الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤١٢ - السبت ١٧ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٢٤ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


درع الجزيرة ويوم التحول الكبير





قبل ايام قليلة، حلت ذكرى مرور عام على دخول قوات درع الجزيرة للبحرين. وهذه ذكرى لا بد من التوقف عندها بالتأمل والتفكير.

وليس جديدا القول انه حين يسجل التاريخ الأحداث التي شهدتها البحرين وتطورات التمرد الطائفي في البلاد، سوف يسجل يومين مشهودين كانا معا نقطة التحول الكبرى الفاصلة في الأحداث. اليوم الأول هو يوم الفاتح. واليوم الثاني هو يوم دخول قوات درع الجزيرة للبحرين.

بداية، لم ننس بعد كيف كان حال البلاد قبيل اليومين.

كانت قوى التمرد الطائفي قد استباحت البلاد، مسيرات وعنفا، وشلا لمؤسساتها واقتصادها. كان قادة التمرد، قد تصوروا ان ساعتهم قد حانت، وانهم قد اصبحوا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق مشروعهم الطائفي الكبير.. مشروع إسقاط النظام، وان المسألة هي مسألة ايام فقط.

وبسبب تصورهم هذا تحديدا، نذكر جميعا كيف اصروا على الرفض القاطع لمبادرة الحوار التي اطلقها سمو ولس العهد، واطلق احد قادتهم المقولة الشهيرة التي سجلها تقرير بسيوني «لسنا بحاجة الى الحوار مع الحكومة».

لكن حدث ما لم يكن بحسبانهم ابدا.

اليومان المشهودان اتيا بما لا تشتهيه سفن التمرد الطائفي ابدا.

في يوم الفاتح، ادركوا، وسط الذهول والصدمة، انهم لا يواجهون النظام والحكومة فقط، وانما يواجهون قبل هذا الاغلبية من شعب البحرين، التي خرجت الى الفاتح لتعلن : لن نترك المؤامرة تمر.

وفي يوم دخول قوات درع الجزيرة للبحرين ادركوا انهم لا يواجهون النظام واغلبية شعب البحرين فقط، وانما يواجهون كل دول وشعوب مجلس التعاون الخليجي العربي.. ادركوا انهم وجها لوجه امام ارادة خليجية عربية جماعية بالدفاع عن استقلال وعروبة البحرين.

في ذلك اليوم ادركت ايران بالذات ان رهانها كان خاسرا، وان دول الخليج العربية كلها عازمة على وضع حد لمخططها وانهائه.

مجرد دخول قوات درع الجزيرة للبحرين كان بحد ذاته إعلانا بأنه آن لهذا التمرد الطائفي ان ينتهي، وان الذين يرفعون شعار إسقاط النظام واهمون.

كان مجرد دخول هذه القوات عامل ردع هائل لقوى التمرد في الداخل ورعاتهم في الخارج.

وهذا هو الذي يفسر الحالة الهستيرية التي نتذكرها جميعا التي انتابت قوى التمرد وايران معهم حين دخلت قوات درع الجزيرة.

نتذكر كيف صاح احد قادتهم «سوف نستنجد بإيران»، وكيف أثاروا ضجة وملأوا العالم صراخا حول «الاحتلال السعودي المزعوم».. وهكذا.

ولم يكن دخول قوات درع الجزيرة يوم تحول كبير في تطور الاحداث في البحرين فقط ، بل كان نقطة تحول في تاريخ مجلس التعاون كله.

ليس من المبالغة القول ان هذا الدور الرادع الذي لعبه مجرد دخول قوات درع الجزيرة للبحرين، كان في حد ذاته عاملا كبيرا دفع دول مجلس التعاون إلى أن تدرك مدى ما تمتلكه من قوة حين تحزم امرها وتتفق على موقف حازم واضح، وحين تقرر عدم الاكتفاء بمجرد الموقف النظري المعلن، وانما تتحرك عمليا لتنفيذه.

وليس من المبالغة القول ان هذا التطور كان عاملا أساسيا في التفكير بعد ذلك في تحول دول المجلس من مرحلة التعاون الى مرحلة الاتحاد.

المهم اليوم، ونحن نتذكر الدور التاريخي الذي لعبه دخول قوات درع الجزيرة للبحرين، الا تنسى دول مجلس التعاون دروس هذا الدور.

والدروس معروفة ، ويمكن تلخيصها في :

١- ان أمن واستقرار دول مجلس التعاون هو بالفعل امن واحد لا يتجزأ.

الأخطار التي تتهدد دول وشعوب المجلس واحدة.

والمخطط الذي فشل في البحرين لم يكن مقصودا به البحرين وحدها. كان مقصودا به ان يكون مجرد بداية لمخطط اكبر يستهدف كل دول المجلس.

٢- ان دول المجلس قادرة فعلا على الدفاع عن امنها واستقرارها، وعلى حماية شعوبها من مخططات الفتن الداخلية، والمؤامرات الخارجية، ان هي قررت الاتفاق على موقف واحد، ولم تكتف بمجرد المواقف المعلنة وانما حرصت على تنفيذها بحزم.

٣- ان هذا الاتحاد في الموقف والتحرك العملي الذي اظهرته دول مجلس التعاون في مواجهة ما جرى في البحرين، يجب الا يكون موقفا وقتيا طارئا، وانما نهجا دائما في التعامل مع الأخطار التي تتهدد دول وشعوب المجلس.

وعلى أية حال، مع دخول الحديث عن الاتحاد الخليجي العربي مرحلة البحث الجدي، ومع العمل الذي يجري اليوم لاتخاذ الخطوات العملية نحو اعلان الاتحاد، المأمول ان نشهد قريبا مولد اتحاد خليجي عربي قوي وقادر يرسي الاسس الدائمة لحماية دول وشعوب المنطقة في مواجهة أي اخطار او تهديدات او مؤامرات.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة