الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٨٨ - الأربعاء ٢٢ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٣٠ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


ما الذي حققه «الفاتح»؟





ما الذي حققه تجمع «الفاتح»؟ وأنا هنا أقصد اجتماع الناس في ساحة جامع الفاتح ولا أقصد الجمعية السياسية التي انبثقت عن هذا التجمع. النقاط التي حققها هذا التجمع كثيرة، ولا يمكن حصرها في مقالة واحدة. لكنني هنا سأسلط الضوء على أهمها:

أولاً- جاء هذا التجمع في ٢١ فبراير من العام الماضي وما تلاه من تجمعات ليكون بمثابة التحرك الأول المقابل لتحركات «الوفاق». وأنا أقول هذا الكلام على اعتبار أن جمعية «الوفاق» قضت أكثر من عشر سنوات وهي تصول وتجول وحيدة في الساحة السياسية، في حين كان أغلب الناس مبتعداً عن أقل اهتمام بالعمل السياسي. ورغم أن عُمُر تجمع الفاتح قد أكمل سنة للتو، فإنه أثبت انه بات يشكل مصدر إزعاج لـ«الوفاق» ومن يتبعها. والدليل موجود في تقرير لجنة تقصي الحقائق، الذي ذكر ضمن سرده للأحداث أن «الوفاق» كانت قد اشترطت ضمن سلسلة اتصالاتها بالدولة عدم خروج جماهير الفاتح في تجمع حاشد، لكي لا يشكل ذلك إحراجاً لها أمام عدسات وسائل الإعلام. لماذا؟ لأن «الوفاق» كانت دائماً ما تتحدث عن تمثيلها لكل شعب البحرين، ومارست على الدوام سياسة الإقصاء، وعاشت في وهم الاستفراد بالصوت السياسي في البلد، وخروج تجمع الفاتح بهذا العدد المضاعف كان من شأنه أن يبين أنّ ما دأبت «الوفاق» على الترويج له لم يكن صحيحاً، ومؤخراً سمعنا علي سلمان يعترف على «بي بي سي» العربية، وربما للمرة الأولى، أنه لا يمثل كل البحرينيين، وبالتالي فإنه لا يملك حق فرض الحلول التي يريدها هو أو ربما تريدها «المرجعية» على جميع البحرينيين. يضاف إلى موقف «الوفاق» من الفاتح، ما صدر بشكل شخصي من بعض أعضائها ومن ناشطين و«حقوقيين» من أوصاف وألفاظ سيئة بحق جماهير الفاتح، رغم أن هذه الجماهير لم تقطع شارعاً ولم تحرق إطاراً ولم تقتل مدنياٌّ أو شرطياٌّ أو عسكرياٌّ. وفي ذلك دلالة على أن هذا التجمع فاعل، وله أثر قوي، رغم قصر عمره ورغم حداثة تجربته، وهو ما دفع القوى التي كانت وما زالت تتدخل في شئون البحرين إلى الالتفات إلى التجمع ومحاولة لقاء أعضائه.

ثانياً- مثل تجمع الفاتح بداية لنهضة الوعي السياسي لدى الكثير من الناس، ولدى قطاعات واسعة من الشعب. منذ متى كان الرجال والنساء يخوضون غمار النشاط السياسي بالقول والفعل والمشاركة والتفاعل بهذا القدر الذي يحدث اليوم؟ كانت الدولة تقارع «الوفاق»، واليوم فإن الدولة تقارع التجمع أيضاً، فله أيضاً كلمته، وله اتفاقه واعتراضه في كل شيء. صحيح أن التجمع عانى من مرحلة مخاض، وربما انقسامات واختلافات، إلا أن ذلك يظل أمراً وارداً جداً في السنة الأولى، ومن المتوقع أن يتحسن أداؤه مع مرور الزمن، تماماً كما جاء تجمع يوم أمس رغم وجود محاولات لوأده، غير أن ما بات واضحاً هو أن الجماهير قد حسمت قرارها بمعزل عن رغبات السياسيين. كإطار عام، وبغض النظر عن الخوض في التفاصيل، يمثل التجمع استنهاضاً للنشاط والتأثير وعدم ترك الساحة خالية لجمعية واحدة تفعل وتقول فيها ما تشاء على حساب البقية.

ثالثاً- بات في حكم المؤكد أن جماهير الفاتح، وهم إخوة في الدين والوطن لغيرهم من شرائح هذا المجتمع، لن تسمح بتمرير أي أجندات وصفقات كتلك التي كانت تمارس في الماضي. مقارعة الحجة بالحجة، ورصد عمل بقية الأطراف ومعهم الدولة، وعدم التسليم والتصفيق لكل ما يقال من باب «التسكيت» و«التخدير»، والانتباه إلى ما وراء الكلام وما بين السطور، هو بحد ذاته مكسب كبير، يبشر بجيل شبابي ناضج يحمل على عاتقه أمن واستقرار وطنه، بعيداً عن رغبات السياسيين الذين إن ملكوا الحظوة فلن يملكوا الشارع.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة