ليت لي حظ العقبي
 تاريخ النشر : الأربعاء ٢٥ يناير ٢٠١٢
جعفر عباس
كم احسد الفلسطيني الغزاوي صبري العقبي المدرس في ثانوية النقب على حصوله على رقم متميز لهاتفه الجوال، ليس لأنني من هواة ذلك النوع من الأرقام، فقد عملت سنوات طويلة في شركة اتصالات قطر وكان بإمكاني ان امتلك رقم هاتف من شاكلة ٣٠٣٠٣٠٣٠ ولكنني اكتفيت بأرقام خصصها لي الكمبيوتر عشوائيا.. إذ ما مصلحتي في ان يكون رقم هاتفي سهل الحفظ للآخرين؟ أي رقم يخصص لي سأحفظه رغم انفي وأنوف الذين خلفوني، فمالي أنا ومن يريدون ازعاجي باتصالات معظمها من باب «وش علومك وكيف حال العيال»؟ وقد يكون السائل يجهل ما اذا كان لي عيال أو ما اذا كنت متزوجا أصلا! الاستاذ العقبي كان من نصيبه نفس رقم الهاتف الجوال الذي يخص الوزير الفلسطيني ياسر عبد ربه المسؤول عن ملف المفاوضات مع اسرائيل، والذي يدير اليوم مؤسسات السلطة الفلسطينية الإعلامية كضيعة خاصة، تبث وتمنع البث بحسب رغبته، والسر في ذلك انهما يشتركان في الخدمة من خلال شركتي اتصالات مختلفتين، وأصبح العقبي يتلقى اتصالات من رؤساء ودول ووزراء وسفراء وصحفيين يسألونه عن خريطة الطريق وعملية السلام القيصرية!! ويبدو ان صاحبنا هذا مش وش نعمة بدليل انه يبلغ كل من يتصل به انه ليس ياسر عبد ربه وأنه «حتة مدرس» لا راح ولا جاء!! تخيل لو ان المقادير جعلت لأبي الجعافر رقم هاتف مطابقا تماما لرقم هاتف وزير! كنت سويت البدع، فلو كنت مكان العقبي لقلت مثلا لمن يسألني عن مسيرة السلام: لا كلام ولا سلام طالما نتنياهو الملعون الخسيس الدردبيس شبيه ابليس الذي ينطح في كل الاتجاهات كالتيس والذي اسأل الله ان يروح فطيس موجود على وجه الأرض.. اكتبوا على لساني: داهية تاخد اوسلو وطوكيو وبرشلونة وريال مدريد!! وتكتب الصحف: السلطة الفلسطينية تنفض يدها من اتفاقات السلام بأثر رجعي!! عبد ربه يمسح بالصهاينة الأرض، واسرائيل تطلب وساطة كونغولية! وهل يستطيع عبد ربه أن يتراجع عن بطولة جاءته «مقشرة وجاهزة» بعد ان ناشته السهام بأنه تطبيعي ع الآخر؟
أو تخيل انك اشتركت في نفس رقم الهاتف عبر شبكتين منفصلتين مع وزير في أي بلد عربي، وتأتيك مكالمة عن طريق الخطأ: سمعت يا صاحب السعادة انكم سترسون المناقصة على شركة التيس الذهبي، وتدري اننا لو ما فزنا بالمناقصة سنتبهدل في المحاكم ونتعرض للتصفية!! هنا تتنحنح وتعتذر لانك مصاب بالتهاب في الحلق (من باب الاحتياط لأنه ربما يستطيع تمييز صوت صاحب السعادة بسهولة) ثم تقول له: ما عليك،.. حط ٥٠٠ الف دولار في مظروف وانتظر في مقهى السفاسف وسيمر عليك مندوب لأخذ المظروف واعتبر المناقصة في جيبك!! ولكن ربما تكون المناقصة كحيانة فيحتج محدثك بان مبلغ ٥٠٠ ألف دولار «كثير»، هناك عليك ان تكون حاضر البديهة وتقول: سوري، انا قصدي ٥٠ ألف!! وبإمكانك ان تبادر انت الى الاتصال بالجهات التي تعرف سلفا أنها تعرف رقم الوزير، وتطلب منها اشياء مثل: سيأتيكم شاب من طرفي وأريد منكم ان تعينوه مدير إدارة المخازن فيردون عليك بان المخازن قسم صغير وليس «إدارة» فتقول: خلاص خلوها إدارة وخلوه مدير!! يعني بدلا من ان يسعى الناس للحصول على أرقام مميزة لهواتفهم بقصد الفشخرة عليهم ان يسعوا للحصول على ارقام تتطابق إلى حد كبير مع ارقام هواتف كبار المسؤولين فتصبح أمورهم سالكة «مما جميعه».
jafabbas١٩@gmail.com
.
مقالات أخرى...
- لا للتمييز بين الحيوانات - (24 يناير 2012)
- لا تحسسونا من الحساسية - (23 يناير 2012)
- لن أشتري الهمّ بفلوسي - (22 يناير 2012)
- لا يخاف من الغزو إلا الأعزل (٢) - (21 يناير 2012)
- لا يخاف من الغزو إلا الأعزل (١) - (20 يناير 2012)
- جاء دور الحقيبة الناطقة - (19 يناير 2012)
- لا تجعلوها سباقا في «المحاكاة» - (18 يناير 2012)
- الحب يلغي الطب (٢) - (17 يناير 2012)
- الحب يلغي الطب! (١) - (16 يناير 2012)