الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٨٢ - الخميس ١٦ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


ما الذي تعنيه تصريحات المشير؟





حاولت ان أحصي عدد الرسائل التي تضمنتها تصريحات المشير الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة للزميلة «الأيام» فوجدت أنها كثيرة جداًّ، بعضها يسهل فهمه، والبعض الآخر يحتاج إلى قراءة عميقة جداًّ كي نتلمس فحواه والهدف منه.

الرسائل الواضحة التي تضمنتها تصريحات المشير ربما تتمثل في إشارته إلى أن المجموعات التخريبية على الأرض في البحرين قد اندحرت سياسياًّ وميدانياًّ، وهي في الرمق الأخير ولا يمكن أن تشكل خطراً على البحرين. بمعنى آخر، المشير يوجه هنا رسائل إلى الداخل تقول للشعب القلق إن ما يحدث على الأرض من تخريب هو في نهايته ولن يدوم، وإن هذه الأعمال لا تعتبر من الناحية العسكرية خطراً يهدد أمن البحرين بل هي مناوشات أمنية، وقوات الشرطة وحدها كفيلة بردعها، وأن من يساومون من «المعارضة» على مثل هذه الأفعال لتحقيق أي مكاسب سياسية عليهم أن يعلموا أن هذا الأمل قد تلاشى وانتهى ولن يجد من يسانده.

بقية تصريحات المشير تحمل رسائل عميقة لا يمكن فهمها بسهولة، على سبيل المثال، تصريحه بأسماء الدول السبع التي تتبادل الأدوار في ممارسة ضغط على البحرين، وهي أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والسويد وسويسرا وبلجيكا، قد تفهم على أنها مرحلة حسم بين البحرين وأنصارها وبين الدول التي تتبادل هذه الأدوار التي تحدث عنها المشير. وقد تفهم على مناح أخرى أكثر تعقيداً من ذلك.

وتصريح المشير الذي كشف فيه عما دار بينه وبين أعلى قائد عسكري في بريطانيا حول عزم البحرين عدم التعاون مع ما يصل إليها من قوات بريطانية إذا استمر حظر المعدات الأمنية والعسكرية، وهو ما جعل بريطانيا ترفع هذا الحظر، والأمر سيان بالنسبة إلى أمريكا حيث تعاملت معها البحرين بنفس الأسلوب، قد يفهم منه أن البحرين توجه رسالة إلى بقية الدول التي ما زالت تمارس الحظر كي تقول لها إننا على علم بلعبة تبادل الأدوار، ومع ذلك تبقى مثل هذه الرسالة ممكنة خلف الكواليس السياسية، إلا أن إعلانها من قبل المشير يبقى لغزاً يحتاج إلى تفكير أعمق.

هناك أيضاً تصريح آخر للمشير حول المنظمات غير الحكومية التي تعمل ١٩ منها في أمريكا و٤ منها في «دولة خليجية» لم يقم المشير بتسميتها، والملاحظ أنه بعد تصريحات المشير مباشرة، قام موقع الجزيرة الإنجليزية بإعادة بث برنامج يتناول أحداث البحرين بلغة منحازة، وسبق أن احتجت البحرين بسببه، وكأنها ردة فعل تصعيدية على تصريحات المشير. ويبقى السؤال قائماً: هل تقتصر رسالة المشير هنا على إبلاغ أمريكا و«الدولة الخليجية» بعلم البحرين بما تفعله هذه المنظمات؟ إذا كان هذا هو الهدف فإن القول بإمكانية إرسال هذه الرسائل خلف الكواليس هو أيضاً ممكن، إلا أن إعلان المشير عنه على الملأ يبقى ذا مغزى أكثر عمقاً.

وربما تبقى نقطة أخيرة وردت في تصريحات المشير وهي قوله إن تهديدات إيران بغلق مضيق هرمز لا يستبعد أن تكون جزءاً من اللعبة مع «تلك الدول»، وانه إذا كانت إيران قادرة على إغلاق المضيق فلماذا لا تنفذ تهديداتها وتغلقه؟ وما صرح به المشير هنا يلقي بظلاله على ما يراه الكثير من المراقبين من أن فقاعات التصريحات المتصاعدة بين طهران وواشنطن حول مضيق هرمز ليست سوى «لعبة شطرنج» بين الطرفين، لكن يظل السؤال: ما هو الهدف من لعبة الشطرنج هذه؟ وما هي نهايتها؟

وقبل أن أنتهي أود أن أذكر بما قاله المشير من أن البحرين تمكنت من «إرباك» جزء من المخطط المحاك ضدها، وهو ما يعني أن المخطط كبير ومستمر وأن الأطراف المتورطة فيه ما زالت تواصل عملها، وأن ما قامت به البحرين من خلال الحسم الأمني لأحداث فبراير ومارس الماضيين لم ينتج عنه سوى «إرباك» لهذه المخططات وليس القضاء عليها، وبالتالي فإن البحرين لا تزال مستهدفة بنفس القدر من الاستهداف الذي كان قائماً في العام الماضي إبان الأحداث..!



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة