تجاوز الظالمون المدى فمالعمل؟
 تاريخ النشر : الأحد ١٥ أبريل ٢٠١٢
إعداد: قسم التحقيقات
تمر مملكة البحرين بفترة عصيبة نتيجة أحداث العنف والتخريب التي يقوم بها البعض غير المسئول، حيث توقع الغيورون على هذا الوطن ان تجر مثل هذه السلوكيات البلاد إلى حالة من الفوضى والتهلكة، وخاصة أن البحرين بلد حضاري ويجب ألا ينزلق أهله إلى هذا المنزلق الخطر، هذا بخلاف تأثير مثل هذه الاحداث على الاقتصاد والتنمية، وغياب الأمن والأمان، وتعريض الأموال والممتلكات العامة إلى الدمار.
وكان رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن قد شدد على عدم التهاون حيال من يقوم بعمليات التخريب التي تطال الممتلكات العامة أو الخاصة مؤكدا ان هذه الأعمال غير مقبولة، وفي الوقت نفسه أكد رئيس تجمع الوحدة الوطنية فضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود ان تحقيق الأمن وضبطه من اختصاص وزارة الداخلية التي عليها أن تتحمل هذه المسؤولية كاملة، وليس لأي فرد من الأفراد أو مجموعة من الناس أن يحاولوا القيام بأي عمل من أعمال العنف، ردا على ما سبق من أعمال تخريبية لأن ذلك يصب في مصلحة قوى التأزيم والمخربين منهم ولذلك يجب إسناد الأمر إلى أهله.
«أخبار الخليج» التقت عددا من الفعاليات للوقوف على آرائهم تجاه انتهاج البعض مبدأ رد العنف بالعنف، وإلى أي طريق مليء بالمخاطر والكوارث يسير أبناء البحرين بوطنهم؟ وكيف نستطيع توجيههم إلى ضبط النفس؟ هذه الأسئلة توجهنا بها إليهم ورصدنا إجاباتهم خلال السطور التالية.
في البداية يقول الأمين العام لجمعية مراقبة حقوق الإنسان فيصل فولاذ نحن لا نقبل أن يكون العنف هو سمة التعامل بين أبناء البلد الواحد، خاصة أن العنف المضاد دائما ما يكون فيه نوع من الانتهاكات، وأخذ دور رجال الأمن في الحماية والذود عن حقوق الآخرين، مما قد يكون له دور واضح في المساس بالأمن المجتمعي ويدخله في نفق مظلم، وبالتالي فإنه بلا شك سيحولنا إلى دولة تحتكم إلى قانون الغابة، لذلك على الجميع أن يعي أهمية احترام القانون والحفاظ على هيبته، وعدم السماح لبعض الأطراف المندسة والتي تعمل ضمن أجندات خاصة بها، لتبرز نفسها وتثبت للمجتمع بأنها قامت بعدد من البطولات، بعد استغلالها للأزمات التي تطرأ على المجتمع بين فترة وأخرى، وهذا ما جعلنا نطالب جميع أبناء الوطن الشرفاء برفض مثل هذه التصرفات الدخيلة على مجتمعنا والتي من شأنها المساهمة في خلق مشاحنات أهلية بن أبناء الوطن الواحد، وعلى الجانب الآخر يجب ان يعمل الجميع على تحريك الشباب وإقناعهم بأن ما يقومون به على أنه بطولات حقيقية أن يتوقفوا وبشكل فوري عن ممارسته، وأن يقوموا بتوجيه طاقتهم إلى تنمية الوطن مع ضرورة التشديد على أهمية احترام القانون والعمل به.
تصرفات مرفوضة
أما عضو مجلس الشورى الدكتورة عائشة المبارك فتقول: نحن ضد التخريب والتكسير بجميع أشكاله، لان هذا تصرف غير حضاري، ونحن كمجتمع بحريني لم نعتد على مثل هذه التصرفات اللامسئولة، وبالتالي يجب ألا تكون ردة فعل البعض على ما يحدث بهذه الطريقة، لذلك من الضروري أن يتم التركيز أكثر على أفعال أبناء المجتمع، فإذا أردنا مجتمع متحاب متصالح يجب علينا أن نتحكم أكثر في ردود أفعالنا تجاه كل ما يحدث، فعندما نرغب بالعمل على إعادة المجتمع البحريني على ما كان عليه في السابق، يتوجب علينا البحث عن الأسباب ومعالجتها حتى لا يعاودوا هذه التصرفات مرة أخرى، لأن المجتمع البحريني لطالما كان متصالحا ومترابطا مع نفسه ومتعاون مع بعضه البعض.
