الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٠١ - الثلاثاء ٦ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ١٣ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

زاوية غائمة


عن شرور المرور





في كل عام وطوال أسبوع كامل تشهد شوارع المدن الخليجية الكبرى حضورا قويا لشرطة المرور، وانضباطا ملحوظا في حركة السير، ولكن بعد انقضاء ذلك الاسبوع المروري، تعود ريمه إلى عادتها السقيمة، ويوقف الأصدقاء سياراتهم في عرض الطرق، لمناقشة أسباب انهيار أسعار الأسهم عالميا، وينطلق فتى على يسارك متجها بسيارته صوب الجنوب، وفجأة يتذكر أمرا مهمّا فيستدير بسيارته دورة كاملة ويتجه شمالا، عكس اتجاه حركة المرور، ويا ويل من يتجرأ على إبداء استيائه من مسلكه ذاك. (بعض دول الخليج جابت المسألة من قاصرها كما يقولون وخصصت ساحات ليمارس فيها الشباب ما يسمى «التفحيط» وهو أن تجعل السيارة تندفع بأقصى سرعة وتمنعها من ذلك في نفس الوقت.. شلون؟ هذا هو سر التفحيط الذي يجعل تايرات/إطارات السيارات تقول طيط عند الاحتكاك بالأسفلت فيصدر عن ذلك دخان رمادي تنتج عنه رائحة مطاط باربكيو.. مشوي.

ما ندمت في حياتي على شيء مثل ندمي على تعللام قيادة السيارات، لان السير في الشوارع يسبب لي توترا سيؤدي حتما يوما ما إلى انفجار أحد أوعيتي الدموية، فمهما تكن في حالك وتسر بسيارتك ببطء معقول، وتحترم قواعد المرور فلا بد ان يتحرش بك شاب او صبي لا لسبب سوى انه يجد متعة في المرور على بعد مليمتر من سيارتك، او بان يجعل سيارته تلتصق بسيارتك من الخلف، ونصيحتي لكل من يقود سيارة هي الا يستفز صاحب سيارة محشوة بالمفارش والطنافس والرياش والفراء، لأن تلك السيارة هي أهم شيء في حياة صاحبها واي محاولة لتجاوزها تكون في نظره إساءة شخصية.. وإياك أيضا والتحرش بمن يسوق شاحنة صغيرة نصف نقل او بيك أب او بيكم، في أي دولة عربية أو غربية لأن من يقودونها عادة من اهل الارياف والمناطق النائية الذين لا يعرفون من السواقة سوى الإمساك بعجلة القيادة ولا يأبهون بإشارة مرور او رصيف.. وإياك وقيادة سيارتك مباشرة خلف سيارة تاكسي خالية من الركاب لأن السائق سيقف فجأة اذا رفرفت حمامة، فيحسبها تؤشر له بالوقوف.

معظم سائقي الشاحنات الثقيلة في منطقة الخليج من باتان باكستان، وهم قوم أشداء وأقوياء، ورغم ان معظمهم أميون وذوو دخل محدود فإنهم شديدو الكبرياء ولا يقبلون الإهانة من أي شخص مهما علا مركزه، ولهذا فإنهم بخلاف الجنسيات الآسيوية الأخرى، لا يعملون خدم منازل او سائقين خصوصيين، ولكن الباتان أسوأ من جلس خلف عجلة قيادة، فالواحد منهم يقود الشاحنة ذات الدفع بثماني عجلات، والتي تحمل عشرين طنا من الحديد المسلح والأسمنت، وكأنه يقود دراجة نارية لتوصيل «طلب بيتزا»، فيراوغ بها يمينا وشمالا.. وذات مرة كنت اقود سيارتي خلف شاحنة يقودها «خان» الذي قرر فجأة ان ينحرف بها نحو ٩٠ درجة منتقلا عبر حارتين، ولسوء حظي كانت الشاحنة محملة بسماد طبيعي أي مخلفات البهائم فتناثر البعر والروث على واجهة سيارتي حتى أصيبت (السيارة) بنوبة شديدة من السعال حتى تقطعت أنفاسها وتوقفت تماما.. ولاحقا أفتى الميكانيكي بأن السيارة بحاجة إلى غسل معدة للتخلص من أتربة متعفنة دخلت أمعاءها الغليظة.

والمصري يعتقد ان استخدام البوق (ويسميه الكلاكس) ضروري للجهاز التنفسي للسيارة ومن ثم يضع تسجيلا لصوت البوق في سيارته ويظل التسجيل يصدر الشهقات والزفرات اللازمة، اما السوداني فيعتبر السواقة بيد واحدة «مرجلة» فتجده على الدوام يبرز كوعه الأيسر من شباك السيارة، في حين ان الخليجي يعتقد ان السواقة لا تكون صحيحة، الا اذا كانت إحدى اليدين مشغولة بالهاتف النقال/ الموبايل.





jafabbas١٩@gmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة