لو كانوا يدركون أهميتها
 تاريخ النشر : السبت ٣١ مارس ٢٠١٢
صلاح فؤاد عبيد
كم أنت (ولاّدة) أيتها البحرين، وكم أبناؤك مبدعون، وكم هم مهمّشون ومهملون ولا ينالون إلا خبرا ينشر عنهم هنا أو يذاع هناك أو حفل تكريم بسيط يحصلون فيه على شهادة تقدير ثم يعمّ الصمت ويغطي السكون حاضرهم ومستقبلهم في بلادهم، ولا يلبث الغريب أن يدرك أنهم ثروة مهملة فيسارع إلى استقطابهم واحتوائهم حيث يبدعون ويتفوقون وتنسب إنجازاتهم إلى بلاد غير بلادهم!
لو تصفحنا التاريخ لوجدنا أبناء البحرين هم من بنوا جزءا كبيرا من تقدم ونهضة الدول الخليجية المجاورة، ولو بحثنا في أنساب المسئولين وكبار أصحاب المناصب في دول الجوار لوجدنا كثيرا منهم ينحدرون من آباء بحرينيين هاجروا إلى تلك الدول حيث وجدوا الرعاية والاهتمام والترحيب الكبير فبنوا وشيدوا ووضعوا حجر الأساس الذي قامت عليه النهضة الحضارية في تلك الدول التي منحتهم إثر ذلك جنسيتها فأصبحوا من مواطنيها الأصلاء.
قبل يومين تقريبا نشرت الصحف خبرا عن أحد أبناء البحرين المبدعين، هو المخرج محمد جاسم شويطر الذي حصل فيلمه الكارتوني (الأنيميشن) الذي يحمل اسم: (سلاح الأجيال.. السلام) على جائزة أفضل فيلم للمؤثرات البصرية (الجرافيك) في مهرجان العائلة السينمائي الدولي الذي أقيمت فعالياته في عاصمة السينما العالمية هوليود خلال الفترة من ٢١ إلى ٢٦ مارس الجاري بمشاركة دولية واسعة، أثبت خلالها الفيلم البحريني قدرته الفائقة على الإبداع والتميز.
المخرج البحريني المبدع صاحب هذا الإنجاز صرّح للصحافة قائلا إن فكرة الفيلم تدور حول السلام، وأن السلاح الوحيد الذي يحفظ الأجيال هو السلام. وبيّن أن هذه الجائزة هي الثانية التي يحصل عليها هذا الفيلم بعد حصوله على المركز الثالث في الدورة الرابعة لمهرجان الخليج السينمائي للأفلام القصيرة في دبي الذي أقيمت فعالياته في شهر إبريل الماضي، وأنه يشارك بفيلمه هذا في المهرجان الدولي للسينما المقام حاليا في سلطنة عمان، كما سيشارك به في مهرجان باريس للأفلام القصيرة في مايو المقبل. كما صرّح للصحافة أيضا بأنه انتهى مؤخرا من إخراج فيلم جديد يحمل عنوان: (آخر قطرة نفط) وسيشارك به في مهرجان الخليج السينمائي القادم في دبي خلال إبريل المقبل.
هذا المبدع البحريني يذكرني بالمبدع الإماراتي الشاب (سعيد بن حارب) الذي قدم للمشاهد الخليجي أشهر برنامج كارتوني (أنيميشن) هو برنامج (فريج) الذي صارت الشخصية الرئيسية فيه واسمها (أم خماس) أشهر من نار على علم، وصار الأطفال والكبار على حد سواء يتابعونها ويقتنون السلع والمنتجات التي تحمل صورتها وصور الشخصيات الأخرى التي تشاركها بطولة البرنامج، وكل ذلك بفضل الله أولا ثم بفضل الدعم الكبير جدا الذي حصل عليه سعيد بن حارب من حكومة بلاده، وأقولها بمنتهى الصراحة والأسى لو أن هذا المبدع كان بحرينيا لما وصل برنامجه إلى تلك المرتبة العالية جدا من الشهرة والانتشار، لأن البحرين لا تقدم لأبنائها الدعم الذي تقدمه الدول الخليجية الأخرى لأبنائها المبدعين، بل لا حتى واحدا من عشرة من ذلك الدعم، وأقصى ما يمكن أن يحصل عليه المبدع البحريني من بلاده هو مكافأة بمئات معدودة من الدنانير وشهادة تقدير وكان الله غفورا رحيما.
لو أن المسئولين في البحرين يدركون أهمية الرسوم المتحركة في تشكيل وعي الأطفال لسارعوا إلى احتضان المبدع البحريني محمد جاسم شويطر وأمثاله من المتمكنين من هذا الفن الراقي وقدموا لهم كل الدعم المادي والمعنوي لإنتاج برامج كارتونية موجهة إلى أطفال البحرين بشكل خاص وإلى أطفال العالم العربي كله بشكل عام، تتحدث عن الوحدة الوطنية وحب الوطن ومحاربة دعوات التجزيء والتفتيت لأوطاننا، وتؤكد أننا جميعا إخوة في الدين والوطن والتاريخ وأن مصيرنا واحد، وأن الفتنة الطائفية هي أخطر ما يمكن أن نواجهه في حاضرنا ومستقبلنا.
salah_fouad@hotmail.com
.
مقالات أخرى...
- مواقفها تكشف نواياهائو - (30 مارس 2012)
- بل بيعها الفوري الكامل - (28 مارس 2012)
- الكلاب أهم! - (24 مارس 2012)
- ارحموهم يا مؤمنون - (23 مارس 2012)
- احذروا السلع المقلدة - (21 مارس 2012)
- ولماذا الإبقاء عليها؟! - (17 مارس 2012)
- انتبهوا.. أنتم مراقبون! - (16 مارس 2012)
- لعبة العميل المزدوج - (13 مارس 2012)
- المخطط واضح جدا - (11 مارس 2012)