الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٤٤ - الأربعاء ١٨ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٢٦ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

مخاوف إسرائيلية من تحول سيناء إلى قنبلة موقوتة

دعوات إسرائيلية للتوغل في سيناء واحتلالها





من خلال متابعة التحليلات والتصريحات الاسرائيلية المتعلقة بالوضع الامني في شبه جزيرة سيناء، يبدو جليا ان اسرائيل تخشى إلى حد كبير من تحول شبه الجزيرة الخاصرة الرخوة لها إلى قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في وجهها في كل لحظة، ولاسيما مع استفحال العمليات العسكرية على الحدود المصرية الاسرائيلية في الآونة الاخيرة.

فمع ضعف سيطرة الدولة المصرية على شبه جزيرة سيناء نظرا للتغيرات السياسية بعد سقوط نظام الرئيس حسني مبارك الذي كان يؤمن الحماية للحدود المصرية، ومع تنامي حركات تسلح وتجنيد البعض من بدو سيناء في ظل ضعف السيطرة والمراقبة الأمنيتين، قد تتحول سيناء بالفعل إلى جبهة محصنة ومدججة بالسلاح في وجه التحركات الاسرائيلية.

هذا وتروج اسرائيل لمزاعم وجود تنظيمات اصولية واسلامية متشددة في صفوف قاطني سيناء، كاعلانها أنه تم اكتشاف أكثر من ١٠ خلايا إرهابية في سيناء خلال الشهرين الماضيين فقط، معتبرة ان سيناء أصبحت بؤرة تهديد لها، وهناك اصوات في اسرائيل دعت إلى اعادة احتلال سيناء او إلى اعلان الحرب في حال لم تقم السلطات المصرية بضبط الوضع الحدودي.

«اورينت برس» راقبت ما يجري وكتبت:

مع تزايد عمليات إطلاق الصواريخ على إيلات وتفجير انابيب الغاز في العريش التي وصلت إلى ١٤ تفجيرا في مدة قياسية، يستعر الغضب الاسرائيلي مما يجري على الحدود مع مصر في سيناء، وسط دعوات عبرية متزايدة للسلطات المصرية لاعادة بسط سيطرتها. وتحاول اسرائيل بث الذعر في صفوف المجلس العسكري الحاكم في مصر من قيام التنظيمات المسلحة في سيناء بمهاجمة مراكز شرطة، أو بسط نفوذها على سيناء والعمل على إطلاق سراح سجناء، أو تهديد قوات حفظ السلام الدولية الأمر الذي قد يهدد المعونات الأمريكية لمصر فضلا عن السياحة في سيناء، وهي تريد من وراء هذه التصريحات ان تستفز المسؤولين العسكريين لاتخاذ تدابير امنية مكثفة.

الجدار العازل

وفي الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل بناء الجدار الامني على الحدود مع مصر بوتيرة عالية لمنع تسلل العناصر المسلحة لتنفيذ عمليات داخل العمق الصهيوني، يبدو الجيش الاسرائيلي عاجزا عن ايجاد حل لمنع إطلاق الصواريخ من شبه جزيرة سيناء باتجاه جنوب اسرائيل، ذلك أن الصواريخ تلتف على الجدار وتصل إلى العديد من المدن الإسرائيلية في الجنوب.

وفي أعقاب القصف الصاروخي الذي تعرضت له إيلات، صرح مسؤولون عسكريون إسرائيليون بضرورة ضبط الحدود مع مصر، وذلك عن طريق وضع استراتيجية جديدة تتضمن الاسراع في بناء سور بطول الحدود وتزويد القوات الإسرائيلية بأجهزة إنذار مبكر، كذلك رشاشات متوسطة وثقيلة العيار بعيدة المدى، فيما ذهب بعض الأنباء لأبعد من ذلك، حيث ذكرت القناة العاشرة الإسرائيلية أن القوات الجوية الإسرائيلية قد تنفذ ضربات جوية على مصدر إطلاق الصواريخ في سيناء.

وحسبما أفادت وسائل الإعلام الاسرائيلية، فإن الأخطار التي تواجه إسرائيل من شبه جزيرة سيناء لا تقف فقط عند إطلاق الصواريخ ولكن أيضاً التهريب الذي يشمل المخدرات والأسلحة، والهجرة غير الشرعية، وتسلل نشطاء حماس والجهاد من قطاع غزة إلى الحدود الإسرائيلية عبر سيناء.

وكانت معلومات قد تحدثت عن ان السلطات الإسرائيلية سمحت للسلطات المصرية بإدخال سبعة أفواج عسكرية إلى سيناء، مشيرة إلى أن هناك خططا جديدة مشتركة لتأمين خطوط الغاز التي تربط مصر بإسرائيل والأردن وذلك عن طريق تسيير دوريات امنية مصرية مسلحة وزيادة كمائن قوات الامن الثابتة والمتحركة في سيناء، ولاسيما بعد تفجيرها اخيرا المرة الرابعة عشرة على التوالي منذ سقوط نظام مبارك.

التدخل العسكري

على صعيد متصل، طالبت جهات اسرائيلية حكومة بنيامين نتنياهو بالقيام بعملية عسكرية موسعة في سيناء حتى لو كان الثمن هو العلاقات مع مصر وانهيار اتفاقية كامب ديفيد للسلام، مشيرة إلى أن إطلاق النار على إيلات من شبه جزيرة سيناء هو أول الغيث، ومؤكدة أن المصريين لن يفعلوا ما يجب أن تفعله إسرائيل.

وأشارت إلى أن المنظمات الفلسطينية الموجودة في قطاع غزة تفضل سيناء تحديداً لإطلاق عملياتها وصواريخها للأسباب التالية: عدم السيطرة المصرية المطلقة على المنطقة، والحافز المالي والإسلامي للعشائر البدوية التي تعرف جيداً منطقة شبه جزيرة سيناء ولديها استعداد لتقديم خدماتها لكل من يطلب ويدفع، وكذلك إدراك البدو أن إسرائيل لن تجرؤ على العمل داخل سيناء لإحباط أنشطتهم خوفاً من التورط في تصعيد سياسي وعسكري مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية في ظل شارع مصري يملي عليه تصرفاته أحزاب إسلامية تسيطر على الساحة السياسية.

مضيفة انه «اذا لم ترد إسرائيل في الوقت القريب بحزم وبشكل رادع على إطلاق الصواريخ من سيناء، وإذا لم تحبط تلك الأنشطة، فسرعان ما ستجد نفسها في وضع مشابه لوضع القطاع بعد الانسحاب الإسرائيلي في عام ٢٠٠٥»، متهمة «حماس» والجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية بامتلاك صواريخ ثقيلة وطويلة المدى من طراز «غراد» المتطورة وكذلك صواريخ «فجر ٥» الإيرانية، ومن السهل جدا على حد تعبيرها نقلها إلى سيناء عبر الأنفاق من دون أن يعلم أحد، مشيرةً إلى أن هذا معناه أن إيلات والمستوطنات الاسرائيلية في وادي عربة لم تعد المنطقة الوحيدة التي تواجه الخطر إنما مستوطنات نيتسانا ومناطق أخرى.

كما تحدثت هذه الجهات الاسرائيلية عن وجود اسلحة مهربة من ليبيا إلى سيناء بعد انهيار نظام العقيد معمر القذافي.

رأي آخر

اما فريق اسرائيلي آخر فيرى ضرورة التعاون مع السلطات المصرية حول كيفية احباط الهجمات الصاروخية والرد على إطلاق النار من سيناء على إيلات ووقف العمليات الإرهابية الحدودية من دون تدهور خطر في العلاقات مع مصر، ومن دون المجازفة باتفاقية كامب ديفيد الصامدة حتى الآن.

وأكد هؤلاء أن إسرائيل إذا أقدمت على تنفيذ عملية كهذه ستكون في حاجة إلى ثلاثة عناصر أساسية: أولها منظومة جدران فعالة (وتلك تم إنجاز نصفها حتى الآن)، وثانيها جمع معلومات دقيقة من الجو والبر داخل سيناء مما يعني حفز عمل الاستخبارات الاسرائيلية في سيناء، وثالثها القدرة على العمل جوا وبرا وبحرا أيضاً لضرب خلايا الإرهاب وإحباط إطلاق الصواريخ على إسرائيل مثلما هو الحال في غزة بعد فك الارتباط.

ويعتبر الاسرائيليون انه من المنطقي الافتراض أنه عندما يكتمل بناء الجدار الأمني على الحدود مع مصر سيقل بشكل كبير خطر الاختراق وتهريب الأسلحة، لكن قصة الصواريخ مختلفة تماماً، وبالتالي إذا لم تعمل إسرائيل داخل شبه جزيرة سيناء فلا قيمة للجدران والمجسات الإلكترونية المنشورة هناك.

التوتر مع البدو

وتخشى اسرائيل من التوتر القائم بين الحكومة المصرية وبين البدو الذي يهدد شبكة العلاقات الهشة بين اسرائيل ومصر، ولاسيما بعد أن احتلت عناصر مسلحة قسمي شرطة في العريش وفي الشيخ زويد، فضلا عن ان هذه العمليات لا تدع للقوات المصرية الوقت الكافي لوقف تجارة الانفاق التي تجري بين سيناء وغزة.

هذا وتعترف السلطات المصرية بأنه بدون التعاون مع العشائر البدوية لن تنجح أي عملية عسكرية، ولكن مثل هذا التعاون يحتاج إلى استثمار مقدرات اقتصادية هائلة بدءا باقامة خطوط مياه، شبكة كهرباء، بناء مدارس وبالاساس إيجاد اماكن عمل في المنطقة التي يصل معدل البطالة في بعض من التجمعات السكانية إلى ٩٠ في المائة، فمنذ ان اسقط نظام مبارك وعينت حكومات مدنية من قبل المجلس العسكري سمع بدو سيناء الذين يعدون نحو ٣٦٠ ألف نسمة، تصريحات ووعوداً عديدة عن نية الحكومة تحسين أوضاعهم. ولكن حتى الان عقدت عدة لقاءات مع رؤساء العشائر أما الاستثمارات الحقيقية فلم تأت، وبدونها ستواصل العشائر التهريب كي تعيش.











.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة