الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٧٠ - السبت ٤ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ١٢ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين


الشيخ علي مطر: ربيع الأول شهر مولد الحبيب المصطفى





قال الشيخ علي مطر في خطبة الجمعة بمسجد أبي بكر أمس: ماذا يعني شهر ربيع الأول للمسلمين؟ هذا الشهر الذي جمع الله تعالى في طياته عدة أحداث ومناسبات عظيمة عزيزة على قلب كل مسلم:

- فهو الشهر الذي ولد فيه الحبيب المصطفى نبي الرحمة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.

- وولدت وتأسست فيه دولة الإسلام.

- وهو شهر مولد دولة الخلافة الراشدة، ذلك العصر الذهبي الزاهر.

ورد في صحيح الإمام مسلم رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين، قال: ذاك يومٌ وُلدتُ فيه، ويومٌ بُعثتُ، أو أُنزل عليّ فيه.

قال الله تعالى عن بعثة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم المباركة:

«لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ ملابِينٍ».

«لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتلامْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ».

«يَا أَيلاهَا النَّبِيلا إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إلى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا ملانِيرًا، وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا».

فأحيا الله تعالى برسالته ودعوته القلوب وشرح بها الصدور، وأنار الدروب، وألف بها بين القلوب.

فالنعمة والرحمة والبركة، إنما حصلت برسالته وببعثته صلى الله عليه وآله وسلم، بنص قوله تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ».

ولم ينتقل صلوات ربي وسلامه عليه إلى الرفيق الأعلى إلا بعد أن بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده.

* فحقوقه صلى الله عليه وآله وسلم علينا كثيرة، وواجبنا تجاهه كبير وعظيم.

فله علينا واجب المحبة والتعظيم والإجلال والطاعة، فإنه إنما بعث ليطاع، وتنقاد البشرية لدينه ولحكمه.

كما قال الله تعالى: «فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا».

قال عز وجل في:

«قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبلاونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ».

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين».

* لنقف قليلا مع نماذج من حال سلف الأمة وكيف كان حبهم وإتباعهم له عليه الصلاة والسلام:

- يوم هاجر أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أخذ يمشي أمامه تارة، وخلفه تارة، وعن يمينه تارة، وعن شماله تارة، حتى إذا كان هناك شيء أو خطر أصابه هو ولم يصب النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئا.

- قال ابن عُمَرَ رضي الله عنهما: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لاَ تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا. قَالَ فَقَالَ بِلاَلُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ. قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عبدالله فَسَبَّهُ سَبٌّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطلا وَقَالَ أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَتَقُولُ وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ».

- ولما أفتى ابن عباس رضي الله عنهما بجواز التمتع بالعمرة إلى الحج واستدل بقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، قالوا: لكن أبا بكر وعمر يقولان خلاف قولك، فغضب ابن عباس وقال: يوشك أن ترجموا بحجارة من السماء، أقول قال رسول الله، وتقولون قال أبوبكر وعمر.

- وهذا التابعي سعيد بن المسيب رحمه الله يُسأل عن حديث وهو على فراش الموت، فيقول أجلسوني، فيقال له أنت مريض، فيقول كيف أُسأل عن كلام الحبيب صلى الله عليه وسلم، وأنا مضطجع.

- وهذا الإمام مالك رحمه الله عاش سنين طويلة في المدينة النبوية وما ركب دابة في المدينة احتراما لثرى دفن فيها النبي عليه الصلاة والسلام.

- وكان مالك رحمه الله يقرأ كتابه الموطأ في أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فتلدغه العقرب ثلاث عشرة مرة، فلا يقطع الحديث، فيقول له الناس يا إمام رأينا وجهك تغير مرات كثيرة وأنت في المجلس، فقال لدغتني عقرب وأنا أقرأ الحديث. قالوا فِلم لم تقطع الحديث، قال استحييت أن أقط- وسئل الإمام الشافعي رحمه الله ذات مرة، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذا، فقال السائل وما تقول أنت، فغضب الشافعي وقال: أتراني في كنيسة، أتراني في بيعة، أترى في وسطي زناراً، أقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتقول ما تقول أنت.

* هكذا تكون المحبة والحفاوة الحقيقية به صلى الله عليه وآله وسلم بالطاعة والانقياد، وليس في احتفالات تقام وقصائد تلقى ودفوف تضرب وطبول تدق، وهز وتمايل، بينما نحن في عقيدتنا وعبادتنا وطاعتنا وسلوكنا وأخلاقنا، أبعد ما نكون عن شريعته وطريقته وهديه وسنته صلى الله عليه وآله وسلم.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة