الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥٤ - السبت ٢٨ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٧ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


ترحيب أمريكي أوروبي بالخداع الصهيوني





الوقائع المادية على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عدوان الخامس من يونيو عام ١٩٦٧ وحدها كفيلة بتكذيب التصريحات كافة التي تخرج عن قادة الكيان الصهيوني وتتحدث عما يسمى عملية «السلام» مع الطرف الفلسطيني، فالعدو الصهيوني ومنذ أن نجح في التهام ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية فإنه يواصل وبخطوات ثابتة تنفيذ مشروع إيجال آلون الذي شغل خلال الفترة من ١٩٦٧إلى ١٩٦٩ منصب نائب رئيس الوزراء ووزير للهجرة في الكيان الصهيوني وصاحب نظرية «أمن إسرائيل»، وهي النظرية التي تقوم على جعل قيام دولة فلسطينية مستقلة أمرا في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلا، وهذا بالضبط ما يحدث الآن، فالأراضي الفلسطينية التي احتلت في أعقاب عدوان الخامس من يونيو قطعتها المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية إلى مناطق مبعثرة من المستحيل أن تتواصل فيما بينها بوجود تلك المستوطنات.

في ظل هذه الحقائق القائمة على الأرض، فإن حديث رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو عن «قبول» الكيان الصهيوني بدولة فلسطينية مترابطة الأطراف، ليس سوى حديث علاقات عامة يأتي مباشرة بعد إعطائه الشرعية لثلاث بؤر استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة رغم رفض المحكمة العليا «الإسرائيلية» إجازتها قانونيا، التي ووجهت «بانتقادات» من جانب حلفاء الكيان الصهيوني بمن فيهم الولايات المتحدة الأمريكية التي يعلم الجميع أن دعمها المطلق والأعمى للسياسة العدوانية التي ينتهجها الكيان الصهيوني هو السبب وراء ما وصلت إليه الأوضاع في المنطقة من تأزم وانسداد كامل لقنوات البحث عن حلول على أساس الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

فالهدف الحقيقي من تصريحات رئيس وزراء العدو الصهيوني هو إبعاد أنظار المجتمع الدولي عن أحدث جريمة استيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (البؤر الثلاث)، فهناك حقيقة يعرفها الجميع أنه بعد كل جريمة ترتكبها السلطات الحاكمة وتثير استياء داخليا أو خارجيا، فإن هذه السلطات تكون بحاجة إلى الإتيان بفعل أو تصريحات مثيرة بحيث تبعد الأنظار وتشتتها عن تلك الجريمة، وهذا بالضبط ما ينطبق على جريمة البؤر الاستيطانية الثلاث باعتبارها أحدث جرائم القضم التدريجي للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وهي الأراضي التي يفترض أنها تشكل العمود الفقري للدولة الفلسطينية المستقلة الكاملة السيادة.

رئيس وزراء الكيان الصهيوني هو من تعهد بالتصدي لاتفاقيات أوسلو معتبرا إياها «مجحفة» بحق «إسرائيل» وبالتالي فإن تصريحه الأخير حول الدولة الفلسطينية المترابطة ليس سوى استهلاك إعلامي في الوقت الذي تتصاعد فيه أعمال الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أمام مرأى وصمت العالم أجمع، ونتنياهو يعرف جيدا ان هناك غطاء أمريكيا أوروبيا لجميع الجرائم الاستيطانية في الضفة الغربية، ويعرف جيدا أيضا أن التصريحات التي تصدر عن هذا المسئول الأمريكي أو ذاك الأوروبي، هي الأخرى لا تعدو أن تكون محاولة لإبعاد شبهة الدعم الأمريكي والأوروبي لهذه الجرائم.

فالعالم كله يعرف، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، وهما الطرفان الدوليان الأكثر تأثيرا في سياسة الكيان الصهيوني، إن أرادا طبعا، يعرفان أن الطريق إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والمترابطة الحدود، كما يدعي نتنياهو، تكمن في تطهير الضفة الغربية من جميع المستوطنات الصهيونية التي شيدت بعد عدوان الخامس من يونيو عام ١٩٦٧، وهي الحدود التي قبل بها الطرف الفلسطيني متنازلا عن الحقوق التاريخية المشروعة في فلسطين، فهذه الدول «تدين» سياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة لكنها تعزف عن استخدام الآلية الدولية الكفيلة بوقفه.

الأطراف المذكورة تعرف هذه الحقيقة وتعرف أن تطبيق قرارات الشرعية الدولية هي القاطرة التي يمكن أن تنقل الدولة الفلسطينية المستقلة من حالة الوعود إلى الأمر الواقع، ولهذا فإن هذه الدول لا تتحدث عن أهمية وضرورة تنفيذ تلك القرارات ولا تسعى أبدا إلى تفعيل دور المنظمة الدولية ومجلس الأمن لإرغام العدو الصهيوني على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية، بل على العكس من ذلك فإنها تعمل على توفير الحماية للعدو للإفلات من أي ضغوط دولية، ففي قاموس هذه الدول لا يوجد ما يعرف الفصل السابع من قرارات مجلس الأمن الدولي، فهذا الفصل مخصص للدول التي ترفض ركوب قطار الخنوع الأمريكي.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة