«الوفاق» والعنف خطان متناغمان
 تاريخ النشر : الثلاثاء ٢٧ مارس ٢٠١٢
فوزية رشيد
} لسنا نحن من يتحدث عن التناغم بين خط الوفاق السياسي وبين ما يحدث في الشارع من عنف وتخريب وإرهاب، والإرهاب هنا من أهم ممارساته هو الاعتداء بنية أو بهدف القتل المتعمد سواء لجاليات آسيوية أو لرجال أمن أو أفراد من مكون آخر، وهذا ما هو حادث، الذي يتحدث عن التناغم بين الخطين هو واحد من كوادر الحراك الانقلابي وأحد الصحفيين الذين خرجوا من البحرين لغاية يعرفها هو بنفسه وحديثه جاء على قناة الفتنة الإيرانية «العالم» كالمعتاد.
وخلاصة قوله في هذا (إن الخطين متناغمان ما بين إسقاط النظام وإصلاح النظام. إذا انكسر الشباب تنكسر الجمعيات أي الجانب السياسي، وإذا انكسرت الجمعيات ينكسر الشباب) وهو يتحدث عن الوفاق وشباب العنف.
المعنى وراء هذا الكلام بالتوصيف الصحيح والأدق هو أن الجانب السياسي أو أداء الجمعيات التي تسمي نفسها سياسية وعلى رأسها الوفاق هي تتوكأ وتتناغم بشكل كلي على حراك شباب العنف والإرهاب في الشارع أو حراك المليشيات أو العصابات الإرهابية أو الذراع العسكرية بمسمى آخر، أو حراك شباب ١٤ فبراير ومن هم على شاكلتهم من مخربي الجمعيات الأخرى غير المرخص لها وغير المشروعة. وهذا يعني كما نقول وقلنا إن من يدعي أنه جمعية سياسية هو ليس كذلك، لأن السياسة من المفترض أن لا صلة لها بالعنف والتخريب والإرهاب أو الاتكاء عليها أو حلبها كحلب البقرة، أو التناغم معها.
} وفي مثل هذا الكلام الذي يطلقه أصحابه هم يدركون جيدا أنهم غير سياسيين بالمعنى الدارج لهذه الكلمة وان حراكهم قائم على العنف والتخريب لفرض الأجندة التي تسمى السياسية فيما هي انقلابية بقوة العنف والتخريب، وهم يعتقدون أن الصلة بين الخطين وما نسميه أيضا توزيع الأدوار لخدمة ذات المخطط هي صلة لا فكاك منها وفي نظرهم إن انتهى حراك الشباب العنفي في الشارع انتهى الدور السياسي للجمعيات أو الوفاق وأتباعها التي تذر الرماد في العيون فتقول إنها تريد إصلاح النظام لكي تصل لاحقا إلى ذات الهدف الأخير وهو إسقاط النظام. وفي هذا أيضا فإن الخطين متناغمان وذلك على لسان أحد منظريهم وهنا تبرز إشكالية الجمعيات السياسية بقيادة الوفاق.
} بكلام آخر فإنه ليس من المرشح أو المتوقع أن يتم إيقاف عنف الشارع مثلا فيما لو دخلت الوفاق الحوار لأنها ببساطة ستتملص كما كانت تفعل دائما حين يحين أوان الاستحقاق بأن لا دخل لها بهم أو أنها لا تستطيع التحكم فيهم، وفي ذات الوقت هي لا تتنصل منهم وإنما هي من خلف الستار أو من أمامه فكلا الأمرين سيان، هي تدعمهم وتحرضهم وتسوقهم عبر خطاباتها وتقودهم حتى إن وصل الأمر بها إلى استخدام الفتوى الطائفية أو التكليف الشرعي أو التكليف الرباني حتى إن لم يستجب لشعارها حول الإصلاح وليس الإسقاط من يسمون أنفسهم شباب ١٤ فبراير فإن هناك شبابا متطرفين آخرين وبقيادات أخرى أيضا تمارس بدورها التخريب والعنف تحت وطأة مواقف التأزيم والتصعيد اللذين تتخذهما الوفاق وأتباعها أو الغطاء كونها جمعيات شرعية لم يتخذ القانون بعد مساره الصحيح لمراجعة تلك الشرعية المضفاة عليها، فيما هي غير جديرة بها لأنها جمعيات لم تحمل إلى الوطن إلا الأزمات والكارثية التي تتنافى مع ما هو سياسي وما هو وطني، أي ما هي ملزمة بالتقيد به وعدم الخروج عن نصه بحسب الدستور والقانون فيما هي تخرج عن النص طوال الوقت وخاصة منذ الأزمة الماضية.
} إن هذه الجماعات الثيوقراطية التي تقحم الدين في السياسة مثلما تقحم الإرهاب والعنف فيها وتتناغم سياسيا وأخلاقيا معهما هي أيضا لا تمتلك منطلقا سياسيا واضحا وإنما تتوكأ على أدبيات ومفاهيم ومستخرجات ثورات ونضالات وحركات شعوب أخرى في العالم لكي توهم سامعها أنها جزء منها فيما وضعها الحقيقي يقع في جهة أخرى منافية لكل نضالات الشعوب أينما كانت، وحيث حركات التحرر مثلا والنضالات هي من أجل مواجهة أي طامع خارجي أو احتلال استعماري فتلجأ إلى حيلة أساسية بأن تسقط على النظام الشرعي في البحرين كل أدبيات ومفاهيم الشعوب ضد الاستعمار بحيث تموه وتقلب الصورة بشكل كبير ودراماتيكي، فتتحدث عن الوضع في البحرين كأنه مواجهة بين احتلال ومقاومة، وهذا يستدعي دفاعا مقدسا وتتجاهل تلك الجماعات أنها هي بارتباطها المرجعي والسياسي بإيران وبأطماع هذه الأخيرة في البحرين، هي من تريد جلب الاحتلال والاستعمار لهذا البلد الصغير، وان سواء العائلة الحاكمة أو النظام الشرعي أو درع الجزيرة هو السد في وجه تحقيق ذلك الوهم وهو ما يدخل مباشرة في أمن واستقرار وعروبة وهوية ليست البحرين وحدها وإنما الخليج العربي كله.
} نقول ذلك لنوضح أن التناغم بين الوفاق وبين المخربين والإرهابيين أو بين الذراع السياسية والذراع العسكرية في الحراك الانقلابي هو تناغم وتوحد غير قابلين للفكاك إلا إذا تنصلت الوفاق من سبب وجودها وحقيقة دورها ومن ارتباطها بالمرجعية ومن وهم استحواذها على السلطة تحت الراية الإيرانية أو راية الولي الفقيه، وهذا يعني نسف وجودها من أساسه وهذا ما لن يحدث مهما راوغت اليوم وهي في عز فشلها وإفلاسها ومأزقها ومهما مارست التقية والذي يسندها في نظرها هو العنف والتخريب في الشارع.
} وهنا نضيف أنهما ليسا فقط خطين متناغمين أي الذراع السياسية والذراع العسكرية وإنما ان وقع أحدهما وقع الآخر كما قال منظرهم على قناة «العالم».
فهل تدرك الدولة ـ وهي تفتح أبواب الحوار الذي للأسف يبدو توجها لحوار منفرد مع رأس الغطاء الشرعي لجماعات الإرهاب أي الوفاق وأتباعها ـ أن الحل لن يكون في أي حوار وإنما بعد المكاشفة في اتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة ضد سواء الإرهاب أو من يتبناه ويدعمه مما تحدثنا عنه في مقال الأمس.
شعبنا الموالي لوطنه يدرك كل ذلك، فهل حقا تدرك الدولة ذلك؟ لماذا إذًا تتصرف كمن يريد مكافأة داعمي العنف والتخريب والإرهاب في البحرين؟
} الخطان متناغمان ولا فكاك بينهما فهما الذراع السياسية والذراع العسكرية تدعم إحداهما الأخرى لإسقاط النظام وإن كان في البداية تحت شعار إصلاح النظام لذلك فإن دعمت الدولة الذراع السياسية أو الوفاق على أمل أن تعود إلى خط السياسة وحدها فإنها تدعم الذراع العسكرية التي حتما لن تتوقف عن أداء دورها العنفي لأن المحركين لها آخرون أيضا وليست الوفاق وحدها، لذلك فإن هذا الوضع السياسي الإرهابي المائع في البحرين بحاجة إلى مكاشفة مفتوحة وإلى حلول من نوع آخر تماما غير مساعدة الوفاق على الخروج من مأزقها.
.
مقالات أخرى...
- لا مصالحة مع الإرهاب أو مع من يتبناه - (26 مارس 2012)
- حماية رجال الأمن وحقوق الإنسان - (25 مارس 2012)
- الربيع العربي وأمريكا: ٥ - لماذا البحرين المدخل للتغيّر الاستراتيجي الكبير؟ - (22 مارس 2012)
- الربيع العربي وأمريكا: ٤- إلى الأمام أم إلى الوراء؟ - (21 مارس 2012)
- الربيع العربي وأمريكا: ٣ - لماذا المدربون صهاينة؟ - (20 مارس 2012)
- الربيع العربي وأمريكا: ٢ - من هم النشطاء؟ - (19 مارس 2012)
- الربيع العربي وأمريكا: ١- الحق والباطل - (18 مارس 2012)
- سيادة المشير: لدينا بعض الأسئلة (٢-٢) - (15 مارس 2012)
- سيادة المشير: لدينا بعض الأسئلة - (14 مارس 2012)