الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٧٠ - السبت ٤ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ١٢ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

الشيخ صلاح الجودر:

ارتفاع نسبة الشباب البحريني مدخني الشيشة





في خطبة الجمعة بجامع الخير بقلالي قال فضيلة الشيخ صلاح الجـودر:

الأمة الإسلامية وحضارتها الإنسانية تستمر ما دام أبناؤها متمسكين بدينهم وأخلاقهم وهويتهم، فهي حضارة ثابتة على مبادئها لأنها تمتلك عوامل القوة في ذاتها، قال تعالى: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا» (المائدة:٣).

فالأمة التي تريد أن تستمر في تقدمها هي التي تضع لنفسها المبادئ التربوية والمناهج التعليمية بما يكفل لها إعداد الأجيال الصالحة.

جدير بالمخلصين الغيورين على دينهم وأمتهم ومجتمعهم أن يتأملوا في أحوال الطلبة والطالبات في مراحل دراستهم النظامية، وليتساءل الفرد منا عما تحقق لهم من علم ومعرفة، وتربية وأخلاق، في مقابل ما يتعرضون له من فوضى فكرية هدامة تشاهد اليوم في الشوارع والطرقات، حتى أصبح البعض منهم بين تبعية العرى والتفسخ من جهة، وارتهان لقوى العنف والتطرف من جهة أخرى!.

لقد آن الآوان إلى وقفة جادة لمعالجة مشاكل الشباب والناشئة، فالمحافظة على العقيدة واللغة والتاريخ والأخلاق هي أسس الهوية، وذلك من خلال تعزيز المناهج التربوية والسياسات التعليمية، بدءا من رياض الأطفال حتى اكمال الدراسات العليا، فالتربية والتعليم تعني صناعة الرجال، وصياغة العقول، وصيانة السلوك، ليتحلى بعدها الشاب بهوية مجتمعه المسالم المتسامح.

والعالم اليوم يشهد حالة غريبة من التغير بعد أن تحول إلى قرية صغيرة يتداخل في الحدود، وتتقاطع فيه المصالح، من هنا فإنا بحاجة إلى مبادرات لتعزيز أمن وسلامة الحقل التربوي، وقد جاء عن نبيكم محمد (صلى الله عليه وسلم): (من سلك طريقًا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة) أخرجه مسلم.

لذا يجب تحصين الشباب والناشئة مما يثار هذه الأيام في المنطقة من سموم وأدواء، وإن شئتم فتأملوا -عباد الله- في الفوضى الفكرية الهدامة، والتمرد على الأخلاق والآداب، والخروج على الأعراف والعادات، حتى أصبح الشاب تائهاً غريباً في مجتمعه.

أيها المؤمنون ويا أولياء أمور الطلبة، إن الأمة اليوم تواجه عدواً شرساً قد كشف عن أنيابه، وأعلنها حرباً لتدمير المنطقة وإعادة رسمها من جديد، من خلال إثارة العداوات بين الناس، وتمزيق وحدتهم، وضرب مصالحهم ومكتسباتهم، لذا آن الأوان أن يلتفت إلى الحقل التربوي والتعليمي لتحصينه وتأمينه، والمجتمع إن فعل ذلك فلسوف يخرج أجيالاً سليمة في العقل والفكر والمعتقد.

أيها المعلمون والتربويون، إن مسئولية الناشئة عليكم كبيرة، فلا تكتفوا بما في أيديكم من مناهج، ولكن دشنوها بما تملكون من علوم ومعرفة، وعززوها بأخلاقكم الحميدة وآدابكم المرعية، أرشدوهم إلى مسلك الخير وحذروهم من طرق الغواية، أربطوهم بالصالحين والأخيار، (فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) كما صح عن نبيكم محمد (صلى الله عليه وسلم).

أيها الأخوة المعلمون، قبل أن يكتسب الطالب العلم عليه أن يتعلم التربية، فبالأخلاق تقوم الأمم، وبسببها تسقط وتتلاشى، فالعلم من دون تربية كالكتاب من دون غلاف، لذا ما هي القيم التربوية والمبادئ الإنسانية التي زرعتموها في الطلبة؟، وما هي المسالك المشينة والأفكار الهدامة التي حذرتموهم منها؟، هل زرعتم فيهم صور التسامح والتعايش والحب والأخوة أم تركتم نار العداوة والبغضاء والشحناء تأكل عقولهم وصدورهم؟!

إننا اليوم في حاجة ماسة الى المحافظة على شبابنا وناشئتنا، فرياح التغير التي هبت على المنطقة هي رياح محملة بالسموم والأدواء، ويكفي الفرد منا أن يرى الجرائم والاعتداءات في المنطقة ليرى حجم الكارثة. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

المتأمل في نسب الجرائم في المنطقة يراها لا تعد ولا تحصى، وقد دقت ناقوس الخطر في الكثير من المجتمعات، وعند العودة الى اسبابها نرى أنها محصورة في أمرين، العنف والأدمان، لذا وجب التصدي لها وتحذير الشباب من خطورتها وآثارها.

ومما يشكر له ويثنى عليه هي مبادرة وزارة الداخلية ووزارة التربية والتعليم لتدشين برنامج معاً لمكافحة العنف والإدمان لدى الطلاب في مرحلة التعليم العام والجامعي، والهدف منها إيجاد البيئة المدرسية المناسبة. إن مثل هذه المبادرات والبرامج لا يمكن لها أن تتحقق إلا بالشراكة المجتمعية، فهي مسئولية لا تقع فقط على عاتق وزارة الداخلية ووزارة التربية والتعليم، ولكنها تحتاج إلى وعي أسري بأهميتها، فالأسرة هي الحاضن الأول والرئيسي للناشئة، من هنا يجب على أولياء أمور الطلبة تحذير أبنائهم من خطورة هذين الأمرين، العنف والأدمان.

أمر آخر، وهي العادة السيئة لشرب الشيشة فقد لوحظ ارتفاع نسب المدخنين، وهي نسبة خطيرة على المجتمع، وخطورتها -عباد الله- حينما تصبح ثقافة مجتمعية وأسرية، والمؤسف له حقاً حينما تصبح المرأة احدى ضحايا شرب الشيشة، فأحذروا عباد الله من هذه السموم الفتاكة بالمجتمع، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة