الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤١٥ - الثلاثاء ٢٠ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٢٧ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


إيران تريد .. عملاء لا حلفاء





عرضت بالأمس للمواقف التي عبر عنها كتاب ومسئولون إيرانيون من حركة حماس مؤخرا، وكيف يوجهون انتقادات عنيفة الى الحركة وقادتها بسبب التحولات الأخيرة في مواقفهم. وتساءلنا: كيف نقيم هذا الموقف الإيراني؟.. ماذا يعني بالضبط؟

كيف نفسر هذا الانقلاب الإيراني الكامل على حركة حماس وقادتها، لمجرد ان الحركة اتخذت مواقف أو أقدمت على خطوات لا ترضى عنها إيران؟

القضية مهمة لأنها لا تتعلق بحماس وحدها، وإنما بكل القوى التابعة أو التي ترتبط بعلاقات قوية مع إيران في المنطقة.

لو أعدنا المواقف التي عبر عنها الإيرانيون مؤخرا من حماس وقادتها والانتقادات العنيفة التي وجهوها، ماذا سنجد؟

الإيرانيون ينتقدون قادة حماس بعنف لمجرد أنهم قاموا بزيارات لدول عربية والتقوا مسئولين عربا.. لماذا؟. لأن إيران تعتبر ان هؤلاء المسئولين الذين التقى بهم قادة حماس موالون للغرب، ويتخذون مواقف يعتبرها الإيرانيون معادية للنظام السوري، ولهم موقف من إيران ومخططاتها في المنطقة.

أي ان الإيرانيين يريدون من حركة حماس ان تصادق من تصادقه إيران، وتعادي من تعاديه، حتى لو تعلق الأمر بدول عربية هي بالضرورة أول من يهتم بالقضية الفلسطينية.

وإيران لا تريد من حركة حماس ان تنتقد بشار الأسد، او تتخذ موقفا مؤيدا للثورة السورية بأي شكل. لماذا؟.. فقط لأن بشار الأسد هو حليف إيران الأول في المنطقة، ولأن الإيرانيين يعتبرون بقاء نظامه وذبح الثورة مصلحة استراتيجية.

أي ان إيران تريد من حركة حماس ان تتبنى حرفيا وبلا نقاش نفس السياسات والمواقف التي يتبناها الإيرانيون إزاء أي قضية إقليمية، بغض النظر عن رأي الحركة نفسها أو تقييمها للموقف.

والإيرانيون كما رأينا ينتقدون حماس بعنف لأنها اتجهت نحو المصالحة مع فتح، واتفقت معها على تشكيل حكومة للوحدة الوطنية. لماذا؟.. لمجرد ان إيران تعتبر ان هذه المصالحة بين حماس وفتح تعتبر ابتعادا من الحركة عن المعسكر الإيراني في المنطقة المسمى «محور المقاومة»، وقربا من المعسكر الذي تعاديه إيران.

أي انه بالنسبة الى إيران ليس مهما أبدا ان تنتهي الخلافات الفلسطينية وتتحقق المصالحة التي يطالب بها كل الشعب الفلسطيني. المهم فقط الا تخرج حماس عن خط التحالفات الإيرانية.

من المفهوم بداهة، ان حركة حماس حين أقدمت على المواقف والخطوات الأخيرة التي أغضبت الإيرانيين الى هذا الحد ودفعتهم الى توجيه كل هذه الاتهامات، إنما فعلت ذلك لأنها قدرت ان هذا هو ما تقتضيه المصلحة الوطنية الفلسطينية ومصلحة الشعب الفلسطيني، على ضوء التطورات التي تشهدها المنطقة في الوقت الحاضر.

لكن هذا في حد ذاته لم يعجب الإيرانيين وانتقدوه بكل هذا العنف. لماذا؟.. لأنه في المحصلة النهائية يتوقع الإيرانيون من حماس أن تخدم المصلحة الإيرانية، وليس المصلحة الفلسطينية.

لنلاحظ ان الإيرانيين في معرض انتقادهم لحماس وقادتها يعيرونهم بالدعم الذي قدمته لهم إيران، ويعتبرون ان إقدام الحركة على اتخاذ المواقف الأخيرة هو نكران للجميل الإيراني.

وماذا يعني هذا؟

يعني ان إيران حين قدمت دعمها لحماس، لم تفعل ذلك من اجل القضية الفلسطينية وما يخدم طموحات الشعب الفلسطيني كما تقدره الحركة، وإنما قدمته من اجل ان تخدم حماس المصلحة الإيرانية.

المسألة لا تتعلق كما ذكرت بهذا الموقف الإيراني من حماس وحدها، وإنما بكل القوى التي تعتبرها إيران تابعة أو موالية لها في المنطقة، سواء كانت في العراق أو لبنان أو فلسطين أو البحرين أو في أي مكان.

حقيقة الأمر ان إيران حين تتعامل مع هذه القوى، وتقدم لهم أي شكل من أشكال الدعم، إنما تريدهم عملاء تابعين، لا حلفاء مستقلين.

بعبارة أخرى، إيران تتوقع من هذه القوى أمرين:

الأول: الا يكون لهم إرادة مستقلة، أو قرار مستقل. تريدهم ان يرتهنوا بالإرادة الإيرانية أيا كانت, والقرار الإيراني أيا كان، بخصوص أي قضية أو تطور على الإطلاق.

والثاني: تتوقع إيران من هذه القوى ان يكون كل همها، وكل جهودها مكرسة لخدمة المصلحة الإيرانية لا المصلحة الوطنية لدولها.

بعبارة أخرى، حتى لو تعارضت المصلحة الوطنية للدول التي تنتمي إليها هذه القوى مع المصلحة الإيرانية، فمن المفروض ان يدافعوا عن المصلحة الإيرانية.

وفي هذا الإطار بالذات، تعتبر هذه القوى الموالية لإيران خطرا على المصلحة الوطنية من المفروض الحذر منها في كل الأوقات.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة