الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٩٧ - الجمعة ٢ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٩ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


انقلاب جاء بالمجلس وآخر بالاتحاد..!





البحرين والكويت وقطر، ثلاث دول صغيرة في الخليج العربي، وربما كانت الإمارات معهم أيضاً إذا ما قسنا مساحتها بمساحة المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان. جميع هذه الدول في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية الكبيرة التي تحدث بشكل متسارع، لن تتمكن من البقاء صامدة محافظة على كياناتها إذا بقيت على هذا الحال. بمعنى آخر، بات مطلب الوحدة الخليجية اليوم أكثر إلحاحاً من ذي قبل، ولا بد أن يتقدم مشروع الاتحاد الخليجي نحو التنفيذ السريع.

عام ٢٠١١ المنصرم قلب المعادلات وأتلف كل النمطيات الاعتيادية التي كان العالم يسير عليها، وإذا كانت مارغريت ثاتشر قد آمنت بعدم وجود حالة عداء دائم أو صداقة دائمة وإنما مصالح دائمة، فإن الوضع من بعد عام ٢٠١١ قد تحول إلى حالة انقلاب دائم، فلم يعد الحلفاء حلفاء، ولم تعد العلاقات الاستراتيجية هي التي تحكم. دول الغرب التي تتغنى بالديمقراطية وتضطهد حكومات الشرق الأوسط على هذا الأساس، تبين اليوم أنها مهما صبغت نفسها بالعلمانية فإنها في النهاية تطبق سياسات «دينية». الغرب يطلب من الشرق فصل الدين عن السياسة، وفي المقابل هو يمزج الدين عنده بالسياسة، والكثير من سياساته في المنطقة إنما تقوم في الأساس على معتقد ديني. منذ اتفاقية سايكس بيكو عام ١٩١٥-١٩١٦ إلى وعد بلفور المشؤوم عام ١٩١٧ ودخول اليهود أرض فلسطين برعاية بريطانية، وحتى اتفاقية كامب ديفيد ١٩٧٨ إلى وقتنا الحاضر. كل ما يحدث يحمل بين ثناياه سياسات تنم عن عقيدة دينية.

في العام الماضي، تكشفت مرحلة جديدة من السياسات الغربية تجاه دول الشرق الأوسط تقوم على قلب الأنظمة ونشر الفوضى والتدخل السافر في شؤون الدول والتجسس عليها في وضح النهار باستخدام الجواسيس الجدد، النشطاء الحقوقيون..! وبالعودة على ما بدأت به، فإن الدول الصغيرة ذات التعداد الصغير والإمكانات العسكرية المتواضعة لن تستطيع أن تعيش وحدها من دون حماية صلبة، وهذه الحماية لن تتأتى إلا باتحاد جميع دول مجلس التعاون، وتوحيد سياساتها الخارجية والدفاعية، لتصبح شبه الجزيرة العربية كتلة واحدة متماسكة، من يخاطب أي جزء منها من دول العالم فإنه يخاطب الكل. وإذا كان مجلس التعاون الخليجي على امتداد السنوات الماضية -ومنذ إنشائه- قد حقق قدراً كبيراً من الانسجام والتكامل، فإنه بات في حكم المؤكد أن الوحدة بين دول المجلس لم تعد اليوم بالأمر الصعب، وإذا كان مجلس التعاون -أيضاً- قد تأسس في ٢٥ مايو عام ١٩٨١ بعدما تعرضت البحرين لمحاولة انقلابية إيرانية قبل ٣٠ سنة، فإن دول مجلس التعاون اليوم -من بعد البحرين- تواجه جميعها محاولات انقلابية لم تعد إيران هي الطرف الوحيد فيها، ما يحتم الانتقال السريع من إطار التعاون إلى الاتحاد، وبشكل فعلي.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة