الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥٥ - الأحد ٢٩ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٨ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير


حين تتحول جمعية سياسية إلى بؤرة لاحتضان الإرهاب





} حين يقول علي سلمان أمين عام جمعية الوفاق:

«إما الإصلاح وإما أن العنف سيزداد»، فإنه هنا لا يحلل الوضع كما يريد أن يوحي وإنما هو يهدد بمزيد من العنف ما لم تتم الاستجابة للمطالب التي يرفعها والتي لا يتوافق عليها الشعب البحريني وخاصة مع تنفيذ مرئيات الحوار الوطني.

هو هنا يمارس الابتزاز بشكل مكثف ووقح لأنه ينفي أن هناك إصلاحا في البحرين رغم المشروع الإصلاحي والانفتاح السياسي الكبير، ورغم التعديلات الدستورية ورغم عشرات بل مئات المنجزات التي تم تحقيقها في عشر سنوات، وفي المقابل فهو يهدد بازدياد العنف، لماذا يفعل ذلك؟ ولماذا يقول ذلك؟

لأنه باختصار يعمل على تحقيق رؤية سياسية فئوية بعينها، ويطالب بمطالب محددة يعرف مسبقا نهاياتها، ولأنه يستند في ذلك إلى واقع العنف والإرهاب اللذين تمارسهما جماعات لا تخرج في النهاية كثيرا عن عباءة جمعيته أو عباءة المرجعية الدينية التي تسيره وتسير مع مرجعيات أخرى بقية التشكيلات المتطرفة غير المرخصة.

} ولطالما استفاد هو واستفادت جمعيته والجمعيات التابعة له التي تدعي الانتماء إلى التيارين اليساري والقومي من عنف الشارع، ومن ابتزاز الوطن به منذ تأسيسها حتى وصلنا بعد أحداث ١٤ فبراير وانقضاء السلامة الوطنية إلى التصاعد في العمل العنفي، وصولا إلى الإرهاب المنظم والممنهج.

وجمعية الوفاق وأتباعها من جمعيات (البصم) إلى جانب التشكيلات المتطرفة التي تقود الإرهاب تحت مسمى «حراك ١٤ فبراير»، جميعها ما بين تبني الإرهاب ودعمه وما بين الدفاع عن أصحابه حين يطولهم القانون أو يتم التعامل معهم بإجراءات أمنية مخففة كاستخدام مسيل الدموع حتى ازداد عدد الإصابات الخطرة باستهداف رجال الأمن، ورغم ذلك تبلغ الجرأة بهذه الجمعية إلى أن ترفع قضية على وزارة الداخلية حول استخدام مسيل الدموع، وتتجاهل تماما حجم العنف والإرهاب اللذين تتم ممارستهما في الشارع، وعلى الآمنين في بيوتهم، وان الإجراء الأمني هو رد فعل وليس فعلا على التخريب والعنف، بل تتجاهل ما استعرضته سابقا، وما تستعرضه من مليشيات مما يجعلها جمعية سياسية «نادرة تماما في نوعها»، ولا يوجد مثيل لها في أي بلد في العالم كله، حيث لم نر ولم نسمع قط عن معارضة سياسية إصلاحية، كما تدعي تتبعها مليشيات مدربة وتستند إلى الإرهاب لتحمي بهما أجندتها ولا تقبل الحوار الوطني إنما (التفاوض) مع الدولة كأننا أمام دولة في مواجهة دولة أو في حرب عسكرية أو صراع بين بلدين يتم فيه اختبار القوى، وبالتالي يطلب أحد الطرفين التفاوض حينما يرى فشل إمكانيته على تحقيق ما طرحه من مطالب عبر الحرب.

} ولأننا انتهينا منذ زمن أعقب الأحداث بفترة وجيزة من أن الوفاق وأتباعها ومشتقاتها من تشكيلات غير مرخصة هي ليست بالجمعيات السياسية لأن خلفياتها التي تستند إليها مليشياوية وإرهاب وعنف وتخريب، وليست إصلاحية لأنها تعمل على إسقاط النظام ونسف كل ما هو موجود من أسس راهنة في الدولة والنظام والدستور عبر العنف وليست وطنية لأنها مع سقوط الأقنعة وانكشاف المخططات اتضح بما لا شك فيه حجم تورطها في أجندات إقليمية طائفية وأجندات غربية وبالطبع هي ليست (سلمية) فممارساتها على أرض الواقع تكشف حقيقتها وحقيقة أدواتها وهويتها، وليست (عروبية) فهي لا تستطيع النطق بكلمة العربي لتقرنها بمسمى «الخليج»، وليست (شعبية) لأنها مرفوضة اليوم بل منبوذة من مكونات الشعب البحريني بمن فيه قطاع كبير من الطائفة التي تنتمي إليها، وليست (ديمقراطية) لأن الخط الولائي الدكتاتوري الذي تتبعه والمتمثل في «الولي الفقيه» عيسى قاسم لا يجعل بينها وبين الديمقراطية أي صلة، وهي ليست (مدنية) فأسس تكوينها هو طائفي بحت وبما يتنافى مع الأسس المدنية، وهي ليست كل ما تدعيه بعد ذلك أيضا.

فماذا هي إذاً؟ وماذا بقي منها ليتناسب مع الدستور والقانون في البحرين في ظل الإصلاح والديمقراطية اللذين تشكلت هي وغيرها في أجوائهما مع الانفتاح السياسي الذي شرعه جلالة الملك للمساهمة في بناء الوطن ونهضته وليس تدميره؟

} الوفاق وجمعيات البصم والأخرى غير المرخصة هي اليوم للأسف تمارس كل المتناقضات وترفع كل الشعارات التضليلية وتستفيد من كل الحريات المتاحة لتمارس أجندتها السياسية والإعلامية والمليشياوية بهدف الانقلاب على كامل الحياة في البحرين وليس فقط الانقلاب على النظام وبدعمها أو حتى بدفاعها عن ممارسات العنف والتخريب والإرهاب منذ سنوات طويلة، هي باختصار بؤرة احتضان الإرهاب في البحرين لأنها كما قلنا في مقالات سابقة تستند اليوم إلى ذلك الإرهاب وتقويه، وما مسيراتها المستديمة إلا للتغطية على نفسها وعلى حقيقة هويتها الداعمة للإرهاب، وإظهار نفسها بمظهر السياسي الذي لديه مطالب إصلاحية في ظل المشروع الإصلاحي، وهي بذلك تضحك على نفسها قبل أن تضحك على الآخرين الذين اكتشفوا كامل هويتها وأجندتها بل ألاعيبها وفنون احتيالها.

} فإذا أضفنا إلى ما سبق أن هذه الجمعية لا تمثل حتى طائفتها التي اختطفت تمثيلها فإنها بوجودها الشرعي تشرعن اليوم أمرين خطرين:

الأول: ان ما يحدث في الشارع من عنف وإرهاب إنما هو حرية تعبير لتحقيق مطالب بعينها، وهي بالتالي تلقي بعباءتها السياسية على الإرهاب إلى جانب أنها تستفيد منه للغرابة.

الثاني: انها تتيح للخارج الإقليمي والأمريكي والدولي أن يستغل مشروعية وجودها للعب بها باعتبارها معارضة إصلاحية للتدخل في الشئون الداخلية في البحرين، ومؤخرا لم يكن اعتباطا أن تطالب هذه الجمعية على لسان أحد قادتها ب(الحماية الدولية)، تخيلوا إلى أي مواصيل وصلت.

} هي إذاً بؤرة خطرة لأكبر خطرين يهددان البحرين اليوم: حماية الإرهاب والدفاع عن أصحابه، وجلب الأجنبي إلى بلادنا للتدخل في شئونها، والوقائع في ذلك كثيرة، بل طلب الحماية الدولية بعين قوية اعتادت كل ما يضر بالوطن وبمصالحه ولن نزيد في هذا.

ومطلب حل هذه الجمعية وأي جمعية أخرى تجلب المخاطر للوطن وتضرب في أمنه واستقراره وتعايشه السلمي هو مطلب شعبي اليوم فالبحرين بخير من دونها ومن دون شرورها التي لن تتوقف قط.

ومطلب سحب الجنسية ممن لا ينتمي انتماء وطنيا صريحا وواضحا إلى هذا البلد هو مطلب قانوني بدوره وخاصة إذا اقترن مع الإرهاب.

ولا شأن بهذا المطلب بالطائفة الشيعية التي هي أكبر المتضررين أيضا من هؤلاء، وعلى هذه الطائفة أن تُخرج (بضم التاء) إلى أرض الواقع السياسي من يمثلها تمثيلا حقيقيا في إطار الانتماء إلى الوطن والانتماء إلى الخليج العربي، وممارسة السياسة في إطارها الصحيح إصلاحيا وديمقراطيا وبعيدا عن أي أجندات خارجية.

أما غير ذلك فهو مضيعة للوقت، وإتاحة الفرصة لزيادة المخاطر على هذا البلد الذي تستهدفه الحيتان الكبيرة، وللمفارقة أيضا قد يكون هناك حيتان بحر حقيقية من النوع الشرس تجوب بعض المياه الإقليمية للبحرين أول مرة.

اللهم ابعد عنا كل الشرور.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة