إيران وتركيا .. ماذا جرى؟!
 تاريخ النشر : الخميس ٨ مارس ٢٠١٢
السيد زهره
قبل نحو شهر ونصف، حذرت أجهزة المخابرات التركية من مؤامرة يعتزم الحرس الثوري الايراني تنفيذها داخل تركيا، وتتضمن اثارة اضطرابات وتنفيذ اعتداءات إرهابية.
التحذير جاء في خطاب أرسلته المخابرات إلى كل أجهزة الأمن التركية وفي كل مناطق البلاد، ودعت فيه هذه الأجهزة إلى اخذ هذا التهديد بأقصى درجات الجدية، واخذ كل درجات الحيطة والحذر تحسبا لتنفيذه.
في التفاصيل جاء، ان أجهزة المخابرات توافرت لديها معلومات تفصيلية عن إعداد فريق مرتبط بالحرس الثوري الإيراني سوف يتم إرساله إلى تركيا، وان هذا الفريق يخطط لتنفيذ عمليات وخصوصا تفجير السفارة الامريكية أو القنصلية الامريكية في تركيا.
وبحسب معلومات المخابرات أيضا، فإن الفريق يعتزم الإقامة في فنادق خمسة نجوم، ولهذا دعت أجهزة الأمن إلى التدقيق في هويات الأجانب المقيمين في هذه الفنادق.
أيضا تضمنت معلومات المخابرات التركية ان مجموعات مرتبطة بحزب الله اللبناني قد تشارك أيضا مع فريق الحرس الثوري في تنفيذ هذا المخطط.
بالطبع، ان يصل الأمر إلى هذا الحد من التخطيط لتنفيذ مثل هذه العمليات الإرهابية داخل تركيا، بحسب معلومات المخابرات التركية، فإنه يبين مدى التراجع بل الانهيار الذي وصلت إليه العلاقات بين ايران وتركيا.
لم يكن الحديث عن هذه المؤامرة للحرس الثوري هو المؤشر الوحيد على ما وصلت إليه العلاقات من تدهور.
في الأشهر الماضية، وجه مسئولون ايرانيون كبار انتقادات عنيفة الى السياسات التركية، بل وجهوا تهديدات سافرة الى تركيا.
مثلا، سبق للمستشار العسكري لخامنئي الجنرال يحيى رحيم صفوي في تصريحات له ان انتقد بعنف سياسات ومواقف تركيا في المنطقة وتجاه ايران، وقال ان مواقف تركيا أصبحت تخدم أمريكا، ووجه إليها تحذيرات شديدة إن هي لم تغير سياساتها. وقال: إذا لم تنأ تركيا بنفسها عن هذا السلوك السياسي فإن الشعب التركي سينصرف عنها وستقوم الدول المجاورة لها، سوريا والعراق وايران، بإعادة تقييم روابطها معها.
أما أمير علي حاجي زاده رئيس سلاح الجو في الحرس الثوري فقد ذهب أبعد من هذا، حين هدد بأن ايران لن تتردد في مهاجمة منشآت الدرع الصاروخي التابعة لحلف الاطلنطي داخل تركيا ردا على أي تهديد.
بالتوازي مع هذه المواقف والتصريحات العدائية لمسئولين ايرانيين في الأشهر القليلة الماضية ضد تركيا، انبرى أيضا كتاب ومحللون ايرانيون يطالبون بإعادة نظر شاملة للعلاقات مع تركيا، ويعتبرون ان السياسة الايرانية يجب ان تبنى على أساس ان تركيا دولة لا يمكن الوثوق بها، ويجب التعامل معها على أساس انها على الأقل دولة منافسة تستهدف ايران ومصالحها.
وكمثال واحد لهذه الكتابات، نشير الى ما جاء في تحليل كتبه الباحث الايراني محمد علي قاجار عن العلاقات الايرانية التركية.
في تحليله، يعتبر ان تاريخ العلاقات بين ايران وتركيا كان دوما تاريخا عدائيا عبر العصور المختلفة، ومنذ عهد الدولة الصفوية وصراعها مع العثمانيين.
ويعتبر أن سياسة ايران الخارجية، وحتى النخبة السياسية في ايران، تجاهلت في السنوات الماضية هذا السجل الطويل من العلاقات العدائية، وتعاملت مع تركيا بشكل ساذج واعتبرت أردوجان صديقا حقيقيا وكالت له المديح. واعتبر ان هذا النهج يعتبر بمثابة جهل تام.
ويقول الباحث الايراني انه على ضوء التطورات في الفترة الماضية، فإن عددا من الحقائق فيما يتعلق بتركيا اردوجان يجب ان تكون واضحة، هي:
١ ؟ ان تركيا اردوجان لديها على وجه اليقين توجهات واطماع عثمانية. وتركيا اليوم تعتبر على وجه التأكيد المنافس الأول لايران في كل أنحاء العالم الإسلامي، وخصوصا في سوريا والعراق وأفغانستان.
٢ - ان احد الأهداف الأساسية لتركيا هو حرمان ايران من الدعم الشيعي لها في المنطقة. ولم تكن زيارة اردوجان مثلا إلى كربلاء بدافع ديني اطلاقا، وانما كانت بهدف السعي إلى اضعاف ايران.
٣ ؟ ان تركيا بدعمها للمحتجين في سوريا لا تحركها أي دوافع او اعتبارات إنسانية. وقد كشف موقف تركيا الغامض فيما يتعلق بليبيا حقيقة نوايا الاتراك.
٤ ؟ ان تركيا اردوجان تشكل بشكل عام اكبر تهديد للمصالح الايرانية.. ومصالح البلدين مختلفة ومتناقضة تماما.
هذا إذن هو الحال الذي وصلت إليه العلاقات الايرانية التركية مؤخرا.
بعبارة أدق، الى هذا الحد وصل موقف ايران من تركيا، والذي يكاد يصل إلى حد إعلان العداء بين البلدين.
ما الذي جرى بالضبط كي تصل الامور الى هذا الحد؟
ما هي على وجه التحديد مشكلة ايران مع تركيا اليوم؟
الإجابة عن هذه الأسئلة مهمة جدا بالنسبة إلينا في الخليج العربي خاصة، والعالم العربي عامة، فالأمر برمته يتعلق بنا في المقام الأول.
للحديث بقية بإذن الله.
.
مقالات أخرى...
- أوباما وإيران.. أكروبات سياسية - (7 مارس 2012)
- ثروت عكاشة والعصر الذهبي للثقافة - (6 مارس 2012)
- ثروت عكاشة فارس الثقافة - (5 مارس 2012)
- لا هم أساتذة ولا نحن تلامذة - (4 مارس 2012)
- البارونة جيني تونج التي «لا مكان لها»!! - (3 مارس 2012)
- لا قيم.. ولا أخلاق - (1 مارس 2012)
- باسم «القيم الأمريكية»!! - (29 فبراير 2012)
- احذروا «أحصنة طروادة»واطردوا المنظمات الأمريكية - (28 فبراير 2012)
- أمريكا والسوابق الإجرامية لمنظماتها - (27 يناير 2012)