا، وليس مرد ذلك كرهي للريف البريطاني أو أهله، بل حبي لأهلي ولجميع تعساء إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.. وقد قلت مرارا إن الإنفلونزا خطفت الأضواء من أمراض أكثر منه فتكا بالناس، وان أمر مقاومتها واحتوائه مقدور عليه رغم عدم وجود سابق خبرة للطب الحديث في التعامل مع فيروسات الإنفلونزا الجديدة، والسبب في ذلك ان الإنفلونزا تضرب مناطق فيها فلوس وحركة تجارية نشطة مثل هونج كونج وكندا، ومن ثم نشطت كل دوائر البحوث الطبية والصيدلانية للتعرف على الفيروس والانقضاض عليه، وهكذا خلال اشهر معدودة تم احتواء إنفلونزا الطيور والخنازير.. وبصراحة شديدة وبدون فخر فإن جسمي وكبدي على وجه التحديد مستودع لطفيليات الملاريا، وياما عانيت من الهذيان والغيبوبة بسبب ارتفاع درجة حرارة جسمي كلما نشطت تلك الطفيليات وتحركت كما العلوج لغزو مناطق مختلفة من جسمي، وفي السودان يموت بضعة آلاف شهريا بالملاريا، بعد ان صار البعوض يتمتع بحصانة ضد المبيدات بل صار يتغذى عليها، ويتوالد حتى في غياب المياه الراكدة، ولا سبيل لاحتواء خطر الملاريا إلا بتوصيل المرض إلى اوروبا وامريكا، فعلماء تلك الجهات لا يحفلون بأمر أي مرض ما لم ينتشر في بلادهم، ومن ثم فإن من مصلحتنا نحن ابناء البلدان المنتجة للأمراض، ان نقوم بتصدير الفائض منها إلى الدول الغربية حتى تنتبه لمخاطرها، وتقوم بانتاج الأمصال الواقية منها والأدوية الناجعة التي تستأصلها، فالإيدز مثلا كان موجودا في إفريقيا من دون ان يعبأ به أحد، ولكن ما ان وصل إلى اوروبا وامريكا حتى تم تطوير تشكيلة من العقاقير لاحتوائه بدرجة انه لم يعد «قاتلا».

وخير دليل على ان الغرب لا يعبأ إلا بالأمراض التي تهدده في عقر داره، هو ان أكثر الأمراض فتكا في عالمنا المعاصر هو الأيبولا، فرغم اكتشافه عام ١٩٧٦ ورغم أنه كان موجودا قبل ذلك ربما بمئات السنين، ورغم انه يقتل اكثر من ٩٠% من ضحاياه، فان ذلك لا يزعج دوائر البحث العلمي في الغرب كثيرا إلا من الناحية «الأكاديمية»!! والايبولا يهاجم نظام المناعة ويشله ويظل يهاجم الجسم منذ الساعات الأولى لحدوث الاصابة فيتجلط الدم ويختنق الكبد والكلى والرئتان ثم الدماغ، وبعد ذلك يستهدف الكولاجين وهو الغراء الذي يجعل الجسم متماسكا وينتج عن ذلك تقشر الجلد وتساقطه، وما هو ابشع من ذلك هو ان الايبولا تذيب الامعاء والمعدة حتى تخرج من الفم مع القيء، والسبب الوحيد الذي منع انتشار الايبولا خارج إفريقيا هو ان المصاب به لا يعيش طويلا، بحيث يتعذر على مصاب بالمرض ان يسافر إلى أي جهة، ولكن ذلك لن يدوم طويلا ومن المؤكد ان المرض سينتقل تدريجيا صوب الشمال إلى ان يصل إلى ذوي العيون الزرق وعندها فقط سنسمع بأن هناك عقارا او أكثر للتصدي له.

والشاهد هو ان صناعة الدواء في الغرب باتت غير محكومة بأي ضوابط أخلاقية او إنسانية، فشركات الأدوية لا ترصد أي مبالغ لتطوير ادوية لأمراض الفقراء، ولو رصدت واحدا على الألف من ميزانية تطوير أدوية التحفيز الجنسي لتطوير علاج للملاريا، لما مات الملايين سنويا من هذا المرض، فلماذا لا يكون جزاء تلك الشركات من جنس عملها فنقوم نحن ابناء العالم الثالث بتهريب البعوض إلى الغرب خلال زياراتنا المريبة لبلدانه؟ كيف؟ قبل موعد إقلاع الطائرة بقليل، اذهب إلى اقرب مستنقع واغرف من مياهه في زجاجة كبيرة، لتضمن الحصول على كمية من يرقانات البعوض، واذا سألك ضابط الجمارك في مطار أوروبي لماذا تحمل سائلا عكرا متسخا، فقل له إنه مشروب غازي من إنتاج مصانع بلادك، وسيصدقك، وفي نفس الوقت لن تكون قد كذبت كثيرا فالمشروبات المتداولة في أسواقنا ليست اقل ضررا من المياه الراكدة!!





jafabbas١٩@gmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة