الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥١ - الأربعاء ٢٥ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٤ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

المال و الاقتصاد

فسخ عقد الغاز مع إسرائيل يوفر لمصر ٧٠٠ مليون دولار سنويا
خبراء يصفون القرار بـ«الغامض» وانقسام حول موقف التحكيم الدولي





أثار قرار وقف تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل جدلا كبيرا في عدة نقاط، حيث وصف بعض الخبراء القرار بـ«الغامض»، وأنه لم يحسم القضية بشكل نهائي، فيما إذا كانت مصر ستعيد ضخ الغاز مرة أخرى لإسرائيل في حالة وفائها بالتزاماتها المبرمة في العقد بين البلدين، أم أنه قرار نهائي لا يحتمل الرجوع فيه، مؤكدين أن فسخ عقد الغاز مع إسرائيل سيوفر لمصر ٤ مليارات جنيه سنوياً (حوالي ٧٠٠ مليون دولار).

ولم يتوقف الجدل عند ذلك الحد، لكن انقسمت الآراء حول قرار وقف تصدير الغاز لإسرائيل «تجاريا» أم «سياسيا» يسعى الى إلهاء الرأي العام عن قضايا داخلية تشغل الشارع، فيما اتفق آخرون تحدثوا إلى «بوابة صحيفة الأهرام الإلكترونية» على أن القرار يمثل مكسبا كبيرا لمصر من الناحية الاقتصادية.

أكد المهندس عبدالله غراب‏ وزير البترول أن الإجراء الذي تم في شأن عقد تصدير الغاز الموقع بين الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية مع شركة غاز شرق البحر المتوسط‏ (EMG)‏.

وهي شركة منشأة طبقا للقانون المصري يعد استخداما لما تنص عليه بنود التعاقد في حالة إخلال أحد الأطراف وهو ما تحكمه بنود التعاقد كعلاقة تجارية بين شركات ولا تحكمه أي اعتبارات سياسية ولا يعكس أي توجهات للدولة.

كما أكد المهندس هاني ضاحي رئيس هيئة البترول أن الموضوع تجاري بحت وأنه قد تم إخطار شركة شرق المتوسط (EMG) أكثر من مرة بوجوب سداد ما عليها من متأخرات مالية وكانت آخر مهلة لسداد هذه المتأخرات هو يوم الثامن عشر من شهر إبريل الحالي ولم تقم الشركة بالسداد وهو ما ترتب عليه إيقاف إمدادها بالغاز.

وأضاف ضاحي أنه في حالة ما إذا طلبت (EMG) سداد ما عليها من متأخرات سوف نقوم بدراسة الأمر من الناحية القانونية مشيرا إلى ان المسألة لا تتعلق بأي استثمارات أجنبية موجودة الآن في مصر وإنما يخص العقد ذاته، جدير بالذكر أن آخر مرة تم تصدير الغاز فيها لإسرائيل كانت منذ شهر ونصف الشهر بسبب ضرب خط الغاز المؤدي الى إسرائيل للمرة ٤١ على التوالي منذ قيام ثورة ٥٢ يناير.

ومن ناحية أخرى جاء إخطار الشركة القابضة للغاز لشركة شرق المتوسط بإلغاء عقد تصدير الغاز المصري لإسرائيل ليضع نهاية لمسلسل نزيف ثروات مصر الطبيعية، وذلك بعد دراسة قانونيه مستفيضة على مدى الشهور الماضية مع وضع جميع السيناريوهات المحتملة لرد الفعل الإسرائيلي.

في البداية أكدت الدكتورة سميحة القليوبي، أستاذ القانون التجاري بجامعة القاهرة، أنه لن يجوز إعادة ضخ الغاز المصري الى إسرائيل مرة أخرى سوى بإبرام عقد جديد عن السابق، وأوضحت أن الأموال التي تم تصدير الغاز بها إلى إسرائيل، ولم تتلق منها مصر شيئا أصبحت بمثابة «دين» في رقبة إسرائيل.

ومن جانبه أشار الدكتور عبدالرحمن صبري، المستشار الاقتصادي إلى أن توقف ضخ الغاز لإسرائيل يجعلها تتكبد تكاليف أكبر من قيمة الغاز المقرر أن تدفعها، حيث تلجأ الى استخدام الفحم في تلك الأوقات، الذي يتسبب في أضرار بيئية بالغة لديها.

وفي سياق متصل، أكد صبري أنه على الرغم من أن قرار وقف تصدير الغاز لإسرائيل تجاري واقتصادي، فإنه ذو أبعاد سياسية، ويندرج في إطار التصريحات المتبادلة بين مصر وإسرائيل، التي اتسمت بعدم الودية قبل صدور هذا القرار بإعلان إسرائيل أن سيناء أصبحت خارج السيطرة، مضيفا أنه لا يجب اعتبار هذا القرار كنوع من المصادمات السياسية بين مصر وإسرائيل.

وقال الدكتور عادل مبروك، الأستاذ بكلية التجارة ومستشار رئيس جامعة القاهرة «إذا لجأت إسرائيل إلى التحكيم الأوروبي، فأعتقد أن موقف مصر سيكون الأضعف، وخاصة أن مصر في الخمس سنوات الأخيرة لم تكسب أي قضية تحكيم دولي دخلت فيها»، وأشار إلى أنه من المتوقع أن تجلس مصر وإسرائيل وتعيدان النظر في القرارات، وسيحاول كل طرف الحصول على أكبر كم من المكاسب.

أما الدكتور إبراهيم العناني، أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، فاعتبر أن ما بين مصر وإسرائيل عبارة عن عقد بين شركتين إذا توافرت شروط إلغائه فمن حق الطرف المتضرر إنهاء هذا العقد، وأنه إذا أخلت إسرائيل في الوفاء بالتزامها تجاه مصر، فهذا يعطي الجانب المصري صلاحية وقف التصدير.

وأكد العناني أن مصر لديها سبب قانوني قوي في اتخاذ هذا القرار، إما الخلل في بنود العقد من الجانب الإسرائيلي وإما حدوث تغير قوي يؤدي إلى ضرر لمصر إذا استمرت في العقد.

وألمح أستاذ القانون الدولي، أنه سيكون للقرار تداعيات سياسية ستحاول إسرائيل أن تمارس ضغطا سياسيا على مصر لدفعها للرجوع في القرار، أما إذا أوفت إسرائيل بالتزامها سيستوجب ذلك توقيع عقد جديد بين الطرفين يضمن لمصر شروط جديدة تصب في مصلحتها.

ومن جانبه يرى الدكتور علي السلمي، نائب رئيس الوزراء السابق، أن العمليات المتاحة تشير إلى أن مصر استخدمت حقها نتيجة تقاعس «الوسيط» وهي شركة الشرق الأوسط «بتنفيذ المعاهدات».

وأوضح السلمي أن اللجوء إلى التحكيم الدولي من جانب إسرائيل لا يخوفنا لأن فسخ العقد لم يكن متعمدا، لأن مصر لديها مقومات قانونية لأن حقوقنا مهدرة.

وأشار السلمي إلى أن المطالب السياسية ترحب بهذا الإجراء وتدعمه، لأن إلغاء العقد لن يكون له تأثيرا سلبيا على الاقتصاد المصري كما يعتقد البعض، وأن الآراء المعارضة تحتمل إيجابيات وسلبيات، إلا أن الوضع الراهن هو الفيصل وهو نشوء سبب قوي يستدعي فسخ العقد في ظل أزمات داخلية تواجهها مصر بسبب نقص الغاز المستمر.

واتفق معه في الرأي حسن شافعي، عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال، الذي أوضح أن فسخ عقد تصدير الغاز مع إسرائيل تأخر كثيرا، لأن مصر تكبدت المليارات على مدار السنوات الماضية، بفضل تصدير الغاز لإسرائيل بأقل من نصف الأسعار العالمية.

وأشار شافعي إلى أن مصر لا تحتاج الىتصدير الغاز لأن لديها مشكلة مزمنة في الغاز والوقود وتستورد بقيمة ٨ مليارات دولار منتجات بترولية سنوياً، بينما تحصل مصر من إسرائيل على أقل من مليار سنوياً، ولو تم وقف التصدير لإسرائيل تستطيع مصر على الأقل توفير ما يقرب من ٤ مليارات جنيه سنوياً.

وتابع عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال، أن فسخ العقد ليس لأسباب سياسية، لأن إسرائيل توقفت عن أداء التزامها ولم تسدد ما قيمته ١٠٠ مليون جنيه في أقل من ست شهور، والعقد يضمن لأي من الطرفين حق الفسخ في حالة إخلال الطرف الآخر بأي من التزاماته.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة