الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤١٠ - الخميس ١٥ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٢٢ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير


سيادة المشير: لدينا بعض الأسئلة (٢-٢)





} استكمالا لأسئلتنا التي طرحنا بعضها في مقال أمس فإننا وليس فقط من منطلق الراهن وحده وإنما من منطلق مستقبل وطننا وشعبنا وهو المستقبل الذي لابد أن نتكاتف جميعا بكل المكونات لصيانته ومنع اختطاف هويته وانتمائه العربي ومنع ابتزاز إصلاحه وديمقراطيته وتعدديته والحريات المتاحة فيه من جانب فئة ونصر على أنها فئة الولي الفقيه التي تحرض دينيا وسياسيا وتقود الحراك الانقلابي الطائفي الذي كشفت هويته الوقائع وليست التحليلات، وعليه فإننا نواصل بعض أسئلتنا:

- إن مسألة عدم الحسم وإطالة الوقت وإعطاء الفرص تلو الفرص لجماعات توزع الأدوار بينها ما بين تطرف الرأي السياسي واستبداده ومحاولة فرضه بالقوة عبر تلك الوثيقة المسماة وثيقة المنامة وما بين عنف الشارع وإرهابه باعتباره ورقة ضاغطة على الدولة وعلى الناس، كل الناس المخالفين لأطروحاتهم المستبدة، نقول: عدم الحسم في مواجهة المحرضين والقادة لكلا الدورين هو مسألة في غاية الخطورة. ألا ترى معنا يا سيادة المشير أن الزمن سيف ذو حدين، وأن تكريس هؤلاء لخطابهم المتطرف تحت سياط العنف في الشارع وإرهابه لم تعد المصلحة الوطنية تحتمل معه المزيد من الكرم أو حسن النيات أو انتظار أن يعودوا إلى رشدهم؟ فكل ذلك لن يحدث لسبب واحد بسيط أن الانقلابيين وضعوا خطوطا فاصلة بين أدوارهم، فمثلا لو دخلت جمعية كالوفاق وأتباعها أي حوار وهي التي تضع غطاء الشرعية على تصرفات الجمعيات الانقلابية الآخرى غير المرخصة، فإن هذا يكسبها الشرعية على كل ما فعلته طوال أكثر من عام ولنقل منذ أزمة فبراير قبل الماضي، وهي لم تعتذر إلى الشعب ولم تعترف بأخطائها، ولم تراجع تكوينها الثيوقراطي باعتبارها تابعة للولي الفقيه، وفي ذات الوقت فإنها تنتظر مكاسب من الحوار الذي يتم الحديث عنه والذي ليس مكان اتفاق شعبي على الإطلاق في هذه الآونة تحديدا والوطن والناس مثقلون بالجراح، فإذا ما حصلت على تلك المكاسب أو بعضها ظهر الصوت المتطرف من الجهة الأخرى الذي يردد على الفضائيات: (إذا لم يؤد الحوار إلى إسقاط النظام فإننا نرفضه)، أي أن اللعبة أن تأخذ الوفاق بعض المكاسب فيما الطرف الآخر سيرفض الحوار برمته بينما العنف والإرهاب في الشارع سيستمران بل سيتصاعدان، فهل هذا ما تريده الدولة حقا وما يريده الشعب المخلص؟

- في مثل وضع كهذا ما الحل؟ إما أن نترك هؤلاء يلعبون أدوارهم المرسومة والمدعومة طائفيا من إيران وأتباعها في كل مكان ومن دول الأجندات الكبرى وإما أن تتم محاسبة القيادات المحرضة التي تقود الحراك الانقلابي بأساليب ذات وجوه متعددة، ويتم وضع من يدعي أنه معارضة سياسية بحتة أمام استحقاق كونه كذلك، أي أن تتم إعادة تشكيل تلك الجمعيات والالتزام بالإصلاح والديمقراطية وبحسب التوافق الشعبي، وحيث أهل الفاتح لهم ثقلهم ولهم رؤيتهم ولهم موقفهم في كل ذلك، وإما أن نترك الأمور على علاتها لعل وعسى رغم أن الثلج قد انصهر، أو «ذاب الثلج وبان المرج»، فكل شيء واضح اليوم فإما أن تذعن من تسمي نفسها المعارضة للرؤية الشعبية التوافقية وتعتذر وتدرك أخطاءها وتعيد تشكيل نفسها، وإما أن تخرج من اللعبة السياسية التي تضع فيها البحرين ومصلحتها الوطنية وسلمها الاجتماعي رهينة تلاعباتها وتلاعبات فتاوى الولي الفقيه الذي تتبعه.

وهنا على الدولة الحسم والتعامل بقوة ومن دون تردد فلا يمكن رهن حاضر ومستقبل الأجيال بهؤلاء القادة والمحرضين الطائفيين بعد أن انكشفت كل أوراقهم. وأنت يا سيادة المشير رؤيتك واضحة في تحليل الداء فإلى متى ستبقى الإجراءات المطلوبة معطلة؟

} هؤلاء لديهم أجندة بعيدة المدى وتحركات تدربوا عليها في «الفريدم هاوس» وغيرها، ولديهم عصابات ومليشيات ويتحدثون عن التصعيد في ظل خطاب غوغائي تصب قنوات إيران الزيت على ناره، ويتحركون في كل المحافل الدولية ويصورون وجود درع الجزيرة على أنه احتلال سعودي، ويتحدثون عن تقرير المصير وعن إسقاط النظام ومحاكمته وعن... وعن... وإذا كانت لجنة تقصي الحقائق قد شخصت الأمر فلماذا يتم إلزام الحكومة وحدها بنتائج تلك اللجنة؟ ولماذا يتم تجاهل ما على تلك الفئات الانقلابية من مسئوليات وأخطاء؟ لماذا لا يواجه العالم بما قاله التقرير عن تلك الفئة؟ بل لماذا لا يواجه العالم في حال الضغط بالقوانين المعمول بها في كل الدول في مواجهة أي معارضة تعمل على تخريب الوطن؟

} لماذا تتساهل الدولة في استمرار غض الطرف عن الجمعيات غير المرخص لها وعن المجلس العلمائي غير المرخص؟ وعن استغلال الجمعيات الأخرى المرخص لها لغطائها الشرعي لمواصلة تأزيم الوضع في البحرين؟ هناك مجلس أعلى إسلامي يمثل الجميع فلماذا السماح لمجلس تأسس طائفيا، وقام بأدوار خطرة ولايزال يعمل على خلخلة الوضع في البحرين وتقسيم شعبه وضرب تعايشه الأهلي؟ لماذا لا تعالج الدولة خطأها الأول حين تم السماح لهؤلاء بالعمل على أرض الواقع؟ دولة خليجية مثل قطر حين رأت المصلحة الوطنية بحسب وجهة نظر قادتها تستدعي سحب الجنسية من ٦ آلاف مواطن من قبيلة واحدة بمن فيهم أطفالهم ونساؤهم فعلت ذلك ولم تتردد. نحن لا نقول بذلك ولكن لماذا لا تتخذ الدولة في البحرين إجراءات دستورية وقانونية ضد من يعرض أمن البلاد واستقرارها للخطر؟ لماذا المماطلة والرهان على عودة هؤلاء إلى رشدهم؟ هل الحديث هنا لايزال عن حسن النيات بعدما اتضح ما اتضح، وانهم مجرد أدوات لجهات خارجية؟ فهل الرهان على الأدوات لعودة الرشد أم على الجهات الخارجية؟ وهل هذه رؤية واقعية مثلا؟

} اليوم البحرين نفسها ومصير شعبها ونظامها الشرعي على المحك والجرم لا يقع على طائفة بأكملها وإنما على محرضين وقيادات ربما لا يتجاوز عددهم العشرات.. هؤلاء لا يمكن التساهل معهم أو مكافأتهم على ما يفتعلونه من مشاكل خطرة في البحرين.. فلماذا لا تتصرف الدولة تجاههم بما تمليه المصلحتان الوطنية والشعبية؟ لماذا تبدو المسائل والأمور سائرة في اتجاه استرضاء من انكشف وجهه ومخططه وأجندته كأن الدولة تريد مكافأته؟ هناك أخطاء ارتكبتها الدولة في السنوات الماضية أوصلت الحال إلى ما وصلت إليه.. مثل شل المؤسسات والوزارات (التعليم والصحة) وتسييس النقابات (الاتحاد العام) وترك المليشيات تمارس إرهابها وتصعيده متى ما شاءت ووضع الثقة فيمن أثبت أنه غير جدير بها، واليوم يتحدثون عن الداخلية والدفاع لكي يعدوا خططهم المستقبلية والانقلابية فيهما إلى جانب أخطاء أخرى، فلماذا تستمر الدولة في ارتكاب الأخطاء عبر التساهل وفتح الفرص؟ أليس كل شيء واضحا؟ أين الإجراءات المطلوبة إذاً؟ أين الإعلام القوي للمواجهة؟ أين الخطط؟ أين الاستراتيجية؟ أين العلاج الجذري لفئة تعمل بكل ما لديها من إمكانات ودعم خارجي على إسقاط النظام وعلى ما هو أكثر من ذلك من أشكال الانتقام؟

} سيادة المشير، الرؤية واضحة والحل واضح، ولا يمكن للدولة إلا أن تعمل على تكريس هيبتها وهيبة القانون والإصلاح الذي يريده جلالة الملك والشعب المخلص في إطار الحفاظ على الهوية والأمن والاستقرار والانتماء، ومن يعمل نقيض ذلك ولا يريد وضع الاعتبار لكل ذلك فهناك إجراءات لابد من اتخاذها، ولابد من الحسم الذي يطالب به الجميع والتصرف بقوة طالما هؤلاء لا يعرفون لغة غيرها، قبل أن نصل إلى نقطة لا يفيد معها أي قرار، ولن تنفعنا فيه لا أمريكا ولا بريطانيا ولا الرأي الدولي.

شعبنا يطالب بوضع النقاط على الحروف وبالقانون والدستور، ولا شيء غير ذلك، وإذا كنتم ترون أن الدولة لديها فلسفة خاصة في معالجة الأمور فإننا نتمنى عليكم سيادة المشير شرح تلك الفلسفة بشكل أكبر، فالنفوس في تيه مما يجري.. والله المستعان.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة