الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٣٨ - الخميس ١٢ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٢٠ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


حين يطلب أوباما العون من خامنئي!!





تحدثت في مقال الأمس عن المحادثات التي ستجرى يوم السبت القادم بين ايران ومجموعة ٥+١ حول ازمة الملف النووي الايراني, وذكرت ان الطرفين الاساسيين في الأزمة, أي ايران وامريكا في مأزق, وان هناك بالنسبة الى الطرفين حاجة الى تحقيق تقدم او انجاز ما في هذه المحادثات. وتساءلت عن حدود التنازلات التي يمكن ان يقدمها كل طرف من اجل تحقيق هذا التقدم, وهل من الممكن ان تكون على حساب دول الخليج العربية.

بالنسبة الى ايران, ما تريده واضح. أي الذي تعتبره تقدما او نجاحا في المحادثات واضح.

في التقدير الايراني ان القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي في حد ذاتها من الممكن التوصل الى صيغة ما مرضية بخصوصها.

بعيدا عن هذه القضايا, الذي يعتبر تقدما في المحادثات, له بالنسبة الى ايران معيار محدد. وفي الايام القليلة الماضية, كتب كثير من المحللين الايرانيين عن هذا الجانب وعما يعتبر تقدما بالنسبة الى ايران.

وعلى وجه التحديد, يطرح الايرانيون التالي:

١– ان المحادثات يجب ان تبنى على استراتيجية ان الكل يجب ان يكون رابحا. بمعنى ان ما يتم الاتفاق عليه يجب الا ينطوي على خسارة لطرف على حساب الآخر, وانما يجب ان يتضمن ما يعتبره الطرفان انجازا او نجاحا .

٢– ان المعيار الاساسي لتحقيق المحادثات تقدما بالنسبة الى ايران يتمثل في موافقة امريكا والدول الغربية على مناقشة القضايا الاقليمية مع ايران باعتبار ذلك جزءا اساسيا من أي جهد للتوصل الى حل دبلوماسي للأزمة النووية.

القضية هنا ان ايران تعتبر ان هذا الجانب هو جوهر استراتيجيتها في المحادثات مع امريكا والدول الاخرى.

هي تريد ان تنتزع من امريكا والغرب اقرارا بأنه لا يمكن تسوية أي قضية اقليمية في المنطقة من دون التفاوض مع ايران حولها.

ولو حصلت ايران على مجرد وعد في المحادثات القادمة بهذا الأمر, فسوف تعتبر ذلك نجاحا هائلا بالنسبة لها.

مفهوم بالطبع, لماذا تصر ايران على هذا الجانب في المحادثات. هي تعتبر ان اقرار الغرب بدور ايران الاقليمي على هذا النحو, هو في حد ذاته تعزيز لمشروعها في المنطقة, ويفتح المجال امام تنفيذ مخططاتها الرامية الى الهيمنة في نهاية المطاف على مقدرات المنطقة.

السؤال المهم هنا هو : هل امريكا مستعدة لأن تقر لايران بهذا الحق؟.. هل ادارة اوباما مستعدة لأن تتعهد بمناقشة القضايا الاقليمية مع ايران باعتبار ذلك جزءا من جهود الحل الدبلوماسي للأزمة النووية؟

حتى الآن, وعلى مستوى الموقف الامريكي الرسمي المعلن, ترفض الادارة الامريكية هذا, وتصر على مطالبها المعروفة فيما يتعلق بالبرنامج النووي الايراني نفسه، وعلى ان ايران مطالبة بتقديم ضمانات لسلمية هذا البرنامج.

لكن مع ذلك, صدرت في الفترة القليلة الماضية اشارات معينة عن الادارة الامريكية تستحق التوقف عندها مطولا.

كان التطور الابرز هنا هو الرسالة التي بعث بها الرئيس الامريكي اوباما الى المرشد الايراني خامنئي والتي نقلها رئيس الوزراء التركي اردوجان.

لنلاحظ بداية ان مجرد حرص اوباما على ارسال هذه الرسالة هو في حد ذاته لفتة ودية واشارة الى امكانية التوصل الى اتفاق او الى حلول وسط, بغض النظر عن التفاصيل.

وقد حرص اوباما على تأكيد هذه اللفتة الودية بما عرضه في رسالته, بحسب ما كشفت الصحف الأمريكية, وقد تلخص في استعداد الولايات المتحدة لقبول استمرار البرنامج النووي الايراني السلمي في مقابل ضمانات معينة.

غير ان اهم ما في هذا الأمر ليس الرسالة المكتوبة التي بعث بها اوباما, وانما ما اكدته مصادر من رسالة اخرى شفهية اخرى الى خامنئي نقلها له اردوجان.

بحسب هذه المصادر فان اردوجان نقل الى خامنئي نقلا عن اوباما ما يلي:

١– ان اوباما يطلب من ايران في الفترة القادمة تغيير اللهجة العدائية التي يتحدث بها الايرانيون عن امريكا ووقف التصعيد في هذا المجال. وبحسب المصادر, فان اردوجان نقل الى خامنئي ان مثل هذا الموقف الايجابي من ايران سوف يساعد اوباما على مواجهة منتقديه الكثيرين الذين يتهمونه بالليونة والضعف في مواجهة ايران, وان هذا سيمثل عاملا يساعد على اعادة انتخابه. وفي هذه الحالة, أي في حالة اعادة انتخاب اوباما فانه سوف يكون في موقع يتيح له المضي قدما في الحل الدبلوماسي واستبعاد أي حديث عن الخيار العسكري مع ايران نهائيا.

٢– انه بالنيابة عن اوباما, شرح اردوجان لخامنئي ان هناك علاقة وثيقة بين تغير السياسة الامريكية تجاه ايران وبرنامجها النووي من جانب, وبين الازمة السورية من جانب آخر.

والرسالة التي نقلها اردوجان هنا الى خامنئي هي ان اوباما نجح حتى الآن في التصدي للدعوات والتحركات من السعودية ودول الخليج الاخرى لدفع الدول الغربية الى التدخل في سوريا.

اذا صح ان هذا هو ما نقله اردوجان عن اوباما الى خامنئي, فهذا كلام خطير.

هو يعني ان اوباما يطلب العون من خامنئي كي يساعده على اعادة انتخابه. ويعني - وهذا هو اخطر ما في الأمر - ان اوباما يعطي اشارة واضحة الى ان ادارته ستكون مستعدة للتجاوب مع المطالب والمصالح الايرانية في المنطقة على حساب السعودية ودول الخليج العربية.

وهذا تحديدا هو الذي دفعنا الى القول في البداية ان دول مجلس التعاون يجب ان تتابع محادثات يوم السبت وما سوف يتلوها من تطورات بعناية شديدة.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة