خبراء يؤكدون: أعضاء البرلمان المصري يفتقدون الخبرة السياسية
 تاريخ النشر : الاثنين ١٦ أبريل ٢٠١٢
القاهرة ـ ندى الشلقاني:
على الرغم من الأداء التمثيلي لأعضاء مجلس الشعب (الغرفة الأولى من البرلمان) المصري في الدورات السابقة، واتخاذ أعضائه مناصبهم السياسية فيه من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية، فإننا لم نشاهد على الساحة قط سيل المشادات التي حدثت في جلسات مجلس الشعب لعام ٢٠١٢ من دون الاعتبار لعرض هذه الجلسات على الهواء.
فبدأت أولى الجلسات بمشادة بين د.محمود السقا، رئيس الجلسة الافتتاحية لمجلس الشعب وأحد الأعضاء «الملتحين» يهاجمه بصوت عالٍ، من دون سبب مسبق، واتضح بعد ذلك أن هذه المشادة بسبب جلوس أحد النواب مكانه وأخذ كرسيه، وأن هذا النائب قد طلب إلى رئيس الجلسة أن يتدخل ليعيد إليه الكرسي، كأنهم داخل مدرسة وليسوا بقاعة مجلس الشعب.
وتليها المشادة التي حدثت بين السقا، ونواب البرلمان، عندما خرج النائب ممدوح إسماعيل عن نص اليمين الدستورية في أثناء قسمه، فغضب السقا بشدة وطلب إليه إعادة القسم.
والواقعة الشهيرة للنائب زياد العليمي الذي سب فيها رئيس المجلس العسكري، ومرة أخرى يسخر من مبادرة الشيخ محمد حسان بجمع أموال المعونة الأمريكية من الشعب المصري، والذي أثار حفيظة النائب مصطفى بكري وأثار ذلك مشادات حامية بين النائبين.
والأخرى التي حدثت بين بعض النواب ووزير التموين د.جودة عبدالخالق وهو يرد على طلبات الإحاطة الخاصة بقضية البطالة.
ورفع الأذان الذي حدث المرة الأولى في تاريخ جلسات مجلس الشعب من قبل النائب ممدوح إسماعيل الذي قوبل بهجوم من رئيس المجلس د. سعد الكتاتني ووصفه بمخالفة نظام الجلسة من دون استئذان مع استمرار النائب في رفع الأذان وثارت مشادات قوية على الهواء بين النائب ورئيس المجلس واتهمه بأنه فعل ذلك «للشو» الإعلامي والمزايدة وانه ليس أكثر إيمانًا من الأعضاء.
فلم تمر جلسة إلا وتشهد مشادات بين رئيس المجلس وبعض النواب أو بين النواب وبعضهم بعضا.
يعلق على هذه الظاهرة د.طارق فهمي أستاذ السياسة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة قائلاً: أداء أعضاء مجلس الشعب وممارستهم السياسية في تقديري يمكن وصفهما بأمرين، الأمر الأول ان نواب مجلس الشعب مقسمون إلى أربع شرائح، الاولى هم بعض نواب مجلس الشعب الذين كانوا معتقلين سياسيين سابقين وبالتالي ليس لديهم خبرة سياسية مباشرة، والشريحة الثانية أكاديميون سياسيون وأساتذة جامعات لم يمارسوا العمل السياسي، والثالثة بعض فلول وعناصر الحزب الوطني الذين يتوارون في المجلس تحت أسماء أحزاب جديدة. والفئة الرابعة التي لا تمارس العمل السياسي تحت أي مسمى من هذه المسميات، وفق هذه التوليفة التي يتشكل منها مجلس الشعب الراهن، تدور مهام المجلس وإطارها وبالتالي قلة خبرة النواب وعدم وجود نضج سياسي لديهم، وعدم وجود تنشئة سياسية كاملة، وسرعة دخولهم المجلس من دون أي ارتباطات أو ثقافة برلمانية أدى إلى ما نشاهده الآن في جلسات مجلس الشعب.
ويضيف د.طارق قائلاً: إن ما يحدث مرتبط بدورهم السياسي والمباشر في التعامل البرلماني وهي أسس تقوم بها البرلمانات في العالم التي ترتبط بإعداد الأعضاء والكوادر السياسية، وبالتالي ليس من الغريب أن نرى ما يحدث في مجلس الشعب من ممارسات قد تبدو غريبة، لكنها ترتبط مع من أين جاء هؤلاء الأعضاء وخلفيتهم وتربيتهم السياسية وتاريخهم السياسي، فكل هذه العوامل من الضروري أن توضع في الاعتبار عندما أقيم المجلس وأداءه.
ويرفض د.فهمي مقارنة مجلس الشعب الحالي بكل المجالس السابقة مضيفاً: إن التجربة مختلفة تمامًا بينهم لأن القضية ليست في أن يؤذن نائب في المجلس أو نشوب مشادات ولكن القضية تكمن في تفهم النواب أيا كانت اتجاهاتهم أن لديهم ممارسات سياسية جادة وحقيقية، وسوف يمر وقت طويل قبل أن نصل إلى الأداء الجيد في المجلس.
ويرى د.عمرو هاشم محلل سياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن ما يحدث في جلسات مجلس الشعب الآن ما هو إلا صدام بين النواب بسبب عدم معرفة كل منهم لدوره، فإلى الآن لا يوجد دستور، وهم يتخبطون في القرارات ويقدمون طلبات الإحاطة والاستجوابات من دون معرفة اختصاصات كل فرد في المجلس، بالإضافة إلى تعدد الأحزاب الموجودة داخل البرلمان، فهم ثلاثون حزبًا، فكيف لهم أن يتفقوا على أمر واحد؟
ويضيف د.عمرو قائلاً: إن مجلس الشعب في وجهة نظري ككراج السيارات فتزاحم السيارات فيه يؤدي إلى صدامهم، أما إذا كان الكراج به عدد قليل من السيارات فسوف تسير في سلام، هكذا البرلمان متعدد الأحزاب والفئات المختلفة، لذلك يتحتم التصادم، وأنا لا يرضيني ما يحدث إطلاقًا، فإلى الآن لم يصلوا إلى قرار واحد مفيد، بل في كل جلسة يجب أن نشاهد «خناقة» عنيفة بين رئيس المجلس والنواب وننجذب معهم في أحداثهم الهزلية من دون أي فائدة تعود على الشعب.
ويحلل د.صلاح هاشم الخبير السياسي هذه الظاهرة قائلاً: إن ما يحدث في جلسات مجلس الشعب من مهاترات ومشادات كلامية بين النواب، هو ظاهرة ليست موجودة في مصر فقط، بل منتشرة في بعض دول العالم وخصوصا الدول الأقل تطورًا ونموٌّا، لأنها مرتبطة بطبيعة الحوار المجتمعي والأيديولوجيات السياسية، المختلفة داخل المجتمع والغريب في البرلمان المصري أن هذه المشادات تحدث بين أشخاص ذوي خلفيات ثقافية واحدة وهم الأغلبية، بعكس ما كان يتوقعه الشعب من حدوث وفاق نظرًا إلى توحد توجهاتهم السياسية ذات المرجع الديني وهم الإخوان المسلمون.
ويضيف د.صلاح: إن هذه الظاهرة أيضًا عائدة من وجود حالة الانفلات الأمني والأخلاقي والفوضى الموجودة في المؤسسات الحكومية والسياسية المختلفة، وهؤلاء الأشخاص جاءوا من الميدان إلى البرلمان بنفس أخلاق البرلمان والصوت العالي والاعتراض من أجل الاعتراض فقط.خدمة (وكالة الصحافة العربية)
.
مقالات أخرى...
- محللون إسرائيليون يدعون إلى التريث قبل توجيه أي ضربة عسكرية إلى إيران - (15 أبريل 2012)
- الانتخابات الرئاسية المصرية وأبرز المرشحين في دائرة الجدلانتقادات للإخوان المسلمين بسبب قرارهم بالترشح لانتخابات الرئاسة - (13 أبريل 2012)
- مخاض الإسلاميين الجزائريين ينتظر الانتخابات التشريعية - (12 أبريل 2012)
- أسراب الطائرات المقاتلة بلا طيار ستغزو سماءنا تطوير أجيال جديدة من طائرات حربية مقاتلة بلا طيار - (12 أبريل 2012)
- ما الذي يمنع التدخل العسكري في سوريا؟ - (11 أبريل 2012)
- بين التحكمات الداخلية والخارجية: مصير العراق.. هل يحدده البعثيون؟ - (11 أبريل 2012)
- هل يبدأ سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط؟ - (9 أبريل 2012)
- بعد فوز موفاز بزعامة «كاديما».. ليفني كتبت نهايتها السياسية بيدها - (5 أبريل 2012)
- هل الرئيس الإيراني نجاد رئيس بلا سلطة فعلية؟ - (1 أبريل 2012)