الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٨٤ - السبت ١٨ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٦ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


محاولة إجهاض «تحسين الزمن المدرسي»





تابعت على مدى الفترة القصيرة الماضية الزوبعة التي أثارها عدد من النواب في وجه المسئولين بوزارة التربية والتعليم ووصول الأمر إلى حد التلويح بمساءلة وزير التربية والتعليم، «احتجاجا» على توجه الوزارة لتمديد ساعات الدوام المدرسي وتعميمه على جميع المدارس الثانوية ضمن مشروع «تحسين الزمن المدرسي» وهو المشروع الذي طبقته الوزارة قبل ذلك وبنجاح في مدرسة المحرق الثانوية للبنات، فلم أجد تبريرا مقنعا من بين جميع الحجج التي ساقها النواب يشفع لهم ويبرر اعتراضهم على مشروع يمكن من عنوانه الاستدلال على أنه يستهدف مصلحة الطالب أولا، وهو مشروع في مجمله ونتائجه المرجوة سوف يصب في مصلحة الطالب، وإن لم تتحقق هذه النتيجة، وهذه فرضية بعيدة التحقق، فإنه لن يكون هناك ضرر من ورائه.

مشروع تحسين الزمن المدرسي يضيف ٤٥ دقيقة فقط على الوقت المدرسي اليومي وهي زيادة لا تصل إلى توقيت المدارس الخاصة في البحرين التي في اعتقادي أن جل أبناء النواب يدرسون فيها، والزمن المضاف يكلف الوزارة مبالغ مالية ليست قليلة، ولا يتحمل أولياء الأمور أي تبعات مالية جراء هذه الزيادة، أي أن الهدف من هذا المشروع تحقيق فوائد تعليمية أكثر للطالب، وهي مقدمة للوصول إلى معدل الدول المتقدمة في عدد ساعات الدراسة السنوية، وبالتالي فإن الوزارة لن تكون هي الخاسرة في حالة تعطيل أو إعاقة تنفيذ هذا المشروع وإنما الطالب دون سواه.

كان مطلوبا من النواب المعترضين على هذا المشروع أن يحاولوا التسلح بالرؤية العلمية والفهم العميق لمتطلبات العملية التعليمة لا أن تقودهم العاطفة ويستسلموا للمثل القائل «خالف تذكر»، ولو قارن النواب المعترضون على المشروع، مخرجات التعليم في المدارس الخاصة في البحرين التي تستمر فيها الدراسة حتى الثالثة وأحيانا حتى الرابعة، مع مخرجات التعليم في المدارس الحكومية لوجدوا الفرق الكبير في مستوى الطلبة الدراسي، فنحن نريد أن ترفع المدارس الحكومية من مستوى أدائها، وهذا لن يتأتى في ظل الاعتراضات على كل خطوة تخطوها وزارة التربية والتعليم نحو بلوغ هذا الهدف.

فمن مزايا تحسين الزمن المدرسي، بحسب ما يؤكده المسئولون في وزارة التربية والتعليم والخبراء القائمون على المشروع والذين درسوه بعناية قبل تعميمه على جميع المدارس الثانوية أن تطبيق المشروع من شأنه أن يساهم في تخفيف الواجبات المدرسية عن كاهل الطالب وإنجاز غالبيتها في المدرسة وتوفير وقت كاف للفهم والاستيعاب والتعلم الأعمق مع إمكانية أفضل ليتعلم الطالب من أقرانه إضافة إلى تحسين جودة المخرجات، أليست كل هذه فوائد تصب في مصلحة الطالب دراسيا؟ فالمعترضون على مشروع تحسين الأداء المدرسي لم يقدموا البديل ولم يقترحوا أي مشروع آخر يحقق نقلة نوعية في التعليم ويساهم في تحسين أداء المدارس ومخرجات، كما أنهم لم يذكروا أضرارا حقيقية يمكن أن تلحق بالطالب جراء تطبيق هذا المشروع.

نأتي إلى قضية أخرى وهي تتعلق بالاختصاص، فوزارة التربية والتعليم بصفتها الجهة المسئولة عن تنظيم العملية التعليمية في المملكة ومراقبة التزام جميع المؤسسات التعليمية بالقوانين المنظمة لها، فهي (الوزارة) مسئولة أيضا عن البحث عن السبل كافة وسلوك مختلف السبل لتحقيق التطوير النوعي في العملية التعليمية، ذلك أن أي إخفاق في تحقيق ذلك فإنها ستكون الجهة المسئولة عنه، وبالتالي فإن تدخل أعضاء من مجلس النواب في الشئون التنظيمية للوزارة يعتبر تعديا على سلطتها وتدخلا مباشرا في اختصاصاتها.

فوزارة التربية والتعليم باعتبارها جزءا من السلطة التنفيذية مسئولة عن تطبيق برامج عمل الحكومة في إطار الاختصاص المنوط لها به، ومن حق مجلس النواب أن يراقب أداء وعمل الأجهزة الحكومية وأن يسائلها ويحاسبها عن الإخفاقات والقصور والتجاوزات إن حدثت، لا أن ينصب نفسه موجها ومخططا لبرامجها وخططها، فهذه ليست من مهام أعضاء مجلس النواب ولا من اختصاصاتهم، ولكن يبدو أن بعض النواب بعد أن ولجوا كثيرا في شئون البلديين، نراهم الآن يقفزون على اختصاصات مؤسسات السلطة التنفيذية.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة