الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٨٦ - الاثنين ٢٠ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٨ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


لماذا لا يحق للفلسطينيين ما يحق لغيرهم؟





حراك سياسي عربي مدعوم دوليا من قبل أمريكا والدول الغربية الحليفة لها منذ بداية الأحداث في سوريا ومن قبلها في ليبيا، حيث زجت تلك الدول بجيوشها وأسقطت نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، والأهداف من وراء هذا الحراك وهذا الدعم ليس سواد عيون الشعبين السوري أو الليبي وإنما لتصفية حسابات سياسية وتحقيق مصالح ذات علاقة باستراتيجية تلك الدول، أما حين يأتي الحديث عن الشعب الفلسطيني فإننا لا نسمع موقفا واحدا يتحدث بجدية وبحماسة ينصف هذا الشعب الذي يرزح تحت نير أبشع احتلال عنصري لأكثر من ستة عقود متواصلة، حتى الدول العربية التي تسمي قضية فلسطين «القضية القومية الأولى»، لم تقدم من أجل هذه القضية ما يكفي من الدعم لتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه التاريخية المشروعة.

هذه الدول لا تكتفي بالصمت حيال ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تنكيل يومي من قبل قوات الاحتلال الصهيوني في المناطق الفلسطينية كافة، إلى جانب الحصار الاقتصادي الإجرامي الذي يفرضه العدو الصهيوني على قطاع غزة منذ أكثر من ثلاث سنوات متواصلة، بل إلى جانب هذا الصمت الذي يعتبر بمثابة مشاركة غير مباشرة في جرائم العدو، فإن هذه الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية تقدم الدعم المادي غير المحدود والحمايتين السياسية والقانونية للكيان الصهيوني ومنع أي مساءلة له عن الجرائم التي يرتكبها ضد الفلسطينيين، حيث استخدمت أمريكا حق النقض في مجلس الأمن الدولي عشرات المرات لمنع أي قرار يصدر ضد العدو.

اللوم الأكبر لا يقع على هذه الدول، فهي لا تخفي مواقفها المؤيدة والمساندة بشكل مطلق للسياسة الصهيونية حيال الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وإنما اللوم الأكبر يقع على عاتق الدول العربية وبالتحديد تلك التي شاركت القوى الاستعمارية في تدمير وغزو ليبيا، وتلك التي تحشد قوتها السياسية ضد سوريا في الوقت الحاضر، فهذه الدول تتحمس للدفاع عن حقوق الشعب السوري، كما تحمست لحقوق الشعب الليبي، ولكن هذه الحماسة ليس لها وجود عندما يتعلق الأمر بالشعب الفلسطيني، مع أن الظروف الحالية ملائمة جدا لإحراج المجتمع الدولي والدول الداعمة للكيان الصهيوني.

فهذه الدول حين تتحدث عن حق الشعب السوري كما تحدثت عن حق الشعب الليبي، وقدمت الدعم العسكري المباشر لإسقاط نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، هي مطالبة أخلاقيا بالوقوف مع الشعب الفلسطيني ودعم مطالبه المشروعة، فكما للشعبين السوري والليبي وغيرهما من الشعوب الحق في العيش بعزة وكرامة والتمتع بالحقوق السياسية والقانونية كافة، فإن الشعب الفلسطيني هو الآخر له كامل الحق في العيش كغيره من الشعوب في حضن دولة مستقلة كاملة السيادة، فهذه حقوق إنسانية غير قابلة للمساومة.

إن الدول العربية وخاصة تلك المتحمسة لإسقاط النظام السوري التي شاركت بطرائق مختلفة في إسقاط نظام معمر القذافي مطالبة أكثر من غيرها بإظهار الحماسة والدعم والمساندة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، فلماذا لا تأخذ هذه الدول ومعها الجامعة العربية الملف الفلسطيني مرة أخرى إلى مجلس الأمن الدولي، وإلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، للمطالبة بإلزام الكيان الصهيوني بالانصياع للقرارات الدولية والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، فالظروف مواتية جدا حيث المجتمع الدولي يتحدث عن حق الشعب السوري في إسقاط نظام بشار الأسد، فلماذا يتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني؟

فصمت الدول العربية وعدم المبالاة إزاء ما تتعرض له الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني من عملية تغييب صريح من قبل الكيان الصهيوني والدول الغربية الداعمة له، ينمان عن عدم مصداقية مواقف هذه الدول حيال حقوق الشعب الفلسطيني، وأنها (أي تلك الدول) أكثر شراسة وجدية حيال بعض الأنظمة العربية من جديتها حيال الفلسطينيين، وتنطبق على هذه الدول التهمة نفسها التي نوجهها للولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية وهي الكيل بمكيالين فيما يتعلق بالتعاطي مع الحقوق المشروعة للشعوب، حيث عادة ما يكون الشعب الفلسطيني خارج منظومة الشعوب الأخرى التي لها حق المطالبة بحقوقها وتحصل على الدعمين الماديين والسياسي وغيرهما من أشكال الدعم، أليست مواقف كهذه تمثل انتهازية سياسية واضحة؟



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة