الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤١٣ - الأحد ١٨ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٢٥ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


هل هو عقاب
إيراني لحماس؟





وجهة النظر هذه طرحها كاتب في صحيفة آسيوية قبل أيام. وطرحها كتاب آخرون في الحقيقة.

وجهة النظر هذه التي عبر عنها الكاتب فيكتور كوتسيف تتلخص في ان التصعيد الأخير الذي شهده قطاع غزة تقف وراءه إيران، وان الهدف هو عقاب حركة حماس بسبب مواقفها الأخيرة.

ويذكر الكاتب انه في الظروف الحالية التي تشهدها المنطقة، فان حركة حماس لا ترغب في أي تصعيد مع إسرائيل. لكن الذي حدث ان إيران هي التي دفعت حركة الجهاد الإسلامي الى هذا التصعيد وإطلاق عشرات الصواريخ. وإزاء هذا التصعيد وجدت حركة حماس نفسها مهمشة، ولجأت الى مصر كي تسعى الى التوسط لاحتواء التصعيد والتوصل الى تهدئة.

وبحسب وجهة النظر هذه، فان هدف إيران من دفع الجهاد الى هذا التصعيد إما إجبار حركة حماس على الدخول في مواجهة مع إسرائيل بما يتيح للإسرائيليين توجيه ضربة قوية موجعة لها، واما تصويرها على أنها متخاذلة وتخلت عن المقاومة وتتعاون مع إسرائيل.

بداية، هناك تحفظ أساسي على وجهة النظر هذه من زاوية محددة، هي ان العدو الإسرائيلي هو عدو إرهابي، وهو لا يتردد في أي وقت في شن الاعتداءات الإجرامية على غزة والقيام بعمليات الاغتيال.

لكن المؤكد ان وجهة النظر هذه لها وجاهتها من زوايا شتى.

الحادث انه في الفترة القليلة الماضية اتخذت حركة حماس مجموعة من المواقف أثارت غضبا شديدا لدى النظام الإيراني، وتعتبر في عرف إيران خطايا لا تغتفر.

هذه المواقف هي:

١ـ قرار حركة حماس نقل مقرها من دمشق. وهذا القرار يعتبر في عرف الإيرانيين بمثابة خذلان للنظام السوري الحليف في الوقت الذي يواجه فيه هذه الأزمة العصيبة.

٢ـ إعلان إسماعيل هنية حين تحدث في الجامع الأزهر في القاهرة مؤخرا بوضوح الوقوف مع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد. وهو أيضا ما يعتبر بالنسبة للإيرانيين موقفا لا يمكن قبوله.

٣ـ إعلان احد قادة حركة حماس مؤخرا ان حماس لن تتدخل في حالة قيام إسرائيل بشن ضربة عسكرية على إيران، أي لن تكون طرفا في مثل هذه الحرب. وهو ما اعتبرته إيران بالطبع إضعافا لموقفها وموقفا متخاذلا.

٤ـ اتفاق تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الذي وقعته حركة حماس وفتح في الدوحة مؤخرا برعاية قطرية. وأيضا اعتبرت إيران هذا الاتفاق تطورا سلبيا من وجهة نظرها، ومؤشرا خطيرا على الساحة الفلسطينية، وخصوصا على ضوء الموقف القطري المعروف من الأزمة السورية.

هذه المواقف التي اتخذتها حركة حماس مؤخرا تعتبر في مجموعها من وجهة نظر إيران تطورا في منتهى الخطورة، ويوجب معاقبة الحركة.

لماذا؟

السبب معروف.

على امتداد السنوات الماضية، تعتبر إيران ان حماس هي احد أركان ما تسميه «محور المقاومة» في المنطقة، الذي يمتد من إيران الى سوريا الى حزب الله الى حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى, وخصوصا الجهاد الأقرب الى إيران.

ومعروف ان إيران تعتبر ان هذا المحور هو اكبر مصادر قوتها في المنطقة . تعتبر ان أطراف هذا المحور هم مداخل ومرتكزات نفوذها الذي تتطلع إليه في المنطقة، وهم أدوات نشر هذا النفوذ وتنفيذ الاستراتيجية الإيرانية.

وغير هذا، تعتبر إيران ان هذا المحور هو اكبر مصادر الدعم لها وتعزيز مواقفها في صراعها مع الغرب حول أزمة ملفها النووي.

ومفهوم بالطبع حالة الرعب التي تجتاح إيران بسبب ما يجري في سوريا والاحتمالات المطروحة بسقوط النظام، وهو ما سوف يعني عمليا انهيار هذا المحور الإيراني في المنطقة. ولهذا تقاتل إيران بكل ما تملك من إمكانيات من اجل مساعدة النظام السوري ومحاولة الحيلولة دون سقوطه.

وان تأتي حركة حماس في هذه الظروف، وتتخذ هذه المواقف التي اشرنا إليها ليس بالأمر السهل الذي يمكن ان تتسامح معه إيران.

هذه المواقف تعني عمليا بالنسبة لإيران ان حماس قررت الخروج من هذا المحور، وهو ما يعتبر في حد ذاته خطوة أولى تنذر بانهياره.

ولهذا ليس من الغريب ان يفكر النظام الإيراني في معاقبة حماس بأي طريقة كانت.

ولهذه القضية جوانب مهمة أخرى تستحق ان نتطرق إليها.

للحديث بقية بإذن الله.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة