حصانة من نوع آخر !
 تاريخ النشر : الاثنين ٥ مارس ٢٠١٢
إبراهيم الشيخ
سمعنا وقرأنا في علم السياسة، وفي علم العلاقات الدبلوماسية بالتحديد، عما يسمّى «الحصانة الدبلوماسية».
تلك الحصانة، عبارة عن حماية قانونية متبعة بين الحكومات تضمن الامتياز الذي يمنح للعاملين في السلك الدبلوماسي، تحميهم من أي ملاحقات قانونية مرتبطة بالدول المضيفة.
«الحصانة البرلمانية» مصطلح آخر قريب، وهي تلك التي ينالها ممثلو الشعب في برلمانات العالم، وتوفر لهم الحماية القانونية والسياسية من السلطة التنفيذية، حتى يمارسوا دورهم بأقصى درجات الشفافية والحرية.
في البحرين، اكتشفنا نوعا آخر من الحصانة، تهبها الدولة للمخرّبين والمحرّضين ومنتهكي حقوق الإنسان!
حصانة وُهبت لمن أفسد في الأرض، واعتدى على حقوق الناس وأمنهم، فهو يسير بها حيثما حلّ، لأنّه متيقّن من وجود تلك الحصانة التي تحميه وتعفيه من المحاسبة، تارة لكونه من ضمن فئة «الجهالوه»، وتارة لكونه طبيبا، وأخرى لكونه معلما، وبالطبع لكونه (حقوقيا) أو ناشطاً سياسيا!! وأخيراً خرجنا بفكرة جديدة أصّلها السيد بسيوني وهي «حرية الرأي والتعبير»!
تلك الحصانة والحماية التي توفّرها الدولة لفئة مدللة، أفسدت في الأرض، وهتكت عرض القوانين، وهاهي تجرّنا إلى صراع طائفي، إن لم تستيقظ الدولة من بياتها الذي طال كثيرا!
أولئك الأفراد المشمولون بالحصانة، باتوا يحرّضون من فوق المنابر على سحق الآخر، كما باتوا يشرعنون أعمال العنف، ويهبونها المباركة الإيمانية! وبسبب حصانتهم لا يمكن للقانون أن يفكّر حتى في تنبيههم!
أولئك الأفراد باتوا يشتمون الصحابة، كما يشتمون رموز البلد في السر والعلن، وبسبب حصانتهم، أخرج النظام تصريفاً لذلك أسماه «حرية الرأي والتعبير»!
أولئك الأفراد لهم الحق في التخطيط لقلب نظام الحكم وتخريب المدارس والجامعات، وبسبب حصانتهم التي وهبتها لهم الدولة، وبعد أن يفشلوا في مكرهم، تقوم الدولة بإكرامهم، وإرجاعهم إلى وظائف هي خير من وظائفهم، لأنّ تصريفة «حرية الرأي» مكفولة للجميع!
أولئك تجرّأوا، وباتوا يضربون ويهددون الناس في الشوارع، ويحرقون رجال الأمن في الطرقات، والقانون ميّت سريريا، والأحكام القضائية تؤجّل كل مرّة، لأنّ الحصانة التي وهبتها الدولة لهم، تمنعها من محاسبة أي فرد منهم!!
في الضفّة الأخرى من الوطن، هناك «غرباء»، لا يشملهم قانون الحصانة ذاك! فإن تجّرأ الإمام وفتح المايكروفون فصلوه، وإن تجرّأ الخطيب وقال كلاماً لم يعجب القوم أبعدوه، وإن اعترض الطالب على قرار فصلوه، وهكذا تدار الأمور في مملكةٍ يعزّ فيها المخرّب والمحرّض، ويهان فيها القانون كما يهان فيها الشريف، الذي لا تقبل نفسه الضيم والظلم!
ذلك المواطن الذي وقف يحمي الوطن بروحِه عندما حميَ الوطيس، اكتشف حقيقة التهميش والتمييز الذي يعيشه في هذا الوطن.
برودكاست: من أين يأتون بالإطارت؟! من أين يحصلون على البنزين؟! ألا تستطيع الدولة بكبريائها محاصرة ذلك العبث؟!
جرس إنذار: الاعتداءات طالت ابن البلد، كما طالت الأشقاء الخليجيين والعرب، وتجاوزتهم إلى وافدين غربيين.
هل رأيتم نتائج الدلال الزائد؟! هل رأيتم نتيجة الحصانة التي وهبتموها فئات أفسدت الوطن وما زالت، والدولة ما زالت تغضّ الطرف عنهم! على الدولة أن تتحرك لأنّ الناس بدأوا يفقدون صبرهم!!
.
مقالات أخرى...
- حكاية الديزل المهرّب.. «هل كيف»؟! - (4 مارس 2012)
- لصوص البحث العلمي من بني الأصفر! - (1 مارس 2012)
- حكاية الهدر من «طأطأ»لـ «السلام عليكم»؟! - (29 فبراير 2012)
- حوار هادئ حول تمديد الدوام المدرسي - (28 فبراير 2012)
- نشرة الأخبار.. ومَن يغسل العار؟! - (27 يناير 2012)
- حوار طائفي وطني! - (26 فبراير 2012)
- رسائل آخر الأسبوع - (23 فبراير 2012)
- بين مبدأي «اللاعنف» و«اسحقوه».. يُعرف الرجال - (22 فبراير 2012)
- ٢١ فبراير - (21 فبراير 2012)