ويوضح عضو مجلس الشورى خالد المسقطى ان مبدأ التكسير غير حضاري، ولا يقبل به عاقل، كما انه ضد القانون، ويجب الأخذ في الاعتبار أن الشخص الذي يلجأ إلى العنف لن يمكنه أن يتجاوز المجتمع المتكامل المتفاهم، الذي هو بحاجة إلى نوع من التكاتف والتفاعل على نهج واحد، وان على الجميع الالتزام بالقانون الذي يقف بالمرصاد لكل من قام بالتكسير والتخريب، كي يحاسبه لنحصل في النهاية على مجتمع آمن ومترابط.
التصعيد
ويشدد النائب محمود يوسف المحمود على رفضه لهذه الأحداث المؤسفة قائلا: نحن نرفض جميع المهاترات، ونأسف أن يقوم البعض بتجاوز القانون معتقدا انه يأخذ حقه بيده، وهذه التصرفات مخالفة للشريعة الإسلامية، كما ان لدينا سلطات قانونية تأخذ بزمام الأمور، وتتخذ الإجراءات الأمنية اللازمة والمتوافرة في الدولة بحسب المخالفة، ولكن لا يجوز تكوين مجموعات تقوم بتصعيد الأمور وتتصيد الأخطاء من هنا وهناك، ويجب الابتعاد عن التحريض والاستماع له من قبل بعض الأطراف، ولقد حافظنا على شجاعتنا وأنفسنا خلال أكثر من سنة واعتقد انه خلال شهور قليلة سنتجاوز هذه المحنة وستنجلي السحابة، ويجب على كل طرف ان يتجاوز ما قام به الآخر، مع عدم الاستمرار في دوامة العنف.. والعنف المضاد.
كذلك على الحكومة دور كبير في وقف المنابر التحريضية لكلا الطرفين، لان هناك من يقوم بشحن الشباب وتحريضهم على رد العنف أو ما شابه وبهذا سوف تزداد الأمور سوءا، ونحن على قناعة تامة بما تقوم به الأجهزة الأمنية في متابعة الأمور عن كثب، ومحاولة عدم الانسياق للتصعيد أو العنف ورد العنف المبالغ فيه بمثله، ولذلك يجب علينا أن نتحد ونتحاب أسوة بأجدادنا، وان نبتعد عن التهميش وشق الصفوف مع المطالبة بتطبيق القانون من دون تمييز.
نبذ العنف
فيما يقول المحامي فريد غازي من اليوم الأول للأحداث وأنا أحذر بشكل صريح من اللجوء إلى العنف، وفرض الرأي والتعدي على الممتلكات الخاصة والعامة، لان ذلك من شأنه عدم التمييز بين صغير أو كبير ومنطقة وأخرى، وسيسود العنف ويتضرر المواطنون بشكل عام بالدرجة الأولى، ولكن للأسف فقد تم استسهال الأمر منذ البداية حتى وصلنا إلى ما نحن فيه الآن، مما يجعلنا نؤكد دور رجال الدين ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات السياسية في أن تعمل على نبذ العنف وتحذر أن من يريد أن يعبر عن حرية الرأي وحقه السياسي في التعبير عن مواقفه سواء حقوقه المبسطة أو العامة، أن يبتعد عن الكتابة على منازل المواطنين، أو تخريب أعمدة ومحطات الكهرباء، أو إحداث الضرر في الشوارع العامة أو الاعتداء على المحلات التجارية، وعلى حرية التسوق والتنقل للمواطنين لأنها تؤدي إلى أضرار تصب على المجتمع بشكل عام، لذلك يجب ان تتضافر جهود المجتمع من دون تمييز طائفي لنبذ العنف لأنها مسئولية مشتركة وليست مسئولية الحكومة فقط.
رفض الاعتداء
ويقول الكاتب الصحفي احمد كمال إن تصرفات العنف وتخريب الممتلكات تدل على سوء أخلاق بالدرجة الأولى لأنه يعتبر تعديا على الحقوق، ويجب ألا تؤخذ مبررات العنف على أساس أطراف أو قضية معينة، لان ذلك يعتبر من الأخطاء الكبيرة والأمور السيئة في المجتمع، ويجب على الجهة المسئولة رفض الاعتداء ومنع إثارة النعرات الطائفية، حتى لا يؤثر على السلم الأهلي والعلاقات بين الأفراد والنشاط الاقتصادي لان لكل إنسان حقوق يجب أن تحترم والاعتداء من أي نوع على المجتمع سيؤثر بشكل كبير على امن وسلام الجميع.
الحوار هو الحل
ويرى الاقتصادي علي المسلم أن كل شكل من اشكال العنف لا ينتهي برد العنف ولكن بفضل الجلوس والتحاور، وخاصة أن كل الحروب انتهت باللقاء بين الطرفين والتفاهم على أمور معينة، فالعنف لا يؤدي إلا إلى عنف أكثر، ونحن لا نريد مزيدا من الدمار في المجتمع ولكن الطريقة الأفضل هي الجلوس وطرح الحقائق بالقانون للوصول إلى الحلول المرجوة، وقد لا تستجيب بعض الدول للمطالب بسهولة لقصور في الميزانية المالية أو لقصور في الكوادر البشرية التي يمكن أن تعمل لتلبي تطلعات المواطنين، كذلك هناك بعض الحكومات تعطي بعض المهام إلى بعض المواطنين المتقاعسين عن وظائفهم، مما يؤدي إلى الإعتصامات والإضرابات، لكن يجب أن نجد الحل تحت قبة البرلمان لأنه إذا ساد التفاهم بين أعضاء مجلس النواب يمكن أن يمرروا مشروع قانون أو يعطلوا مشروع آخر، وهذا يرجع إلى تجانس أعضاء مجلس النواب ذوي الخبرات الأكاديمية والعملية وخاصة أنهم يعتبروا صمام الأمان الذي يتنفس منه المواطنون لتحقيق مطالبهم، ولكن إذا اختلف أعضاء مجلس النواب سنجد أن ذلك ينعكس على المواطنين وستكون هناك انشقاقات بينهم وهذا سيؤدي إلى تدمير مواقع العمل وزيادة البطالة وتدمير الاقتصاد وانتشار إعمال العصابات.
يتحدث نائب رئيس مركز شباب البحير جمال صالح الدوسري قائلا إن حكومتنا على علم مسبق بكل ما يحدث ولها سياستها الخاصة في علاجه، وبالتالي فإن ما يقوم به البعض من تخريب وتكسير أمر غير مقبول ألبتة وعلى الجميع أن يعي بأن ديننا الإسلامي يرفض القيام بمثل هذه التصرفات، لذلك يجب علينا أن نحكم عقلنا قبل القيام بأي تصرف نضر به المجتمع قبل كل شيء، وبالرغم من الأحداث التي تحدث بشكل مستمر قد لا تروق لكثير من الناس ولكننا في المقابل علينا أن نتحلى بالحكمة لأنها من أفضل الأمور التي يجب القيام بها في هذا الوقت.
ويضيف نحن كشباب يتوجب علينا أن نعمل على إيجاد حلول منطقية للخروج من هذه الأزمة وتسخير طاقتنا في مكانها الصحيح، ففي هذه الظروف نحن بحاجة ماسة إلى المصالحة والكلمة الطيبة، وعلى تلك الفئة التي تطالب بتطبيق القانون أن تكون واعية لبنوده وما يحتويه وبعد ذلك تنادي بأعلى صوتها ليتم تطبيقه على كل المخربين في البلاد، وعلى الجميع أن يفكر في الكف عن الأمور السلبية والدمار.
رأي اجتماعي
وترفض الباحثة الاجتماعية نورة الدوسري حشد الأطفال دون الثامنة عشرة من أعمارهم من قبل بعض المتطرفين للقيام بأعمال العنف، وخاصة أنهم في هذه السن تسهل قيادتهم، مشيرة إلى أن استمرار التصعيد بهذه الطريقة سوف يصل بنا إلى عنف غير مبرر لن نصل معه إلى حل.
وتكمل الدوسري: لقد أصبحنا على شفا بركان نتيجة التعصب الأعمى الذي أصبح يخرج لنا كل يوم فئة تدمر المجتمع، والدولة مطالبة بإيجاد حل، وان يقوم المتعقلون من الطرفين بالقيام بدورهم في توعية الشباب لان الحل لن يكون عن طريق التصادمات لان ذلك سيجر البحرين إلى حرب طائفية، ولا بد على كل بحريني أن يحرص على مصلحة الوطن، وان يكون له دور في هذه المرحلة، وبالتالي نحن نحمل الدولة خطأ عدم تطبيق القانون منذ البداية، مما جعل الأمور تتطور وتصل إلى هذه النتيجة التي ستؤدي بنا إلى طريق لا نعلم منتهاه، ولذلك فإننا نناشد الجميع إلى ضرورة ضبط النفس وعدم الرد على العنف بالعنف، وعلينا ان نذكر أننا أبناء وطن واحد وتربط بينا أواصر نسب وصداقة وجيرة وزمالة عمل، ولا يجب ان نصل بأنفسنا وبأوطاننا إلى هذه الهاوية.
وتضامنا مع الرأي السابق يؤكد الناشط الاجتماعي صالح بن علي رفضه بشده جميع الأحداث السلبية والأمور التخريبية، التي قام بها البعض في الفترة الأخيرة، وفي هذا السياق يقول: بلا شك ان أحداث العنف ستسهم في تدمير الاقتصاد والذي بدورة سيؤدي إلى قطع أرزاق الناس، لتكون النتيجة النهائية هروب الاستثمارات وارتفاع معدل البطالة، وهذا الأمر يجعلنا نفكر مليا في مستقبل الأجيال القادمة فيما لو استمر هذا الدمار، لأن الاقتصاد معرض للانهيار الحقيقي، خاصة بعد انسحاب عدد من الشركات الأجنبية من البحرين، وعلى الجانب الآخر فإن التخريب والتكسير والحرق له نتائج سلبية على صحة المواطن لما يسببه من امراض خطيرة حذرت منها منظمة الصحة العالمية.
دور عقلاء القوم
محسن العصفور (رجل دين) يقول: إن ما نشاهده من انفلات امني وعنف مما يمارس من الشباب من الجانبين يعتبر عنفا وفتنة طائفية، ويجب على عقلاء القوم أن يأخذوا بأيدي أولئك الذين أصبحوا يشكلون بؤرة تأزيم وإبعادهم عن مظاهر الحشد الطائفي البغيض بغرض إشعال حرب أهلية، حتى لا يكون الوطن هو الخاسر الأكبر، خاصة وأن الكل يعاني ويلات ما يحدث يوميا من قطع الطرق والتخريب والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة والذي يشكل استفزازا للجميع ويستدرج من لا يرتضي بأمثال هذه الأمور للدخول في مصادمات هنا وهناك والمشكلة إن تم تغييب صوت المنابر الدينية الإرسالية الوطنية وأصبحت تهدد لأنها تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر، لذلك على عقلاء القوم من الطائفتين كبح جماح الشباب عن ممارسة العنف للحفاظ على السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي والبعد عن ظاهرة البغض والحنق بين الطرفين.
.
مقالات أخرى...
- البحرين احتلت المرتبة الأولى إقليميا الحكومة الإلكترونية بالمملكة تماثل معايير الدول الرائدة - (13 أبريل 2012)
- بحريني وافتخر.. تجمع رائد لإبداعات بحرينية - (9 أبريل 2012)
- الخلاف بين وزيرة الثقافة والنواب.. كيف يراه الناس؟ الهجوم ضد ربيع الثقافة.. مفتعل ومتعمد - (6 أبريل 2012)
- قصة عمر.. تؤكد من جديد: الطائفية تجتاح مدارسنا - (4 أبريل 2012)
- على ضوء الأحداث الراهنة.. أطفالنا .. كيف يواجهون الأزمات؟؟ - (1 أبريل 2012)
- وداعا لعمليات القلب المفتوح.. القسطرة العلاج الأمثل بدون جراحة - (27 مارس 2012)
- الأحداث لم تنل من الإنجازات الحرين رائدة الحرية الاقتصادية والتنمية البشرية - (26 مارس 2012)
- سدرة العصافير.. صرح علمي نموذجي للنشء.. بلا ربح - (24 مارس 2012)
- قراءة في التعديلات الدستورية - (20 مارس 2012)